بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله إلى يوم الدين أما بعد :
سنتكلم إن شاء الله تبارك وتعالى عن الشعر العربي وتعريفه وخصائصه وفنون الشعر العربي .
* الشعر الوجداني .
* الشعر القصصي .
* الشعر التمثيلي .
*الشعر التعليمي .
تعريف الشعر العربي :
هـو (( فن أدبي يصور الحياة كما يحسها الشاعر ، ويعتمد على الإيقاع والعاطفة والخـيال وكلام موزون ومقفى ))
والشعر فن عريق عرف عند الأمم كلها ، وهو أهم فن أدبي عند العرب ، فقد سجّلوا فيه مآثرهم وخلاصة تجاربهم في الحياة ،وعبروا به عن عواطفهم وقضاياهم الفردية والقبلية ، وأوصى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أولياء الأمور بتعليم أبنائهم الشعر لأنه (( يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي )).
خصائص الشعر العربي :
للشعر العربي خصائص تميزه عن سائر الفنون الأخرى ، وتعطيه الصفات التي نعرفه بها وهي :
(( الإيقاع ، والأسلوب الشعري ، المضمون الوجداني ، وسنقف بإيجاز بإذن الله عند كل واحدة من هذه الخصائص .
أولا : الإيقاع :
عندما نقرأ بيتًا من الشعر نلحظ أنّ العبارة الشعرية مركبة على نحو خاص يختلف ن النثر ، فالكلمات فيها مرتبة بنظام يحدث نغمة لاتخطئها الأذن .
مثال : قول حافظ إبراهيم :
نثروا عليك نوادي الأزهــــــــار وأتيت أنثر بينهم أشعــاري
زين الشباب وزين طلاب العلا هل أنت بالمهج الحزينة دار
فلو أننا غيرنا ترتيب الكلمات والألفاظ الشعرية تغييرًا بسيطا ، أو أضفنا إليها حروفًا قليلة وجعلنها بالشكل التالي :
نثروا نوادي الأزهــــار عــــــليك وأتيت أنثر أشعاري بينهم
يازين الشباب ويازين طلاب العلا هل أنت دار بالمهج الحزينة
لوجدنا أن العبارات قد فقدت نغماتها الجميلة ، ولم تعد تؤثر في النفس
كما كانت عليه بأول صياغتها مع أن المعنى لم يتغير على الإطلاق .
ويتبين من ذلك أن العبارة الشعرية في الشعر لها إيقاع خاص منظم يميزها عن النثر
ويتكون الإيقاع في الشعر من الأوزان ،والقوافي ، والعلاقات الصوتية بين الحروف والكلمات ، وهو مايسمى بالإيقاع الداخلي .
الأوزان : هي النظام الذي يحقق للشعر أنغامًا واضحة متناسقة ، حيث تتوالى الأصوات المتحركة والساكنة في نسق معين ، وتشكل وحدة نغمية هي (( التفعيلة )) وتتوالى التفعيلات وفق قواعد محددة فيتكون منها (( البيت )) ويسمى النظام الذي تسير عليه التفعيلات (( البحر )) .
القوافي : هي مقاطع صوتية تأتي آخر كل بيت لتكون نهاية له ، وحدًّّا فاصلا بينه وبين البيت الذي يليه ، ومن قواعدها أن تختم بحرف موحد في القصيدة كلها يسمى
(( الرّوي )) فتصبح بذلك وحدة نغمية كاملة تتكرر بانتظام بعد مسافات محددة ، وتجعل السامع يترقبها ويتشوق إليها . لذلك تعد القافية جزءًا كبيرًا ومهما من إيقاع الشعر ، له جماله وأثره في النفس .
الإيقاع الداخلي :
فهو تنغيم يحدث عندما تتوالى بعض الحركات والحروف ، كالحروف الجهرية ، وحروف المد ، أو حروف الصفير ..... أو غيرها من صفات الحروف وتتداخل مع بعضها البعض ، فتشكل أنغما ما لها مذاقها الخاص ... ولكن ليس لها قاعدة تضبط هذا النوع من الإيقاع ولكن ندركه بأذواقنا، ويكشف عنه النقاد حينما ينقدون القصيدة.
فمثال قصيدة الخنساء على رثائها لأخيها صخر وهي تبكي فنجد أن القصيدة تشعرك بالحزن عند قرأتها :
ياعينُ جودي بالدمــــــــو ع المستهلات السوافح
فيضًا كما فاض الغــروب المنزعات من النواضج
إن البكاء هو الشــــفـــــاء من الجوري بين الجوانع
فابكي لصخرِ إذ ثـــــوى بين الضريحةِ والصفائـح
وقد استنبط لنا العالم الجليل الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم (( العروض )) أوزان الشعر الربي وقوافيه من القصائد الكثيرة التي جمعها ودرسها ، ونظم قواعدها. لذا نكتفي بذكر أن قواعد العروض هي نظام إيقاعي دقيق يجعل الكلام
منغوما يؤثر في النفس أيما تأثير . إن شاء الله سنتكلم عم علم العروض بعد انشاء سلسة فنون الشعر العربي .
ومن خلال بحثنا في التاريخ الأدبي العربي القديم حافظ بعض الشعراء على ذالك النظام ، وحاول عدد قليل منهم الخروج عن ذالك كأبي العتاهية ولكن ذالك الخروج لم يؤثر في علم العروض شيئًا .
ينما سعى بعض الشعراء إلى إضافة تشكيلات جديدة لنظام الوزن والقافية ، فصنعوا المزدوجات ،والمخمسات ،والمسمطات ( لمعرفة المزدوجات والمخمسات والمزدوجات راجع الكتب التالية :
1- فن التقطيع الشعري ص288-298 طبعه 2 مكتبةالمثنى – بغداد 1397 هـ لدكتورة : صفاء خلوصي .
2- موسيقا الشعر ص 300-310 مكتبة الأنجلو – القاهرة 1972م لدكتور : إبراهيم أنيس .
3- ميزان الذهب في أشعار العرب ص 141-144 المكتبة التجارية الكبرى بمصرَ لدكتور السيد أحمد هاشمي .
إلا تلك التشكيلات لم تنتشر انتشار القصيدة العربية ، ولم تبلغ شأنها ، وكان بعض النقاد كابن رشيق يعدها دليلا على ضعف الشاعر وقلة موهبته .
ولكن ظهر بالأندلس نوع جديد من أنواع الشعر العربي إذ لايختلف عن قوافي الشعر العربي بل يغير الشاعر تفعيلاته وعددها ويزيد عليها وفق نظام معين .
وقد شاع الموشح بفضل نظامه الدقيق لتوافقه مع طرق الإنشاد والغناء في ذالك العصر .
فالموشح إذن لم يبلغ النظام الإيقاعي للشعر العربي ، ولم يمهل الوزن والقافية بل كان إضافة جديدة إلى إيقاعات الشعر العربي وأنغامه .
وفي العصر الحديث ظهرت دعوة ملحة للخروج على أوزان والقوافي ، وكان أصحابها متأثرين بالآداب الغربية . وتبعنها دعوة إلى إلغاء الأوزان والاكتفاء بوحدة التفعيلة (( الشعر الحر )) أي النبطي .
والحقيقة أن الأوزان ليست قيودًا على الشاعر المبدع ، بل هي قيود على الشاعر الضعيف والعاجز ، وهذا تراثنا العربي من امرئ القيس إلى عبد الرحمن العشماوي وغيرهم من الشعراء المبدعين يشهد أن الإبداع العظيم لايكون إلا من خلال نظام إيقاعي دقيق وجميل .
هذا ماأحببت قوله في فن الشعر العربي والنوع الأول من خصائص الشعر وبقي لنا نوعان من خصائصه ومن ثم نذكر فنونه في الأجزاء التالية إن شاء الله .