الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية للمقالات والبحوث الثقافية و الادبية و الفكرية

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-09, 03:32 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
رئيس مجلس ادارة الشبكة
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 9
المشاركات: 13,072 [+]
بمعدل : 1.90 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 50
نقاط التقييم: 500
الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الآتي الأخير غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية
افتراضي ... مرثية حمار ...

بكى سعران المسعور بكاءً مراً، وحاراً، على الحمار الذي مات يوم أمس، نتيجة لتصادمه مع سيارة إسعاف، حيث أصيب الحمار بنزيف حاد في المخ، ومات فوراً وقبل التمكن من إسعافه..!

واستغرب الناس بكاء سعران، وتقبله التعازي، لأنهم يعرفون أنه لا قرابة ولا صلة رحم، بعيدة أو قريبة تربطه بالفقيد فلماذا كل هذا البكاء والنحيب..؟!

ولكن العارفين، والمقربين من سعران يعرفون السبب فلم يأخذهم العجب.. والسبب كما يقول المقربون جداً، والعارفون ببواطن الأمور، أن سعران كان ولا يزال مصاباً بمرض نفسي ينتابه ما بين حين وحين، فيجعله يضرب، ويشتم حتى يتعب، فيسقط مغشياً عليه من الإجهاد بسبب السباب، والضرب، فهو مثلاً يضرب زوجاته ضرباً مبرحاً حتى كسر عظام بعضهم فهربن.. والبعض الآخر طلبن الطلاق، وهو مثلاً يشتم أقاربه لأتفه الأسباب حتى لم يعد يزوره أحد.. وهو يضرب العاملين والخدم لديه حتى أحالهم إلى مراحل متقدمة من الذل. والجنون ، كما تنتابه حالات هرش، وحكة فيظل إذا اعترته الحالة يحك ويهرش، ويغرس أظافره في أنحاء جسده حتى يسيل الدم.!!

وحلاً لهذا الإشكال فقد جيء بطبيب نفسي من بلد متقدم، وبعد فحص طويل لحالة سعران تبين للطبيب أنه مصاب بمرض نفسي، مع اكتشاف جين غريب في دمه ربما أنه ورثه عن أحد أجداده، والذي كان مصاباً بداء الكَلَب، كما تثبت الروايات التاريخية الموثوقة، وهذا ما جعله عرضة لحالات السعار هذه.. فاقترح الطبيب أن يحول سعران طاقة سبه، وشتمه، وضربه، ولكمه، وحكه، إلى جسد كائن آخر.. ولكن هذا الكائن الآخر لا بد أن تتوفر به بعض خصائص الإنسان من اللحم، والدم، والأكل، والشرب، والمشاعر، حتى ولو كانت مشاعر متدنية وهابطة.. وبعد دراسة طبية نفسية مستفيضة وجد الطبيب أن الحمار هو أنسب الكائنات لحل أزمة سعران هذه.

وجاءوا بكثير من الحمير المختلفة الأحجام، والأعمار، ولكنها لم تصمد أمام ضربه، وركله، وإهاناته، وخاصة شتائمه الجارحة.. وكلما أتوا بحمار ظل لديه أسبوعاً أو أسبوعين ثم نفق وفارق الحياة سريعاً.. فهو إما أن يصاب بسكتة مفاجئة فيموت فوراً، أو يصاب بجلطة في المخ تؤدي إلى الشلل، أو ينتحر الحمار انتحاراً بطيئاً وذلك بالإضراب عن الطعام، والشراب أو أن ينطح الجدار برأسه بعنف حتى يسقط ميتاً..!

ولكنهم أخيراً عثروا على هذا الحمار النادر، والذي حل العقدة فأصبح سعوان يقضي جُّل أوقات يومه في سعادة، وانشراح، نتيجة لممارسات العنف اليومية التي ينفذها فيه.

وكان الحمار يتقبل ذلك كله بالصبر والجلد، والتحمل، وسعة الصدر والبال.!! وهذا ما جعل الطبيب ينصح القائمين على شؤون الحمار بالمحافظة عليه والعناية به، وإطعامه أفضل أنواع الطعام، وأكثرها غنى بالبروتين، وكل أنواع الفيتامينات.

ولكن لسوء حظ الحمار، ولسوء حظ سعران، فقد تعكر مزاج سعران ذات صباح، فقام متأخراً من نومه ولم يذهب رأساً إلى حظيرة الحمار ليمارس رياضته المعتادة، فطلب الإفطار أولاً.. وعند الإفطار كحّت الزوجة عن طريق الخطأ، فانتابته حالة الغضب، والشتم، والضرب، فضربها وشج رأسها، ثم راغ إلى الخادم فحطم أنفه وكسر فكه، فاتصلوا بالإسعاف والطبيب معاً، فأمر الطبيب بالإسراع فوراً بالحمار إلى سعران لكي يخفف من هياجه.

وكان الحمار قد درب تدريباً دقيقاً على الاستجابة للطبيب. فمثلاً عندما لا يكون سعران في حالة تسمح له بأن يذهب بنفسه لممارسة رياضته على الحمار في حظيرته، فإن السائس في هذه الحالة يصفر له فيدفع الحمار الباب برأسه وينطلق رأساً إلى المكان المخصص له داخل المنزل حيث يقف في مكان انتظار الجلد... ولكن وبسبب حالة الاستعجال فقد صفر السائس ثلاث تصفيرات، مما جعل الحمار يندفع اندفاعاً سريعاً متهوراً فلم يأخذ حذره ولم يتلفت لسوء الحظ كي يتأكد من سلامة الطريق وهو يعبر الشارع، فوقع الحادث المؤسف الأليم مع سيارة الإسعاف التي قدمت مسرعة لإنقاذ الزوجة والخادم.

بكى سعران وجزع جزعاً شديداً ونصب إيواناً لاستقبال التعازي في الفقيد المأسوف عليه.. ووفاء لروح الفقيد فقد طلب من الشعراء والكتاب أن يشحذوا قرائحهم ليكتبوا المراثي فيه.. ونزلت كلمات تأبين، وقصائد رثاء شعبية مؤثرة في الصحف والمجلات.. كانت قد أعدت تحسباً لموت أحد الوجهاء والأعيان.. ولقد نالت إحدى هذه القصائد جائزة الشعر الأولى وهي التي كان مطلعها:

يا ونتي ونتك سعران

يوم انهم جروا حمارك

العير قفّوا به مسيّان

والدمع يشرق به جرانك

وقد أذيعت مختارات من تلك القصيدة بصوت مؤثر وحزين، مما جعل جماهير المستمعين تتفاعل مع مصاب سعران وتبكي بحرقة على شباب الفقيد.

بقلم / عبد الله الناصر















عرض البوم صور الآتي الأخير   رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مرثية , حمار


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL