[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
في بعض الأحيان قد تسمع خبراً أو تقرأ عن حادث ما في أكثر من مكان وأكثر من مصدر،
فتجد اختلافات كثيرة وقد يكون بينها شيء من التناقض والتضاد،
فتقول في نفسك هناك كذب في الموضوع،
لكن الحقيقة غير ذلك،
فالذين يروون الخبر قد لا يكونون يكذبون ولكنهم يروونه بالطريقة التي أدركوها ووعوها.
فالحقيقة هي أن الناس لا يرون الواقع بصورة متماثلة،
فأفكار الإنسان وثقافته وعواطفه واهتماماته تتدخل في نقل صورة الواقع إلى ذهنه،
فحادث سيارة مثلاً يقع في الطريق العام ويشهده كثيرون هو واقع واحد
ولكن صورته تنتقل إلى أذهان المشاهدين له بأشكال عدة
تختلف فيما بينها بحسب اختلاف نوعية المشاهدين أنفسهم
وما تنطوي عليه جوانحهم من اهتمامات وأفكار.
ولو افترضنا أن المشاهدين لحادث السيارة
كان أحدهم
أباً لسائق السيارة المصدومة
والآخر رجل إسعاف
والثالث شرطي مرور
والرابع صحفيا
إلخ
فإن كلا منهم سيرى في ذلك المشهد صورة غير تلك التي يراها الآخر،
فالأب : في تلك اللحظة لن يرى سوى آلام ابنه وسبل التخفيف عنه وتأمين سلامته،
ورجل الإسعاف: لن يرى سوى حجم الإصابات وكيف يتعامل معها،
والشرطي : سيشغله البحث في كيفية وقوع الحادث وأسبابه ومن المخطئ وفي أي وقت وقع،
أما الصحفي : فهمّه الأول من ذلك الحادث هو أن يبحث عما قد يكون فيه من إثارة أو اختلاف عما هو معتاد في حوادث أخرى.
إن الواقع شيء واحد ولكننا لا نراه جميعنا في صورة واحدة
فأفكارنا واهتماماتنا تضفي عليه ظلالاً تعطيه أشكالاً مختلفة،
ومن ثم ينتقل إلى أذهاننا في صور متفاوتة تمثل اهتماماتنا وما يشغل أذهاننا،
فصورة الواقع لا تنتقل إلى أذهاننا مجردة مما يشغلها عادة،
ومن هنا تظهر المشكلات في النقل والتداول،
فنحن عندما ندمج أفكارنا مع الواقع الفعلي،
نشوه الحقيقة ويصير الواقع أمامنا مجرد انعكاس لما تراه عقولنا ويدفعنا إليه تفكيرنا.[/align]
د / عزيزة المانع