-- مضحوك علينا --

ما زالت وزارة التجارة في مرحلتها الجديدة مستمرة في جذب إعجابنا واحترامنا وثقتنا في أنها تعمل من أجل المواطن وليس من أجل التجار، وأنها قادرة على إزالة الوهم المزمن بأن تحالف التجار يمثل قوة لا تستطيع الوزارة أو أي جهة أخرى الوقوف أمامها وردعها عن غيها وجبروتها. وفي مسلسل مواجهة تحايل واستهتار التجار، نشرت الصحف مؤخرا أن الوزارة قامت بإغلاق محلات مجموعة تجارية لتلاعب في التخفيضات وإيهام المستهلكين بغير الحقيقة، فقد أعلنت عن تخفيضات كبرى على المنتجات التي تعرضها بمقدار 15%، واتضح أن ما تم القيام به هو تغطية السعر القديم بآخر جديد هو سعر السلعة الأصلي قبل الإعلان عن التخفيض.

هذه الحادثة تجعلنا نفتح ملف الإعلانات عن التخفيضات التي تملأ وسائل الإعلام وتعتلي لوحات الدعاية والإعلان في كل مكان، خصوصا في المواسم كالإجازات والأعياد أو بداية عام جديد، وتشمل كثيرا من المنتجات الاستهلاكية المختلفة، أقول لو فتحنا هذا الملف سنجد أن المؤسسات التجارية تمارس أفحش أشكال الاستغفال والخداع والكذب وبشكل فج لا علاقة له أبدا بأسلوب التخفيضات المتبع في الدول الأخرى. الأمثلة كثيرة، والأساليب لا حصر لها، وكلها يجمعها إطار واحد هو افتقاد المنطق وغياب المعقول، إذ كيف نصدق أن سلعة يهبط سعرها فجأة إلى 80% أو أكثر، أو أن تشتري سلعة وتأخذ الثانية دون مقابل؛ لأننا نعرف أن التجار لا يمكن أن يخسروا، ولا يمكن أن يقبلوا بربح قليل، ومن ذلك نستنتج أنه حتى مع النسبة الكبيرة المعلنة للتخفيضات، فإن المكسب مؤكد؛ لأن التخفيضات أساسا وهمية وغير موجودة، وفي أحسن الافتراضات فإن السعر الجديد المخفض هو القيمة الحقيقية للسلعة، أي أننا مضحوك علينا جهارا نهارا.

هذا الوضع المختل استمر طويلا، مع غيره من وسائل الابتزاز والظلم التي يمارسها قطاع التجارة، لكننا بدأنا مرحلة مختلفة بفعل شجاعة وإصرار وزارة التجارة الجديدة، التي نأمل أن تستمر على هذا المنوال لتقتص لنا ممن امتصوا جيوبنا بالباطل.

حمود ابو طالب
عكاظ