جرائم برسم المتعة

بين وقت وآخر نسمع ونقرأ عن قيام وزارة التجارة بسحب منتج ما من الأسواق بعدما تبين أنه مسرطن، أو مضر، بشكل أو بآخر، وما تستحضره ذاكرتي الآن من أنواع المواد المسحوبة من الأسواق أتذكر أكواب الجيلي الصغيرة، التي تباع بصفتها حلوى للأطفال، كما أتذكر كريماً لإزالة رائحة العرق، ظل سنوات طويلة جداً (يأكل) جلود النساء، حتى فطنت الوزارة إلى أنه مضر، ومسرطن، فسحبته من الأسواق، وحالياً تمتلئ المحلات بأنواع من شيكولاتة عالمية (كادبوري) أصدرت شبكة السي إن إن عنها تقريراً إخبارياً خطيراً تجده على هذا الرابط (http://news.bbc.co.uk/1/hi/5112470.stm)، يفيد تلوثها بجرثومة السلامونيا.
وبينما يحرص الغرب على سحب المنتج ومعاقبة المسؤولين عن هذا الضرر، قد تعمد الشركة إلى تسويق منتجها هذا في الأسواق العربية، وبكميات ضخمة، وبأسعار متدنية، وتكفي زيارة واحدة للمحلات الكبرى في المدن الرئيسة حتى تشاهد كيف أن الرفوف قد امتلأت بهذا النوع من الشيكولاتة، وبأسعار لم يكن يحلم بها المستهلك يوماً ما.

وهناك المشروب الذي تقول دعايته إنه يقوي القلب، في الوقت الذي يهدم فيه الجسد والعقل معاً، وممنوع من التداول غربي الكرة الأرضية كلها، لكنه مازال يحط رحاله عندنا، ويشاركنا نسبة في صحتنا، وأموالنا.

فماذا تنتظر الوزارة لتسحب المنتج، وتحذر من استهلاكه؟ بل لماذا يتوقف دور الوزارة على سحب المنتج بعد نزوله إلى الأسواق واستخدامه مدة طويلة كفيلة بتوطين المرض الناتج منه قبل أن تسحبه وتحذر منه.

ما لا أفهمه هو أن تدخل إلى أسواقنا منتجات غريبة برغم الرقابة على المنافذ، ثم الرقابة على الجودة، ثم حملات التفتيش الميدانية الدائمة، إضافة إلى أنواع الشكاوى العاجلة المقدمة من المستهلكين حول خطورة منتج أو فساده، واللائحة طويلة ولا أستثني منها الأقراص المدمجة التي تحوي ألعاباً للصغار تبث أفكاراً بشعة إضافة إلى كونها مع هذه الأفكار فهي ناشرة للعنف، وداعية إلى القسوة، ومعلية قيمة الانتصار، مهما كان شكل الهزيمة الملحقة بالطرف الآخر..

فقد سجل الأهالي وجود أقراص تحوي ألعاباً تعلي قيمة الصليب، وتستهين ببيوت الله، ويقاتل أبطالها في المساجد، ويقتلون ساكنيها، بل إن رسالة وصلتني تحوي إعلاناً عن لعبة بعنوان "god of war" فيها من التحريف والعبث بكل ما هو مقدس ما تقشعر له الأبدان، وتتزلزل لهوله الأرض، ومع ذلك يلعب بها الصغار من دون مشكلة، كأن المهم هو محو كل ما له قداسة من قلوبهم، وإلغاء كل الحدود أمام أعينهم..

لماذا يقتصر دورنا دوماً على ردة الفعل؟

مرة أخرى أين الاحتراز المسبق؟، وإيقاف الجريمة قبل وقوعها؟ ولماذا لا نعامل المنتجات الواردة من الخارج بحذر يليق بها، خصوصاً أن كثيراً من أساطين التجارة هناك يرون دوماً أن العالم العربي هو مكب النفايات الغربية، وأن كل ما لا يصلح عندهم ستكون له سوق رائجة عندنا، حتى وصلت بهم الاستهانة بنا أن سجلوا على عبواتهم الواردة إلينا: (للاستهلاك العربي فقط، ويمنع بيعه في بلادنا!!!)


بقلم / سحر الرملاوي