العلاقات السعودية اليابانية.. ماضٍ راسخ ومستقبل مشرق

زيارة الملك عبدالله الأخيرة إلى طوكيو رسمت آفاق التعاون في الألفية الثالثة

العلاقات السعودية اليابانية.. ماضٍ راسخ ومستقبل مشرق


خادم الحرمين وحديث مع إمبراطور اليابان خلال زيارته الأخيرة إلى طوكيو عام 1998م
طوكيوـ طلعت وفا ، عادل الحميدان
خلال نصف قرن من الزمان ترسخت العلاقات السعودية اليابانية القائمة في أساسها على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في جميع المجالات.
وارتبطت المملكة مع اليابان ومنذ العام 5591م بعلاقات دبلوماسية لم تتأثر أبدا برياح التغيير التي لازمت الكثير من العلاقات الثنائية بين الدول خلال النصف الثاني من القرن الماضي، واللافت أن العلاقات السعودية اليابانية لم تقتصر على التفاهم السياسي والتعاون الاقتصادي بل شملت مجالات كثيرة في آفاق التعاون والصداقة.
واليابان كأحد صناع الاقتصاد الدولي لم تغب يوماً عن خارطة الاهتمام السعودي وكذلك الحال بالنسبة لصانع القرار الياباني الذي لم يغفل أبدا المملكة ودورها كرقم مهم في الخارطة الاقتصادية العالمية ومركز من مراكز القرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وبنظرة تاريخية سريعة الى مسيرة العلاقات بين البلدين نجد أن الاتصالات الرسمية قد بدأت في العام 8391م عندما زار السيد حافظ وهبة المبعوث السعودي لدى بريطانيا آنذاك بزيارة اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو، وفي العام الذي تلاه استقبل المغفور له باذن الله الملك عبد العزيز في الرياض المبعوث الياباني لدى مصر خلال زيارته للمملكة.
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وتحديداً في العام 3591م أرسلت الحكومة اليابانية أول وفودها الاقتصادية الى المملكة ثم تسارعت المسيرة لتتوج باقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 5591م، ومرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين بمحطة مهمة في العام 7591م حيث منحت المملكة حق امتياز للتنقيب عن النفط لشركة يابانية وهي شركة الزيت العربية.
وفي العام 0691م قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام عندما كلن يشغل آنذاك منصب وزير المواصلات بزيارة الى اليابان.
وتعززت العلاقات الثنائية بعد ذلك بزيارة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله الى طوكيو في العام 1791م لتدشن مرحلة أهم في تاريخ العلاقات السعودية اليابانية والتي شهدت العديد من الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين.
وتوطدت أواصر العلاقات بين الأسرة المالكة السعودية والعائلة الإمبراطورية اليابانية من خلال هذه الزيارات. فقد قام ولي عهد اليابان آنذاك الأمير أكهيتو وولية العهد الأميرة ميشيكو، بزيارة للمملكة في العام 1891م.

و نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله حضر صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز مراسيم تتويج الإمبراطور العام 0991م، وفي العام 4991م قام ولي وولية عهد في اليابان بزيارة الى المملكة.
وفي العام 7991م زار ريوتارو هاشيموتو رئيس وزراء اليابان في ذلك الوقت المملكة حيث شارك مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله في صياغة «الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين».
وفي شهر أكتوبر من العام 8991م، زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اليابان، حينما كان ولياً للعهد، ووقع أجندة التعاون السعودي الياباني مع رئيس الوزراء، كييزو أوبوتشي، وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض قد زار اليابان في شهر ابريل من نفس العام.
وفي العام 1002م زار وزير الخارجية الياباني يوهي كونو المملكة وأعلن مبادراته في ثلاثة مجالات وهي؛ تشجيع الحوار بين الحضارات مع العالم الإسلامي وتطوير مصادر المياه، والحوار السياسي الواسع المتعدد.
العلاقات الاقتصادية
هذه العلاقات المميزة التي تربط بين المملكة واليابان ترجمت على أرض الواقع وخاصة الواقع الاقتصادي حي تحتل اليابان المركز الثاني في قائمة أهم الشركاء التجاريين للمملكة حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين وفق آخر الاحصاءات 44636 مليون ريال تمثل الصادرات السعودية منها 52394 مليون ريال في يبلغ حجم الواردات من اليابان 91341 مليون ريال في العام 3002 م.
وفي مجال المشروعات المشتركة يبلغ حجم المشروعات السعودية اليابانية المشتركة في المملكة 74 مشروعاً منها 41 مشروعاً صناعياً، و( 33) مشروعاً غير صناعي برأس مال يبلغ 67,45622 مليون ريال تمثل حصة الجانب السعودي ما نسبته 70,74٪ والجانب الياباني 05,25٪ والنسبة الباقية لمستثمرين آخرين بنسبة 34,0٪.
وكان البلدان قد وقعا إتفاقية التعاون الاقتصادي والفني علي العام 5791م والتي تضمنت كذلك انشاء اللجنة السعودية اليابانية المشتركة لمتابعة تنفيذ بنود الإتفاق بين البلدين.
وكانت الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد الى اليابان من أهم المحطات في تاريخ العلاقات بين البلدين وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والفني حيث تم التوقيع خلال الزيارة على إعلان مشترك بشأن التعاون بين المملكة واليابان لحقبة القرن الحادي والعشرين والذي تضمن العديد من المرتكزات والتي شملت تاكيد قيادتي البلدين والتزامهما ببذل أقصى مساعيهما لتنفيذ برنامج التعاون المشترك والتأكيد على أهمية دور القطاع الخاص في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والاتفاق على ضرورة تشجيع وتيسير التعاون في القطاع الخاص في البلدين اضافة الى أهمية التعاون لتطوير علاقات التبادل التجاري والاستثماري في مجال النفط.
كما تم التوقيع على برنامج التعاون المشترك بين المملكة واليابان والذي يتضمن تشكيل أربعة فرق عمل وكذلك الإعلان المشترك للتعاون في حقل الشباب والرياضة والثقافة بين حكومتي المملكة واليابان كما تم تنظيم زيارة لوفد من رجال الأعمال السعوديين إلى اليابان بهدف التعريف بالإمكانيات والقدرات التصديرية للمملكة وفرصة الاستثمار وإقامة المشروعات المشتركة فيها والحوافز والتسهيلات المتاحة في هذا الصدد وحثهم بقوة على زيادة وارداتهم من المملكة، وتمت إقامة معرض صنع في السعودية في طوكيو وأوساكا في العام 0002م، كما تم التوقيع في نفس العام على الإتفاق الثنائي لفتح الأسواق في مجال السلع والخدمات مع اليابان.