التقوى خير زاد
إن خير ما يتزود به العباد في هذه الدار الدنيا ليوم معادهم هوتقوى الله عز وجل ، كما
قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).(البقرة: من الآية197).إنه الزاد الذي لا غنى للعبد عنه ليقدم على ربه آمنا وإلا ندم يوم لا ينفع الندم:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى .....
ولاقيتيوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله .....
وأنك لم ترصد كماكان أرصدا
إنها خير ما يتزين به العبد وخير لباس يرتديه
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِاللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
(الأعراف:26).
ومما يدل على أهمية التقوى وعناية الله عز وجل بتحقيق
العباد لها أن الله تعالى قد وصى بها الأولين والآخرين وبيَّن
ذلك في كتابه الكريم فقال:
وَلَقَدْوَصَّيْنَا الَّذِينَ أُ وتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ
أَنِاتَّقُوا اللَّهَ).(النساء: من الآية131).
ومما يدل على أهمية التقوىمن الدين أن أنبياء الله من نبي الله نوح عليه السلام إلى نبيه محمد صلى الله عليهوسلم قد أمروا بها أقوامهم وطالبوهم بتحقيقها ،
(إِذْقَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ). (الشعراء:106)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:124)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:142)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء:161)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاتَتَّقُونَ) (الشعراء:177).
أما نبينا صلى الله عليه وسلم فوصى بها أمته في العديد
من الأحاديث ويكفينا هنا وصيته للأمة في شخص معاذ بن
جبل رضي اللهعنه حين قال له: " اتق الله حيثما كنت..."
الحديث.
معنى التقوى
إذا كان للتقوى هذه المنزلة من دين الله تعالى فينبغي معرفة معناها ، وقد ورد عن السلف رضي الله عنهمالعديد من العبارات في بيان معناها ولعلها تدور حول معنى واحد ، وهو أن يقوم العبد بأداء ما افترض الله تعالى عليه وترك ما حرم ليكون ذلك وقاية من وقوع العبد في عذابالله.
وقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه فسرها بأنها :
(الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل).
أما عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال:
(ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك،ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء
ما افترض الله).
من فضائل التقوى
إن القارىء لكتاب الله عز وجلليجد أن القرآن قد وعد المتقين بالعديد من المنح الربانية و جعلها ثمرة تقواهم لربهم تبارك وتعالى ومن ذلك أنه و عدهم بتفريج كرباتهم وإخراجهم من كل ضيق وكربة وكفايتهم أرزاقهم
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُمَخْرَجاً .وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ
لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق منالآيتين:3،2).
كما وعدهم بتيسير أمورهم: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: منالآية4).
ولو أن العباد حققوا تقوى الله حقا لفتحت عليهم البركات وأبوابالخيرات
: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْالَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوافَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف:96).
إن العبدليعمل الكثير من الأعمال يرجو بها رضا الله تعالى والفوز بمحبته، وقد وعد اللهالمتقين بهذا الفضل العظيم أنه الفوز بمحبته ومعيته : (بَلَىمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (آل عمران:76) .
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّالْمُتَّقِينَ)(التوبة: من الآية4)
(وَاعْلَمُواأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(التوبة: من الآية36).
هذا شيءيسير مما ور د من بشارات للمتقين في هذه الدنيا ، أما في الآخرة فإن لهم من الأجروالكرامة ما لا يعلمه إلا الله تعالى ومن ذلك:
وعدهم بالنجاة من عذابه:
(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَفِيهَا جِثِيّاً) (مريم:72).
(وَيُنَجِّي اللَّهُالَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْيَحْزَنُونَ) (الزمر:61) .
ومن كرامته على الله أنه يحشرهم يومالقيامة مكرمين آمنين: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَىالرَّحْمَنِ وَفْداً) (مريم:85)
ثم هم يوم القيامة في جنات يتنعمون، يجدون فيها الجزاء الطيب على تقواهم لربهم في هذه الدار الدنيا:
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُالْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَكَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ).(النحل:30 ،31).
وقال تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍوَعُيُونٍ).(الحجر:45).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِيمَقَامٍ أَمِينٍ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ.كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ. يَدْعُونَفِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ.لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّاالْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ. فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (الدخان:51-57).
ولو أردنا أن نتتبعكل ما ورد في القرآن من فضائل التقوى لطال بنا المقام لكننا أردنا أن ننبه فقط إلىشيء من فضائلها ، والحر تكفيه الإشارة ، فنسأل الله أن يعمر قلوبنا بتقواه وأنيرزقنا ثواب المتقين ، والحمد لله رب العالمين.
منقول للفائدة
تحياتي
محمد محمود