الفلوجة تجاوزت هيروشيما ونكازاكي في نسبة مرضى السرطان

كشفت دراسة ميدانية أن معدلات الإصابة بالسرطان في مدينة الفلوجة العراقية التي تعرضت لقصف أمريكي عنيف في عام 2004، إثر تصاعد عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال في المدينة الواقعة جنوب غرب بغداد، تفوق النسبة المسجلة في مدينتي هيروشيما ونكازاكي اليابانيتين، اللتين قصفتهما الولايات المتحدة بالقنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية.
دقت الدراسة التي نشرت صحيفة ''أندبندنت'' البريطانية أجزاء منها، أمس، ناقوس الخطر من معدلات الإصابة بمرض السرطان المرتفعة جدا، إذ تحذر من أن حالات الإصابة بين الأطفال حتى السنة الرابعة عشرة في الفلوجة تفوق مثيلتها في الأردن بأربعة أضعاف، وفي الكويت بثمانية أضعاف.
وتقول الدراسة، التي أشرف عليها فريق بحث مكون من 11 شخصًا، في شهري جانفي وفيفري من العام الجاري، وشملت 4800 شخص من سكان الفلوجة، أن أعداد الأطفال العراقيين المولودين بتشوهات في هذه المدينة قد تزايدت بشكل مخيف جدا، ما جعل الأطباء في المدينة يشتكون من كثرة حالات الوفاة بين المولودين حديثًا، وكذلك حالات التشوه الخلقي بين المواليد، فبعد أن كان من قبل يتم الإعلان عن حالتين كل أسبوعين، فقد ارتفعت الأعداد الآن إلى حالتين يوميًا، معظمها تشوهات في الرأس والعمود الفقري، وحتى في الأطراف السفلى.
واستنادًا إلى مصادر طبية عراقية، فإن الأطباء في مستشفى الفلوجة العام يوثقون 170 حالة لأطفال ولدوا مشوهين في المستشفى فقط خلال أقل من سنتين، مات منهم حوالي 30 طفلاً عام 2009، فضلاً عن تسجيل عشرات الحالات لأمراض سرطانية بين المواليد الجدد.
وتشير الدراسة إلى أن أنواع السرطان مشابهة لتلك التي أصابت الناجين من سكان هيروشيما الذين تعرضوا للإشعاع النووي إثر سقوط القنبلة الذرية. كما وجدت هذه الدراسة أن الإصابة باللوكيميا (مرض سرطان الدم) ارتفعت بمعدل 38 ضعفا، وأن معدلات سرطان الثدي زادت بنسبة عشرة أضعاف، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أورام المخ لدى الكبار. وتضيف الدراسة أن ما يثير الدهشة في حالة الفلوجة هو سرعة الإصابة بالسرطان وليس مجرد انتشاره.
إضافة إلى ذلك فقد كشفت الدراسة أيضا عن التغيير في نسبة المواليد من الذكور والإناث، فبينما كانت في الحالات الطبيعية 1050 من الذكور مقابل 1000 من الإناث، انخفضت نسبة المواليد الذكور بعد 2005 بمعدل 18 بالمائة، فأصبح كل 850 مولود ذكر يقابلهم 1000 فتاة.
وقالت ''ذي أندبندنت'' إن التغيّر في النسبة بين الذكور والإناث يعد مؤشرا على الضرر الوراثي الذي يؤثر على الذكور أكثر منه على الإناث، وأشارت إلى أن هذا التغيير في الجنس قد لوحظ في هيروشيما.
وكانت قوات الاحتلال الأمريكية التي حاصرت وقصفت الفلوجة في عام 2004 اعترفت بأنها استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض الذي يهدد سلامة البيئة والإنسان، والذي تحرم اتفاقية جنيف عام 1980 استخدامه ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء في المناطق التي يقطن بها مدنيون، وتعتبر استخدامه جريمة حرب، حسب التقرير.
هذا وكانت مجموعة من المسؤولين العراقيين وأطباء بريطانيين تقدموا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في تلك التشوهات، ومساعدتهم في التخلص من المواد السامة التي خلفتها عقود من الحرب، بما فيها السنوات الست التي أعقبت غزو العراق عام .2003


 المصدر :الجزائر: حميد زعاطشي الوكالات