بقلم : مليحة الشهاب
حينما وصلت سارة إلى نفق مسدود في علاقتها مع زوجها ويئست من إمكانية إصلاحه طلبت منه الطلاق، لكن إمعانا في إيذائها رفض تطليقها فاضطرت إلى اللجوء للمحكمة.
كان الأمر مفاجئا حينما أخبرتني (بعد عام من الجرجرة في المحاكم) أنها عادت إليه.. وحينما عاتبتها أجابت بأن البركة في مديرية الجوازات ، وأكملت موضحة:
الحكاية فيها شيء من الطرافة التي لا يمكن أن تحدث إلا عندنا..كنت في أشد الحاجة للفلوس، فذهبت للبنك لأسحب (ما يمشي الحال) وأستخرج بطاقة صراف، لكن لم أستطع إنجاز أي منهما فليس لدي ما يثبت شخصيتي، فركضت إلى مديرية الأحوال المدنية لأستخرج بطاقة الأحوال باستخدام الجواز، لكن شفاعته لم تنفع لأنه منتهي الصلاحية.. إلى هنا الأمور تسير بحسب الإجراءات التي تدخل في سياق المنطق، لكن حينما اتجهت إلى مديرية الجوازات لتجديد جوازي، واجهتني العقدة التي لم أستطع حلها وأجبرتني على العودة إلى جحيم زوجي، فقد رفضوا أن يقوموا بتجديد الجواز دون موافقة ولي الأمر.. وهكذا بسبب الجواز توقفت كل شؤون حياتي، فأنا هنا كائن لا يكتسب وجوده إلا في ظل رجل.
أمثال سارة كثيرات ولابد من تحكيم العقل لرفع الظلم الواقع عليهن لذا نقول: طالما أن الهدف من عدم السماح للمرأة بتجديد أو استخراج جواز لها إلا بموافقة ولي أمرها، هو منعها من السفر دون إذن وليها، فموظف الحدود يقوم بهذه المهمة حيث لا يسمح للمرأة بتخطي شبرا واحدا خارج أرض الوطن إلا بعد التأكد من أن ولي أمرها بصحبتها أو لديها إذن منه بالسفر وحدها أو بصحبة من خوله مرافقتها.
وبالتالي فإن ما يحدث على الحدود يدل على أن استخراج الجواز بموافقة الولي لا يمكن أن يحقق هدف منع المرأة من السفر دون موافقة وليها، لذا من المنطق وجوب التخلي عن شرط الموافقة هذا، ومن جهة أخرى، الجواز لم تعد مهمته فقط ورقة عبور يتم إشهارها عند السفر بل له استخدامات داخل الوطن، كونه يشكل إثبات شخصية فهو يستخدم في دوائر حكومية ومؤسسات خاصة لإنجاز العديد من المهام التي تسير شؤون المرأة، لذا يتحتم أن يعامل الجواز كما تعامل بطاقة الأحوال الشخصية التي سمح أخيرا باستخراجها دون الحاجة لموافقة الولي.
هل من استجابة لصيحة العقل واستجداء الضمير؟