الشورى - نقد بلا حلول

من المرات النادرة، إن لم تكن المرة الأولى التي يرتفع فيها صوت مجلس الشورى بنقد شديد الحدة والقسوة لجهة حكومية، شاء الحظ العاثر لوزارة الإسكان أن تكون تلك الجهة. وهي في كل الأحوال وزارة ترشقها سهام النقد من كل المواطنين منذ اتضح أنها تعمل بلا رؤية واضحة أو استراتيجية عملية لحلحلة مشكلة السكن المتفاقمة، ولكن عندما ينتقدها بعض أعضاء مجلس الشورى بلغة كالتي قرأناها قبل يومين في كل الصحف تقريبا، فإن الوزارة تواجه موقفا صعبا لا بد لها من التعامل معه بجدية تامة وشعور كبير بالمسؤولية.
لقد وجهت للوزارة اتهامات بالتضليل والكذب في بيانات رسمية والوقوع في شبهة فساد بهدر مبلغ غير معقول في عقد مع شركة استشارية يفوق أضعاف رأسمالها ويقترب من ثلث المبلغ المرصود لمشاريع الوزارة، وأن الوزارة لم تنجز أكثر من 10 في المئة من الاحتياج السنوي المفروض إنجازه، إضافة إلى غياب معلومات مهمة في تقاريرها وتضمين إحصاءات مغلوطة، والتسبب في توريط المواطنين في قروض مصرفية غير عادلة. ليس هذا فحسب، وإنما توجيه أصابع الاتهام بالتحديد للوزير ونائبه والقياديين في الوزارة بالتسبب في الخلل الذي يعتري إدارة ملف الإسكان.
إنها اتهامات كارثية عندما تلحق بوزارة مسؤولة عن إيجاد الحلول لمشكلة وطنية كبرى، وفرت لها الدولة مئات المليارات وانتزعت لها الأراضي وقدمت لها كل التسهيلات. قد لا تكون مثل هذه الاتهامات خطيرة عندما تأتي من جهات أخرى، ولكنها عندما تقال في مجلس الشورى، فإن القضية تختلف كثيرا، ولا بد من تفنيد حيثياتها، وتشريح كل جوانبها بشفافية تامة.
وإذا كنا نحمد لمجلس الشورى تضامنه مع المواطنين بمثل هذا التفاعل الشديد والصريح، فإننا لا بد أن نقول للمجلس إن هذا لا يكفي، فالنقد وحده لا يفيد إذا لم يصاحبه تصور للحلول الحقيقية. وعندما يكون في المجلس متخصصون وخبرات متمكنة في كل المجالات، فلماذا لم يبادر أعضاء لجنة الإسكان بوضع تصور للطريقة الصحيحة التي يجب أن تعمل بها وزارة الإسكان قبل أن يصل الوضع إلى درجة الأزمة واستعصاء الحلول.
إن دور مجلس الشورى ليس كشف الأخطاء فقط، ولكن تصحيحها. أما هذه العاصفة التي اجتاحت الوزارة، فلا بد لنا أن نعرف كيف ستتعامل معها. أليس كذلك يا وزارة الإسكان؟

حمود ابو طالب
عكاظ