اطفالنا و الهوية الضائعة ؟

(سوف أقتلك وأقطّعك إرباً إرباً).. خرجت هذه الكلمات بصوتٍ مرتفع من فم أخي الصغير وهو يلكم إحدى الوسادات المغلوب على أمرها في صالة المنزل. ولم يكن مني كرد فعل سوى الضحك على هذه الكلمات التي استخدمها، فمن أين لابن الخامسة الذي لا يعرف نطق اسمه مثل هذه النبرة!. مع المشهد السابق تذكرت فوراً ذلك الصبي، أو الطفل بالأصح، الذي نحت بسكّين المطبخ صورةً للصليب على ذراعه، وحينما سُئل لماذا قام بهذا العمل، أجاب بكل براءة: (شفتها في التلفزيون!). تخيلوا.. هذا ما يراه أطفالنا، هذه هي البرامج الموجّهة لهم، وهذا هو ما يتلقونه معظم يومهم باعتبار أن بقية وقتهم مقسّم بين النوم والمدرسة.
سحر وشعوذة، صلبان في كل مكان، وتعاويذ لا تحمل بين طيّاتها سوى الأفكار المغلوطة، والكثير الكثير من العنف. هكذا هي برامج الأطفال، وفي القنوات المخصصة لهم أيضاً. أما اللغة العربية فهي حكاية أخرى ومأساة ليست بأفضل حالاً من المواد المطروحة، فلغتنا العربية الفصحى أصبحت ضائعة بين هذه اللهجات العامية المختلطة والدخيلة في البرنامج الواحد! وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك الرسوم الممتعة من إنتاج شركة (ديزني) تمت دبلجتها بأكملها إلى اللهجة المصرية، وفي بعض الأحيان يتم التغيير لكسر الملل وتشتيت الطفل فتصبح اللهجة الناطقة هي اللبنانية بدلاً من المصرية. كل هذا في ناحية، والبرامج الحوارية في ناحية أخرى، فما بين اللهجتين الإماراتية و(الجدّاوية) احتار أطفالنا كيف ينطقون عباراتهم.. فحتى الإعلانات، ومواعيد عرض المسلسلات لم تسلم من هذه اللهجات! وذهبت لغتنا، وانمحت عاداتنا، واندثر التراث.. فضاعت العروبة. لكن، بالرغم من ذلك، مازلنا بانتظار البرامج المقدّمة من جزيرتنا العربية، والموجّهة توجيهاً أساسياً للطفل العربي، بلا أفكار مدسوسة، أو عادات دخيلة.
منقول