بقلم : مليحة الشهاب
(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)..أخذت جميلة بترديد هذه الآية الكريمة عدة مرات، وكأنها تتلقى إشارة خلاص، ثم التفتت إلى صديقاتها الخمس قائلة:
يا بنات، خلاصنا بتطبيق هذه الآية الكريمة.
بفرح سألتها موضي:
كيف..؟
الهروب
وبتهكم قالت نورا:
وين نهرب..؟ إلى البراري..؟
لا.. الدولة ما قصرت أنشأت أماكن للمضطهدات..ما سمعتوا بلجنة حماية الأسرة.. هي أملنا في الخلاص..
وهكذا اتجهت جميلة ورفيقاتها إلى اللجنة يحدوهن الأمل بما يرينه خيط ضوء يبدد عتمة أيامهن، وسفينة نجاة تخلصهن من عذابات الأهل وجورهم..، وبيد الرجاء طرقن باب اللجنة، لكن اللجنة رفضت استقبالهن، وليت الأمر توقف عند ذلك، بل قامت بتسليمهن إلى الشرطة..!!!
يبدو الأمر أشبه بالفانتازيا غير القابلة للتصديق، لكنها الحقيقة التي صدمتنا بها صحيفة الوطن في 17 من شعبان تحت عنوان (لجنة الحماية بمكة ترفض استلام 6 فتيات هربن من اضطهاد أسرهن) صورة لا يمكن وصفها إلا بالتبلد الإنساني وغياب المنطق ، فكيف للجنة تحمل رسالة سامية، وقدمت نفسها للمجتمع على أنها ضوء العدل في عتمة الاضطهاد الأسري وخير معين للمتضررات.. ، كيف لهذه الجمعية أن تقوم بتسليم من لجأ إليها إلى الشرطة للتحقيق معهن كالمجرمات، مبررة ذلك برغبتها في التأكد من صدقهن ، وكأن الهرب من البيت مجرد لعبة أو تسلية..، ألا تدرك اللجنة أنه لا يمكن لشخص(وعلى الخصوص المرأة) ترك البيت الذي يشكل جزءا من الوجود، إلا إذا تحول إلى بؤرة اضطهاد وربما موت؟
لكن هنا يسود اللامنطق، وأحداث الواقع تنافس الخيال.. وما قامت به اللجنة مع الفتيات هو ضمن السياق الطبيعي لبنية المجتمع الذهنية ، فكيف لرجل نشأت جيناته الفكرية والثقافية على أن المرأة عار وعورة، ومجرد حرمة ليس لها إلا عتمة البيت أن يقدم على نصرتها، فليس بوسع هذا الرجل مهما أدرك من خطأ تركيبته الجينية أن يغير سلوكياته..
لكننا نتساءل: أين هيئة حقوق الإنسان عن مثل هذه التجاوزات الإنسانية ؟؟
وحينما يغدو البيت جحيما والجهات الحكومية جحيما له سمات الفضيحة، فما الذي تبقى للمضطهدة سوى طرق الشيطان تلجأ إليها.. ولمن نوجه أصابع الاتهام حينها ؟؟.
*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية
المستجيرات من الرمضاء بالنار ؟
العرض العادي
