مؤخرا استنكر الإعلاميون والمواطنون في المنطقة الشرقية، وفي عموم المملكة، وقوع خطأ طبي للإعلامي محمد الثبيتي الذي وافته المنية، رحمه الله وصبر أهله، بعد تعرضه لخطأ طبي في مستشفى الدمام المركزي إثر إجراء عملية وصفت بالعملية (البسيطة). الحكاية، طبعا، تطول بين تعرضه لصعوبة في التنفس وعدم تمكن الكادر الطبي الموجود من إدخال أنبوب أكسجين عبر الفم ثم استدعاء طبيب مختص ليقوم بهذا العمل، إلى آخره من ترهات المستشفيات التي لم تبدأ عند الثبيتي ولن تنته عنده.
عشنا ومانزال نعيش مسلسل الأخطاء الطبية في المستشفيات إلى درجة أن الأمر أصبح عاديا ومتداولا مثله مثل أخبار أسعار الطماطم والبيض. وكل يوم نفجع بموت أحد أقاربنا أو أصدقائنا أو أعزائنا بينما لا نسمع سوى جعجعة من وزارة الصحة التي أنشأت وترأست هيئة الأخطاء الطبية لتحكم بين الناس فيما يصيبهم من استهتار الأطباء من موت أو إصابات مضاعفة أو حالات إعاقة وشلل. ويبقى الحبل على الجرار بين وزارة تكابر ومواطنين لا يملكون من أمرهم سوى الحوقلة والتحسب.
ما لا أفهمه، أو يفهمه غيري، هو لماذا لا (تحس) الوزارة وإداراتها ومستشفياتها بما يشعر به الناس من ألم ومكابدة حين يكون الموت مصير إنسان جاء ليعالج خراجا في ساقه.؟! ليس هناك في الدنيا أهم من ثقة المريض بالطبيب. وإذا فقدت هذه الثقة فإن المواطنين يستبدلون الاطمئنان بالخوف والرعب من المثول بين يدي جراح من المحتمل جدا أن يخطئ. وإذا كان الأطباء بشرا يخطئون فإن من المقبول أن يحدث خطأ أو خطأين في السنة في كل مستشفيات المملكة وليس أخطاء يومية أو أسبوعية نتداول أخبارها ببساطة مثل ما نفعل منذ سنوات ليست بالقليلة.
ثم، وهذا هو مربط الفرس، من المفترض أن الطبيب بالذات، والطاقم الطبي بشكل عام، لديه نظام أو نهج إجراءات عمل (procedure) يجعل الأخطاء الطبية في أضيق نطاق، بل يمنع حدوثها إلا نادرا لسبب أو لآخر يكون في الغالب خارج إرادة أعضاء الفريق الطبي. وإذا كانت الوزارة تقول إن هذا النظام أو هذا النهج موجود ومعتمد فلابد أن تجيب على التساؤل القديم وهو: لماذا يتزايد وقوع الأخطاء الطبية على هذا النحو الذي أصبح يزعج الناس ويفقدهم الاطمئنان إلى مرافقها وأطبائها.
شخصيا أعتقد أن في الأمر خللا ما على مستوى التصرف الفردي غير المضبوط للأطباء والطواقم الطبية العاملة بمستشفياتنا. وهذا الخلل لن تحله التصريحات الصحفية أو الأماني أو الدفاعات الباطلة من المتحدثين الرسميين للوزارة. ما يضبط الأفراد في وظائفهم الطبية ويجعلهم يتحملون مسؤولياتها على الوجه الأكمل هو إيقاع العقاب الناجز بالمخطئين دون لف ودوران حول هيئة الأخطاء الطبية والعزف على أوتار مضي الوقت بعد كل حادثة..
محمد العصيمي
عكاظ