النفير الى النور .. لا الى اليمن

مع انهيار صنعاء، وصعود الحوثيين في مواضع النزاع، والدعوات الغاضبة من قبل الإخوانيين للنفير إلى القتال هناك لابد من التذكير بالصدمات التي تعرضت لها الأجيال منذ السبعينات إلى اليوم!

إنني آسى على حالات من إرسال الأبناء إلى القتال، بدلا من إرسالهم إلى الجامعات، نرسلهم إلى القبور بدلا من أن نرسلهم إلى الفصول والقاعات والمختبرات. هل وصل بنا استرخاص الأبناء إلى هذا الحد؟ هذا هو العجب، أن يحرض البعض، أو أن يسمح الآباء أو أن تسمح الأمهات بإرسال أبنائهم إلى جبهات هي أكبر منهم وأضخم وأكثر تعقيدا منهم.

حتى دعاة القتال لم يلتزموا بفتاواهم وإنما هم أول من يبتعث أبناؤهم إلى الغرب والشرق. فلا يغرنكم منطقهم.

أتمنى أن نؤسس لمرحلة جديدة، لا نكرر فيها الأخطاء التي مضت، فشجاعة الذاهبين، وسمو أهداف بعضهم لنصرة المظلومين، لا تكفي لتبرير، أن نفقد فلذات أكبادنا، في معارك مختلطة الأهداف، مشتبكة المقاتلين، غير معروفة الأهداف!

الساحات المفتوحة من حولنا يجب ألا تكون مقابر لأبنائنا، علينا أن نتذكر برنامج الابتعاث التاريخي والذي يستفيد منه أكثر من مائتي ألف شاب وشابة، هذا هو البرنامج الذي يجب أن نحتذيه، فلماذا إذا يرسلون فلذات أكبادهم إلى ساحات كبرى خطيرة للغاية؟!

أخبار اليمن ليست أضحوكة، أو مزحة، بل تبين أن «النفير» بدلا من أن يكون باتجاه الحياة، أصبح باتجاه الموت، ومع فتح وتسهيل الابتعاث يصر البعض من المتطرفين على ترك التعلم والنيل من العلم والاتجاه نحو الحياة في سبيل الله وفي سبيل المواطنة إلى الموت المحض، الموت السهل، إلى بيع الحياة بشاحنة مفخخة والدخول في حروب الآخرين.

لنفتح عيوننا فنحن منذ الثمانينات وشبابنا يستخدمون في أفغانستان، مرورا بالبونسة وكوسوفو والشيشان ونقاط السخونة في أفريقيا، والآن في اليمن، لكن من يعتبر؟!


تركي الدخيل
عكاظ