أحياناً يعاني الإنسان ما يعاني حينما يصطلح مع الله ، يعاني مَن معارضة
 
مِن قِبل أقرب الناس إليه ، يعاني من استنكار بعض الناس لاتجاهه ، لأن الناس
 
أَلِفوا التفلت ، ألِفوا أن يأكلوا المال الحرام ، ألِفوا الاختلاط الآثم ، ألِفوا النفاق والدجل ، 
 
فحينما يأتي الإنسان ، ويستقيم على أمر الله ، ويتماسك ، وينضبط ، ويكون عفيفًا 
 
أمينًا صادقًا ، هذا الإنسان خطرٌ على مَن حوله ، مِن أين جاء الخطر ؟ أنه يكشفه ،
 
المستقيم يكشف المنحرف ، والورع يكشف المتفلت ، والأمين 
 
يكشف الخائن ، والصادق يكشف الكاذب .
 
 
 
 
 
 
خمسة أعداء يقفون في طريق المؤمن
 
 
 
حينما يسلك الإنسان طريق الإيمان يرى الصعوبات ، بل إن لكل إنسان أعداء كثيرين ،
 
يمكن أن نصنفهم في خمس جمل ، لا بد للمؤمن ـ لا سمح الله ولا قدر ـ مِن 
 
مؤمن يحسده ، لأن هناك مؤمنا مقصرا ، ومؤمنا مجتهدا ، المجتهد تألق ،
 
لما تألق أصابه من الغيرة ما أصابه ، بدأ يتكلم كلاما لا يليق بأخيه ، فلابد من مؤمن 
 
يحسده ، ومن منافق يبغضه ، ومن كافر يقاتله ، ومن نفس ترديه ، ومن شيطان يغويه ،
 
فهذه خمسة أطراف يمكن أن تسبب لك بعض المتاعب ، مؤمن ، منافق ، كافر ، 
 
نفس أمارة بالسوء ، شيطان ينتظر هذا الإنسان .
 
 
الشيطان لا يترك باب الإضلال إلا سلكه
 
 
 
 
 
من المفارقات التي تلفت النظر أن الإنسان يكون متفلتا غارقا في المعاصي والآثام ،
 
يأتي إلى البيت الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، لا يصلي ، يأكل المال الحرام ، 
 
لا أحد يتكلم ، فإذا اصطلح مع الله ، وغض بصره ، وضبط لسانه ، وصلى الصلوات الخمس ،
 
وانضم إلى جامع ، أقرب الناس إليه يقيمون عليه النكير ، لما كان منحرفاً ، 
 
لما كان ضالاً مضلاً ، لما كان له صويحبات كان الأب ساكتا ، وكذا الإخوة ساكتون !
 
النقطة الدقيقة أن الذي يعاني ما يعاني حينما سلك طريق الإيمان ،
 
بل يعاني من هذه الآية بالذات :
 
 
 
 
 
إذا كان تاريخ لأمة قبل الإسلام فإننا نشيد بهذا التاريخ ، نشيد بالفرعونية ،
 
نعتم على الإسلام ، هذا من فعل الشيطان أيضاً :
 
 
ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ 
 
وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ 
 
( سورة الأعراف الآية : 17 )
 
 
 
 
 
 
دائماً المؤمن يتعرض لوسوسة الشيطان ، يوسوس له بالكفر ، إن رآه على
 
إيمان يوسوس له بالشرك ، إن رآه على توحيد يوسوس له بارتكاب الكبائر ، إن 
 
رآه على طاعة يوسوس له بارتكاب الصغائر ، إذا وجدع قمة في الورع بقي مع 
 
الشيطان ورقتان رابحتان ، التحريش بين المؤمنين ، المؤمنون أطياف الآن ، هذا 
 
الطيف يتهم هذا الطيف ، وهذا الطيف يكفِّر هذا الطيف ، وهذا الطيف يبدّع هذا الطيف 
 
، وهذا الطيف يحتقر هذا الطيف ، هذه الخصومات بين المؤمنين ، وتراشق 
 
التهم من فعلِ الشيطان ، أما آخر ورقة فيغريه بالمباحات ، يضيع وقته كله بتحسين
 
حياته ، وبيته ، ومركبته ، ودخله ، وتجارته ، ويفوته خير كثير من الأعمال الصالحة .
 
 
مثلاً : مَن منا يصدق أنه رقم لمركبة ، لأنه رقم واحد ثمنه 56 مليونًا ضرب 13 ، مقابل
 
أن رقم مركبتك واحد ، ما هذا المكسب العظيم ؟! أنت ماذا قدمت للأمة ؟
 
ماذا يعني الواحد أو الألف أو مئة ألف ؟ قيم فارغة ما لها معنى إطلاقاً .
 
إن آخر ورقة رابحة بيد الشيطان يغري بها الناس أن يقول لك : 
 
منظر طبيعي ، تجريدي ، ثمن اللوحة 30 مليونا ، والناس يموتون من الجوع ، هو
 
يقتني لوحات فنية ، ويعتني بهذه اللوحات ، وكأنها دين جديد له ، هذا مِن فعل الشيطان .
 
 
في بعض البلاد تم إعدام عشرين مليون رأس غنم ، ودفنت تحت الأرض حفاظاً 
 
على أسعار اللحم المرتفعة ، وشعوب تموت من الجوع ، وتم إتلاف محاصيل 
 
تكفي لقارة ، محاصيل حمضيات ، محاصيل البن ، إنتاج الألبان ، ومرة ألقي في البحر
 
من مشتقات الألبان ما يساوي حجمه أهرامات مصر ، حفاظاً على الأسعار .
 
نعيش في عصر حماقات ، في عصر قسوة ، في عصر ثقافة إجرامية ، 
 
قلب الإنسان كالصخر ، همه ذاته ، همه أن يأكل وحده .
 
الأرض فيها قسم شمالي ، وهو فوق خط الاستواء ، وقسم جنوبي تحت خط الاستواء ،
 
كم تتصورون نسبة سكان القسم الشمالي إلى القسم الجنوبي ؟ 20% ، 20% من سكان الأرض
 
يسكنون فوق خط الاستواء ، هؤلاء الـ 20 % ماذا يملكون ؟ يملكون 80% من ثروات الأرض
 
لذلك أُحدث مصطلح جديد اسمه دول الشمال ، ودول الجنوب ، دول الشمال غنية جداً ، 
 
ودول الجنوب فقيرة جداً .
 
وهذا الذي يجري في العالم من حروب ، واجتياحات ، ونهب ثروات ، وقتل شعوب ،
 
رقم مليون قتيل عادي جداً بالعراق ، وخمسة ملايين مشرد ،
 
ولا أحد يعترض ، والعالم كله ساكت .
 
 
 
 
 
 
 
معركة الحق والباطل أزلية ، ولحكمة بالغة
 
فلذلك حينما تعاني ما تعاني من استقامتك ، وانضباطك ، ومبادئك ، وقيمك ، 
 
تأتي قصص الأنبياء السابقين لتخفف عنا ، لست وحدك ، هذا شأن أهل الحق .
 
إن المعركة بين الحق والباطل معركة أزلية أبدية ، لماذا ؟ 
 
لأنه كان من الممكن أن يكون أهل الباطل في كوكب آخر ، ما سوى الله كل شيء ممكن ،
 
وكان من الممكن أن يكون أهل الباطل في قارة أخرى ، أو في حقبة أخرى ، 
 
وانتهى كل الصراع ، لا كانت غزو بدر ، ولا غزوة أُحد ولا الخندق ، ولا القادسية .
 
أنا أعجبتني كلمة ! لن أقول : استعمار ، إن شاء الله ، أقول :
 
استدمار ، الإعمار شيء إيجابي ، الله قال :