سأفتحُ بابًـا من ورائه باب ..
علَّه يخفف من عبء الضغط على الأخشاب ..
أما عرفتَ أن الحزن مثل الفرح يحتاج إلى أن يشاركك فيه ذوو ألباب ؟
،,
1
ضابط شرطة ، أرهقه العمل ، أضناه طول التعامل مع المجرمين ،
صُبغتْ شخصيته بصبغة صلدة .
خلجات نفسه تتحلى بأرق طباع ، اجتهدت زوجته في توصيل
هذه الحقيقة لأبنائهما ، ولكن رغما عنه تنفلت شخصيته الصلدة
أمام الأطفال فلا يقوى على كبح جماحها وهي تنطلق وقد أفلتَتْ
الزمام من بين يديه وأخذَتْ تدوس بحوافرها على التربة
الطينيّة الكامنة في نفوسهم ، وهم يناظرونها بدموع تنساب
من أعينهم فلا يملكون لها دفعًا ولا يملكون لأنفسهم فرارًا .
حفظ الأمن داخل وطنه ،
وأفقد أطفالَه أمنَهم
النفسي .
,،
2
فقيرٌ ، يعوز الاصطبار َ ، ويعوزه المتّقون ، لا يتلبّس أحدٌ حاله .
تَحْيَكُ زوجه ملابس أطفالهما بخيط الوعد ، وتزينها بفصوص
الأمل في الغد .
تطهو لهم أفخر موائد الابتهال لله أن يرزقهم بمن يكتشفهم برفق .
هم عائة أجادت فن التنكّر وسط أمواج البشر ، تحسبهم أغنياء ،
وهم يتضورون جوعًا وبردًا ورهبة ً.
لا يحقدون ، ولا يحسدون ، ولا يتمردون ، كل ما هنالك أنهم : يبكون !
3
شيخٌ أعمى ، حبيس الجدران ، خَبرَ بإتقان تفاصيل البيت ،
يجزم بأنّ الشارع مجهول كبير ، و مخاطرة غامضة النتائج .
خروجه نادرٌ ، صبره طويلٌ ، ليله مثل نهاره .
يقبع في داره ، خلف الباب المُوصَد بإحكام .
رافقه العمى لأكثر من ثلاثين عاما ، لا يأسى
على ما فاتَه ،
ولا يفرح بما سيأتيه ، وكل ما يفتقده حقا :
حروف كتاب الله يقرأها بناظريه .
،,
4
قطة شعرها أبيض ، لا تعرف ممّا ابيضّ !
أبيضّ من تزاحم السنين على كاهلها ؟ أم ابيضّ من
خلو صفحات حقّها في الحياة ؟
أصحابها يُطعمونها ، و يُسقونها ، ويحتاطون عليها من نسيم الهواء ؛
فصنعوا لها علبة داخل علبة داخل علبة ..
هناك أسفل منضدة المذياع
كانت تستمتع بأحاديثهم وهي صغيرة ، وبعد أن هرمت
صارت تُضَيّع الوقت بالإنصات .
لاعبها أطفال أصحابها ،
ثم لعب بها أحفادهم
تسترق النظر من الشباك ، ولا تزال تكمن داخل العلبة
ذات ثلاث الطبقات ، هناك ..
خلف الباب المُوصَد بإحكام
أه ه ه ،،،
منك يا ابواب
كم قُصت من خلفك حكايات
و كم كانت وراءك بدايات
و كم ختمت فى ظلك نهايات
أ ه ه ه ،،
منك يا ابواب
راقت لي وأتوقع أن وجود مثل هذه الأبواب من النعم