كانت رياح الشتاء تُزمجر بشراسة ، وكانت القلوب الصافية مُنهكة القوى ..
حبيبتي ..
حين يجف ألم الفؤاد ، أعدك ِ بأن أعتصر ألما ً جديدا تتلذذين منه ..
هنا..
لم أكتب مُعلنا عن وجه ثورة ٍ فكرية ، تناطح بقرونها ذكرى الثورة الفرنسية ..
ولكنها همسات قلبي المحترق بالجحود الكبير ..
ماذا تريدين مني ؟!
أبعد كل العذابات المؤلمة ، والإرهاصات القابعة في رعشة قلمي تريدين مني الإستمرار ؟!
إن النهاية هي قدر كل شيء ..
ويستثنى من ذلك رب ٌ واحد ، أسدل عليك ِ مارد الحُسن ..
تريدين مني أن أجثو على ركبتيَّ..
أن أمزق كبريائي ..
أن أبعثر ماتبقى من كرامة ؛ حتى تجودين بنظرة عشوائية ،
لربما رمقت ِ بها شيئاً وراء ظهري ..
كلا !!
لن تفوزي بمثل هذا الشرف ..
لم يعد يُخيفني مارد حُسنك ِ الساحر ، ولم أعد أخشاه
كان يتمتم بتعاويذ غريبة ، وينتصر ..
نظرة إيروتيكية ..
بسمة عبثية ..
لكن كل ذلك إنتهى ، فقد أستوقفتني مشاعري النازفة ..
لقد عشت وحيدا ..
وولدت وحيدا ..
ولن أغير في نمطية الحياة لو مت وحيدا ..
وحتما ً سأنسى ..
محبة الزيف النحيل ..
وروحانية السخف والطيش والردى ..
وأن كل الحظ قد قُتل تحت قدميك ِ ..
ولكنني لن أنسى ..
أنك ِ مررت ِ ذات جفاء ، بقبور جراحي ..
وأشعلت ِ فيها النار ، فما ذنب الهاجعون من الموتى ؟!
سأنسى كل تفاصيل جسدك النرجسي ..
تلك العيون ، ذلك الخد ، رقة القد ..
حتى آخر ملامح الطغيان وحيثما أمتد ..
إلا أنني أعتذر عن نسيانك ِ بالذات ؛ فهذا يتطلب مني ..
أن أمزق قواميس الطغاة وهذا صعب !
أن أكفر ألف ألف ألف مرة ٍ بالحُب وهذا صعب !
أن أمحو وجهك ِ من تاريخ ذاكرتي وهذا صعب !
أن أنسى برودة جسدك ِ الحائر على يدي وهذا صعب !
ولكنني سأنسى ..
دموع الغمام على خدك ِ الزاهي ..
وأن الرياح العاتيات ، قد مرت على قُرى آمالي البِكر ..
وسأنسى ..
أن قيثارة الحُب قد تحطمت منذ الأزل ..
وفي فناء الأغنيات ماتت أحزان الغروب ..
وسأمضي طويلا وحيدا كئيبا ، مثل زورق الأحلام في محيط الغباء !
فأنحت على تمثالك ِ الطاغي ، في ميدان الحُب الوردي كلمة ً فيها ..
(( هُنا قتل الوفاء ))
أعدك ِ ..
بأن الحُب من بعدك ِ لن يكون إلا رمزا ..
وأن مسافات القفار الموحشة ستطوى ، وعلى صدري وشم خيانتك المُبهِــر والمميت
أعدك ِ ..
بأن أنسى قوافل النور التي ماتت ، وضجيج الموت الذي بات همسا ..
وأن هذا الكلام لن يمر إلا على مسامع من أحب ومن أكره ..
ولربما سيمر ذات يوم بين يدي من فتحت أبواب قلبي من بعد رحيلك ..
وأحسب أنها ستضم أوراقي إلى صدرها وتغفوا ..
هل علمت ِ الآن بأنك ِ إمرأة ٌ عادية ؟!
وأنك ِ بالنسبة لي ..
أجمل مافي العمر ، وأسوأ مافيه ..
مع تحياتي اخوكم / صوت الحجاز