[COLOR="DarkGreen"]باب فضل العقل وذم الهوى
اعلم ان لكل فضيلة أسا و لكل أدب ينبوعا . واسى الفضائل وينبوع الأدب هو العقل الذي جعله الله تعالى للدين أصلا وللدنيا عمادا فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه وألف به بين خلقه مع اختلاف هممهم ومأربهم وتباين إغراضهم ومقاصدهم وجعل ما تعبدهم به قسمين : قسما وجب بالعقل فوكده الشرع وقسما جاز في العقل فأوجبه الشرع فكا ن العقل لهم عمادا . وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ما اكتسب المرء عقل يهدى صاحبه الى هدى ويرده عن ردى وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : لكل شيء دعامة ودعامة عمل المرء عقله تكون عبادته لربه اما سمعتم قول الفجار : لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فى أصحاب السعير : وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :اصل الرجل عقله وحسبه دينه ومروءته وقال بعض الأدباء صديق كل امرىء عقله وعدوه جهله : وقال بعض البلغاء : خير المواهب العقل وشر المصائب الجهل وقال بعض الشعراء وهو إبراهيم بن حسان :
يزين الفتى فى الناس صحة عقله وان كان محظورا عليه مكاسبه
يشين الفتى فى الناس قلة عقله وان كرمت أعراقه ومناســـــبه
يعيش الفتى فى الناس بالعقل انه على العقل يجرى علمه وتجاربه
وأفضل قسم الله للمرء عقــــــله فليس من الأشياء شيء يقاربه
اذا اكمل الرحمن للمرء عقـــــله فقــــد كملت أخلاقه ومأربه
واعلم انه بالعقل تعرف حقائق الأمور ويفصل بين الحسنات والسيات
من كتاب ادب الدنيا والدين[/COLOR]