المشكلة اكبر يا معالي الفريق

لعلنا نتفق أن التضخيم والمبالغة والتهويل ممارسة ضارة خصوصا في الأمور الحساسة كالقضايا المتعلقة بالأمن، ولكن في المقابل ربما لا نختلف أن تبسيط مثل هذه القضايا والتقليل من حجمها يؤثر على أهمية استشعار أخطارها الحقيقية والتصدي لها. ومع أنه ضروري ومطلوب إشاعة روح الطمأنينة في الأزمات إلا أن ذلك لا يجب أن يصل إلى حد تجاوز بعض الحقائق التي يراها ويعيشها المجتمع، فذلك بقدر ما له من سلبيات فإنه أيضا قد يؤثر على الثقة في مصادر المعلومات، ولذلك نود من معالي مدير الأمن العام أن يسمح لنا بالتعليق على حديثه المنشور في هذه الصحيفة قبل يومين على خلفية تشكيل لجنة أمنية لمتابعة قضية المتسللين عبر الحدود الجنوبية.

لقد نسب الخبر إلى الفريق سعيد القحطاني نفيه تسجيل أو تلقي أية بلاغات عن حوادث سلب أو قتل وانتهاك للأعراض على أيدي المتسللين، والحقيقة أنه لا يكاد يمر يوم إلا وتحدث انتهاكات أمنية مختلفة واعتداءات على الممتلكات أو الأشخاص، سواء في الطرق بين القرى أو حتى في داخل المنازل، بعضها يتم الإبلاغ عنه والبعض لا يتم لأكثر من سبب.

القرى التي تتعرض لاعتداءات المتسللين غالبا ما تكون نائية وشبه مقطوعة، تفتقر إلى وسائل الاتصال وسكانها من الناس البسطاء الذين لا يعرفون آليات الإبلاغ عن الحوادث ولا يملكون وسائل الاتصال وبالتالي فعدم تسجيل البلاغات لا يعني عدم وقوع الحوادث. ومن ناحية أخرى فإن الحاجة الماسة تدعو إلى زيادة الدوريات الأمنية التي يمكنها أن تغطي تلك القرى، وهذا الكلام لا أطلقه جزافا، فقد كنت في حديث قبل فترة مع أحد المحافظين في منطقة جازان وكان يطالب بدعم الدوريات الأمنية حتى تستطيع تغطية القرى الكثيرة في الفترة المسائية، فالمحافظة تقع في مواجهة المتسللين مباشرة، وبها كثافة سكانية كبيرة، وبالتالي فإن المواطن لا يتهم سلطات الأمن بتجاهل المتسللين أو السكوت عليهم، وإنما يطلب تغطية أمنية شاملة وكافية تستطيع التعامل السريع مع الحوادث وإشاعة الطمأنينة الحقيقية عندما يشعر أنها قريبة منه في كل الأوقات.

إن مشكلة المتسللين خطيرة جدا ولا يمكن التقليل من حجم هذه الخطورة، فإذا كان الناطق الرسمي لحرس الحدود يفيدنا بحسب ما نشرته صحيفة الحياة يوم الأحد الماضي أن الدوريات ضبطت 2849954 كيلو غراما من الحشيش، و753693 حبة مخدرة، و2955101 كيلو غرام من القات، كما ضبطت 2475 من الأسلحة المتنوعة، و16 قذيفة «آر بي جي»، وقذيفتي هاون، و189265 قطعة سلاح وقنبلة وثلاثة أسلاك تفجير، إضافة إلى 70 طنا من الألعاب النارية، نتيجة القبض على 338637 متسللا و4986 مهربا خلال العام الماضي، فإنه يمكن تصور حجم المشكلة إذا أضفنا إلى ذلك عدد من يتم القبض عليهم بواسطة قطاعات الأمن الأخرى.

حمود ابو طالب