فمن هو هبنقه؟
«هبنقه» هذا قال عنه الحموي في كتابه (خزانة الادب) هو : يزيد بن ثوران، احد بني قيس بن ثعلبة المكنّى بأبي الودعات وهو جاهلي يضرب به المثل في الحمق.
من حماقاته انه نظم قلادة من ودع وخزف وضعها في عنقه حتى يميز بها نفسه عن غيره من الناس فيعرفونه ولايضيع عن اهله وعشيرته.
بات ذات ليلة وبينما هو نائم رأى اخوه القلادة بجانبه فتقلدها في رقبته وخرج...فلما نهض (هبنقة) من نومه بحث عن القلادة فلم يجدها... وبينما هو يبحث رأى اخاه يلبسها في عنقه... فناداه فلما جاءه نظر اليه مستغربا حائرا ثم قال له (انت انا... فمن انا؟!)
ـ كان هبنقه هذا اذا رعى غنما وابلا قسمها الىسمان وعجاف جاعلا السمان منها ترعى المراعي الخصبة... اما الضعاف فيجلعها ترعى المراعي قليلة النبات. سألوه عن ذلك فأجابهم:انه لايمكن ان يغير حكم الله فيها فهو الذي حكم على بعضها بالسمنة وحكم على البعض الآخر بالهزال والضعف وهو غير قادر على اصلاح ما حكم الله بفساده.
وبهذا صار مضرب الامثال فاذا لم يحسن احد الاولياء توزيع الاموال على من يستحقها قالوا فيه انه سار سيرة هبنقه في الرعي.ـ ومن حمقه ايضا:
انه ضل له جمل في الصحراء فجعل ينادي:
ـ من وجد جملي فهو له... لا انازعه فيه ويأخذه مجانا ملكا حلالا له.
فقال له السامعون: ولماذا تبحث عن جملك اذا لم تنتفع به انت؟!
اجابهم:تكفيني حلاوة وجدانه ولقياه بعد ضياعه
ـ من حمق (هبنقة) ايضا:
ان قوم (بني راسب) وقوم (بني طفاوة) تخاصموا على رجل كل فريق منهم يدعيه ويقول: هو منا ومن قبيلتنا.
قال احد العقلاء منهم:
لم الخصام؟ لنحكم اول من يمر بنا ونرضى بحكمه.
فكان اول المارين بهم (هبنقة) فلما سمع كلام كل من الفريقين قال: هذا امر سهل وواضح وضوح النهار... يا قوم: ألقوا الرجل في هذه البئر فان رسب وغرق في مائها فهو من بني راسب، وان طفا فوق الماء ولم يغرق فهو من بني طفاوة.
فخشي الرجل من الغرق وصاح بكل صوته: لا... لا... انا لا اريد ان اكون لا من بني طفاوة ولا من بني راسب وفر بجلده من الجميع...
ـ هذا هو (هبنقة) الذي ضربت الامثال الكثيرة بحمقه وحكاياته الغريبة فقالوا اذا صادفوا احمقا وتعجبوا من حماقته (هو احمق من هبنقة) فما اكثر الحمقِى في زماننا!
اللهم احفظ لنا عقولنا وابعدنا عن الحمقى والمتحامقين واسترنا من تصرفاتهم الرعناء يارب العالمين ـ آمين
هبنقه...
العرض الشجري