رحمك الله يا "عبدالله بن عبدالعزيز" فقد كنت أبا شفيقا لصغيرنا وأخا صديقا لكبيرنا وقائدا رفيقا بوطنك وأمتك. شمخت بنا بقيادتك وسموت بنا بمهابتك، حكمت فعدلت ونصحت فأخلصت وحذّرت فصدقت، وها هي الدنيا كلها تشهد بحضورك في غيابك. كيف يرحل المقيم في جوانحنا وهو من قاد سفينة التنمية لترتفع شواهد البناء في الأرض الطيبة، وتتسامى القامات السعودية آمنة مطمئنة في عصر الفتن والتناحر. كيف يغيب عبدالله بن عبدالعزيز وهو المقيم في ضمائرنا يردّد ونردّد معه" دامكم بخير فأنا بخير".
ولأن الموت حق فلا حق غير قول الحق" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية". رحمك الله يا من رعيت الحرمين وأكرمت العلم والعلماء، ورفعت راية الحق بالحق وطلبت من الله حسن الخاتمة وألححت في الرجاء. وها أنت اليوم إلى جوار من أحسن خاتمتك في يوم الجمعة العظيم. طلبتنا -وأنت توصي خلفاءك علينا-ألا ننساك من الدعاء فنسأل الله أن يكرمك بغفرانه وأن ينزلك الفردوس الأعلى من جنانه.
قدر الوطن الكبير في أن يعيش مع مصابه الكبير ولكن لأنه وطن الرجال والقامات الشامخات فلا سلوان في مصابنا إلا طمأنينتنا في توفيق الله لنا فإن غاب عنّا قائد عظيم عوضنا الكريم المنعم بقادة عظام، وان رحل رمز كبير تنادت الرموز والهامات العاليات لإتمام المهمة واستكمال المسيرة. ما أعظم موت الكبار وما أكبر غياب العظماء هذه هي الصورة التي لخصتها مشاهد الحشود والوفود وهي تتدافع للتعزية والمواساة.
هنا وطن عظيم يلملم حزنه العظيم ورجال عظام يتصدون للمهام الجسام هذه بلادي. وها هو سلمان بن عبدالعزيز ملكا وخادما للحرمين الشريفين يدشّن عهده ووعده بكلمات غاليات "إنني، وقد شاء الله أن أحمل الأمانة العظمى، أتوجه إليه سبحانه مبتهلاً أن يمدني بعونه وتوفيقه، وأسأله أن يرينا الحق حقاً، وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه". عبارات خالدات قالها "سلمان بن عبدالعزيز" بلا تاج ولا صولجان قالها متذللا لربه وهو يرثي الراحل العظيم ويتصدى لمهمته التاريخية ومسؤوليته الشرعية متوكلا على رب كريم.
هذه بلادي معادلة سعودية عربية، ومسؤولية إسلامية وعالميّة تجلّت فيها مهابة الوطن وقدر من يقودها ويحمل رسالتها ليعلنها "سلمان " دورا متأصلا بشرف مكان ومكانة بلاده ومسؤوليتها: "سنواصل في هذه البلاد -التي شرفها الله بأن اختارها منطلقا لرسالته وقبلة للمسلمين - مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا".
وطن يبايع ورجال يتعهدون حمل الأمانة بلا ضجيج ولا جلبة، هنا "سلمان" ملك البلاد وخادم الحرمين يعلن النهج والمنهج: "سنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها". وها هو الأمين "مقرن بن عبدالعزيز" على يمين أخيه وليّاً وفيا على العهد العظيم، والى جواره الجهبذ "محمد بن نايف" ركنا متينا لحاضر ومستقبل الولاية العظمى.
اللهم سدد رأيهم، وأصلحهم وأصلح بهم، وأعزّهم وأعزّ بهم ووفقهم لما فيه صلاح البلاد والعباد.
* مسارات
قال ومضى: يا من على العرش استوى احفظ بلادي من كل ذي هوى.
د. فايز بن عبدالله الشهري
جريدة الرياض
وطن ورجال.. هذه بلادي
العرض العادي
