النظام وضع ليطبق، وفي بلادنا من الأنظمة ما يكفي للتعامل مع الغالبية العظمى من الحالات. لكن المشكلة تطل برأسها عند محاولة تطبيق الأنظمة. أستطيع أن أسرد عليكم قائمة طويلة بحالات مخالفة للنظام يتم تجاهلها حتى باتت لا تسترعي الانتباه.
هل أبدأ بالمرور؟ حسنا، سر في أي شارع من شوارعنا وستجد العشرات من المخالفين في جولة لا تستغرق منك أكثر من عشر دقائق. ستجد من يتجاوز السرعة المحددة ومن يقطع الإشارات ومن لا يلتزم بربط حزام الأمان ومن يرمي مهملاته من نافذة السيارة. هذه المخالفات يمكنك أن تراها أمام عينيك، وهناك غيرها إذا ما تقصيت مثل عدم تجديد الاستمارة أو تعطل عداد السرعة وغيرها.
هل نذهب لوزارة التجارة؟ لا بأس، قضايا التستر أوضح من شمس رابعة النهار. بإمكاني أنا - بإمكاناتي المتواضعة - أن أرشد الوزارة إلى العشرات من المتسترين . قضايا الغش التجاري كذلك منتشرة بطريقة تجعلك تشكك في أن الوزارة تبذل أي مجهود في سبيل مكافحتها. أما قضايا الشيكات بلا رصيد فقد جعلت الثقة معدومة بالشيك لدرجة أن لا أحد يقبل بشيك غير مصدق ما لم تكن هناك فترة فاصلة بين استلام الشيك وتسليم البضاعة.
يمكن أن يستمر المرء طويلا في تتبع جهات لا تقوم بواجبها في تطبيق الأنظمة المفترض بها تطبيقها، لكن أحسب أن الفكرة وصلت على كل حال.
والمبرر الذي تسوقه الجهات المقصرة مهما كانت تراه وجيها لا ينفي عنها تهمة التقصير. فمن يشتكي من شح الإمكانات المادية مثلا لا يمكنه الآن الركون إلى هذا المبرر مع الميزانيات الخرافية المرصودة التي تتمتع بها كافة الجهات الحكومية . أما من يشتكي من أن تطبيق النظام ليس شأنا خالصا للجهة التي يمثلها بل يتعلق بجهات أخرى تكبلها البيروقراطية وليس لديه سلطان عليها فيتعين عليه عدم الاستكانة والجد في تغيير الحال، وإلا فليترك مكانه لمن يستطيع ذلك .
هناك فرق كبير بين من يسير الأعمال ولا يحرك ساكنا في المصلحة التي تولاها وبين من يشعر بعظم المسؤولية ليعمل بكل إمكانيته كي يطور ويبدع ويجد الحلول للمصاعب التي تعيق حسن سير العمل . هناك من يحدث فرقا عندما توكل إليه أي عمل وهؤلاء هم النوعية التي يحتاجها الوطن.
بقلم / طارق العبودي