الغربال الأمريكي

لم يكن الفيتو الأمريكي ضد قرار دولي يدين المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة الأول من نوعه ولن يكون الأخير لما عرف عن المواقف الأمريكية السلبية تجاه القضايا العربية الايجابية تجاه المجازر الإسرائيلية رغم بشاعتها ولا إنسانيتها وإدانة المجتمع الدولي لها، وهذا ليس بمستغرب على الإدارات الأمريكية سواء السابقة أو الحالية أو حتى اللاحقة، فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية استراتيجية إلى أبعد مدى وغير قابلة للنقاش أو حتى التفاهم، ورغم أن مشروع القرار الأممي لم يكن يقصد سوى الإدانة الورقية لا الفعلية حيث لا نتائج له على الأرض ونهايته الحفظ في احد الملفات التي سيطويها الزمن كما طوى ما قبلها، مع ذلك كله فإن الادارة الأمريكية ترفض حتى توجيه مجرد النقد لحليفتها المدللة التي هي فوق النقد بل حتى فوق القانون الذي طالما طالبت واشنطن بتطبيقه على دول أخرى أقل تهماً من التهم الملتصقة ب(إسرائيل) دوماً وأقلها قتل النساء والأطفال بدم بارد، ورغم ان الجرائم الإسرائيلية واضحة وضوح الشمس في يوم صيف ملتهب إلا ان (الغربال) الأمريكي يحاول ان يغطيها ويبررها بحجج واهية لا يقبلها عقل ولا منطق، فأي دفاع عن النفس ذاك الذي تمارسه (إسرائيل)، هل هدم المنازل على رؤوس ساكنيها يعتبر دفاعاً عن النفس، أم صواريخ الاباتشي هي من تثبت إنسانية الإسرائيلي، أم تراها قنابل المدفعية الثقيلة التي تحيل ليل غزة هاشم إلى نهار، كيف لواشنطن عاصمة الحرية العالمية ان تضع نفسها في الركن الإسرائيلي وتتحمل كل الاتهامات نيابة عن (إسرائيل) من أجل ماذا؟ نعلم جيداً ماذا قدمت الولايات المتحدة الأمريكية من دعم مادي ومعنوي منذ قيام الكيان الصهيوني، لكن السؤال ماذا قدمت (إسرائيل) لأمريكا حتى تحميها كل هذه الحماية وترعاها أكثر مما ترعى أياً من ولاياتها، هل هو اللوبي الصهيوني في أمريكا، وهل يملك كل هذا النفوذ والتسلط على ساسة دولة طالما تغنينا بحريتها وديموقراطيتها ومساواتها بين كافة الأجناس والأعراق والأديان؟.
هو أمر محير بالفعل ويجعل الواحد منا يدور حول نفسه دون ان يجد جواباً مقنعاً يستطيع به الرد على كل التساؤلات الكبيرة.. دون جواب ونحن الأمة العربية المعنيون بالأمر ماذا نحن فاعلون، هل سنكتفي بالتنديد والشجب، أم سننتقل إلى مرحلة العمل الايجابي الذي قد يعيد لنا بعضاً من كرامتنا التي اهدرت على الأرض التي بارك الله حولها؟

لا أملك الاجابة، وربما يجدها المجلس الوزاري العربي في اجتماعه المنعقد بالقاهرة.

مقال للكاتب الصحفي / هاني وفا