قراءة لاقتراح فضيلة الشيخ يوسف الأحمد لإعادة بناء المسجد الحرام

قراءة لاقتراح فضيلة الشيخ يوسف الأحمد لإعادة بناء المسجد الحرام
عبد الرحمن بن محمد الأنصاري

بعد كشف اللثام عن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، لتوسعة

المسجد الحرام ، بما لا يتعارض مع الاقتراح الذي أعلنه فضيلة الشيخ / يوسف الأحمد ، لتوسعة جديدة

للمسجد الحرام ، بدأت هذه النغمة الجديدة في عزف أوتارها ، وهي أن المشروع كان مُقرا من قبل

اقتراح ودعوة الشيخ يوسف ، وهو قولٌ لا اعتراض لنا عليه ، ولكنّ الإنصاف يقتضي مراعاةُ ما يأتي:

1ـ إذا كان المشروع قد أُقرّ قبل اقتراح الشيخ يوسف الأحمد ، وبما يتفق ولا يتناقض مع مقترحه ،

فلماذا اتجهت سهام الانتقاد إليه من أولئك المتربّصين ...؟!

2 ـ لماذا سكتَ أولئك المنتقدين للشيخ بعد إقرار المشروع ، ولماذا لم يتناولوا بالنقد والتسفيه ما

سينتج عنه قطعا وهو ( الهدم ) للبناء القائم الذي لا يمكن للتوسعة أن تقوم ببقائه ...؟!
3 ـ لماذا عميت أبصارُ وبصائر المنتقدين للشيخ / يوسف الأحمد عن الاقتراح الذي اقترحه لتوسعة
المسجد الحرام قبل نحو من ثلاث سنوات ، ذلك الاقتراح المنشور في جريدة الجزيرة السعودية في
عددها رقم ( 12875 ) وتاريخ : 20/12/1428هـ الموافق :30 ديسمبر2007م ....وهل يمكن القول أيضا بأن إقرار التوسعة الجديدة للمسجد الحرام سابقٌ لذلك الاقتراح من الشيخ والمنشور قبل ثلاث سنوات ...؟!
لقد قرأتُ اقتراح الشيخ يوسف نفع الله بعلمه بخصوص التوسعة ، وسمعتُ جزءا من حديثه حولها ، كما قرأتُ الكثير من الردود والاعتراضات والأهاجي التي تناولت فضيلته بما يتضمن التجنّي حينا وقلة الأدب حينا آخر ، فخرجتُ من ذلك بالنتيجة التالية وهي :
أن الذين انتقدوا الشيخ وعابوا مقترحه ، هم بين اثنين :
من سمع منتقدين للشيخ ، فحاكاهم من غير تثبّت أو رجوع إلى اقتراح الشيخ ... أو جاهل مغرض ، وأنّ عامة مآخذهم على فضيلة الشيخ يوسف واقتراحه سببها جملتان وردتا في الاقتراح ، إحداهما :
( الهدمُ ) ... والأخرى : ( الاختلاط ) .. فالشيخ أتى من وجهة نظرهم بالجريمة الكبرى وهي : الدعوة لـ( هدم ) المسجد الحرام .. والأخرى : التزمت بطلبه عدم الاختلاط القائم هنالك منذ بدء وظهور الإسلام حتى اليوم .. فأي تطرف وأي تزمّت يداني مثل هذا ..!
ولكنّ الحقيقة الساطعة التي لن تخفى على أي منصف هي: أنّ ( الهدم ) الوارد عرضا في اقتراح الشيخ ، إنما هو من تحصيل الحاصل ، إذ كيف يمكن تصوّر توسعة للمسجد الحرام بمباني جديدة ، دون إزالة للمباني القائمة الآن ... فهل كان على الشيخ يوسف الأحمد أن يستعمل مثلا عبارة ( إزالة ) بدلا من ( الهدم ) ليتفادى الانتقاد الذي وُجه إليه ؟!...
أمّا المسألة الأخرى وهي ( الاختلاط ) فإنها أيضا لم ترد في اقتراح الشيخ إلا عَرَضا وكونها من الفوائد التي تتضمنها التوسعة المقترحة ، حيث تكون هنالك أدوار خاصة بالنساء ، يأمنَّ فيها من اقتحام الذكور لهنّ فيها واطلاعهم على ما يجب عليهن ستره عن أعينهم......
ولكن المتربّصين بالشيخ وأمثاله ، صوّروا الأمر على أنّ عالما من علماء الإسلام ( دعا إلى هدم المسجد الحرام ، وبناء بناء جديد من أجل منع الاختلاط ) ....
فهم أخذوا ذلك المنحى لكونه هو الخبر الذي سيُلفت الانتباه ، ويحقق القدر الأكبر من التشنيع على الدعاة وأولي العلم.. ترسّما منهم وجريا على القاعدة التي يسيرون عليها في تعريف الخبر وهي :
أن الخبر ليس هو أن تقول إن ال...َ عضّ الرجل ، فذلك أمرٌ معتاد وليس بمستغرب .. ولكن الخبر الحقيقي هو أن تقول : إنّ الرجل هو من عضّ ال...َ ) .....
وعلى ضوء وهدى ذلك التعريف الجامع المانع ، فإن الخبر ليس أن تقول :
إن عالما من علماء المسلمين ، دعا إلى توسعة دائرية للمسجد الحرام قوامها عشرة أدوار ، من شأنها أن تستوعب في وقت واحد الملايين من الناس وتكون بها أدوار خاصة بالنساء تحول بينهن وبين الاختلاط الذي يصل إلى درجة التصاق الأجساد بالأجساد ....
بل الخبر أن تقول : إن ذلك العالم قد دعا إلى هدم المسجد الحرام وبنائه من جديد ليكون قسم منه للرجال وقسم منه للنساء منعا للاختلاط...
إنّ ذلك هو نفسه ما تولّت جريدة الوطن السعودية كِبره في تشنيعها على فضيلة الشيخ / يوسف الأحمد حفظه الله وحرّفتْ اقتراحه القيّم الذي سيكون هو بإذن الله قِوام ما ستكون عليه توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القادمة للمسجد الحرام ، حتى ولو عن طريق التطابق والاتفاق والالتقاء غير المقصود مع أفكارها السامية ، والأهداف النبيلة التي حملتْ فضيلة الشيخ يوسف الأحمد على اقتراحه الذي أُقيمت الدنيا بسببه ، وأثير ما أثير من اللغط والغبار حوله .....
ومن عجائب الصُّدف وخذلان الله لنوايا القائمين على تحرير جريدة الوطن وعلى رأسهم كبيرهم / الخاشقجي / : أن تلك الجريدة التي حملت وزر تحريف اقتراح فضيلة الشيخ بإعادة بناء المسجد الحرام ، هي نفسها من استكتب ونشر لذلك الكاتب الأمريكي المتطرف والمتصهين البغيض الذي دعا جهارا نهارا ، بتوجيه صواريخ ذكية لهدم الكعبة المشرّفة .....
فـ( هدم الكعبة ) بالصواريخ ، لم يُثر لديهم ما أثاره اقتراح فضيلة الشيخ / يوسف الأحمد ب( هدم ) البناء القائم حاليا بالمسجد الحرام ، من أجل بناء جديد يسع ملايين المصلّين ...؟!
وصدق من قال :
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ .. .. .. طُويتْ أتاح لها لسان حسودِ