

حقيقة الكهانة
السؤال (32): فضيلة الشيخ ، ما هي الكهانة؟
[grade="FFA500 FF6347 008000 4B0082"]الجواب : الكهانة فعالة مأخوذة من الكهن ، وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور لا أساس لها ، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصل بهم الشياطين وتسترق السمع من السماء ، وتحدثهم به . ثم يأخذون الكلمة التي سمعوها بل الكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ، ويضيفون إليها ما يضيفون من القول ، ثم يحدثون بها الناس ، فإذا وقع الشيء مطابقاً لما قالوا ، اغتر بهم الناس ، واتخذوهم مرجعاً في الحكم بينهم ، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل. [/grade]
ولهذا نقول : الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل ، والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه ، فهذا محرم ، وعقوبة فاعله ألا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً أو أربعين ليلة"(21) .
القسم : الثاني : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به ، فهذا كفر بالله عز وجل ، لأنه صدقة في دعوى علم الغيب ، وتصديق البشر في دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65)، وتكذيب خبر الله ورسوله كفر ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"(22).
القسم الثالث : أن يأتي للكاهن فيسأله ، ليبين حاله للناس وأن ما يفعله كهانة وتمويه وتضليل ، فهذا لا بأس به ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بابن صياد أو أتاه ابن صياد فأضمر له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في نفسه ، فسأله - أي النبي صلى الله عليه وسلم - ماذا خبأ له ، فقال : الدخ ، يريد الدخان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اخسا ، فلن تعدو قدرك" (23) .
هذه أحوال من يأتي إلى الكهان ، وهي ثلاثة ، أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه ، وبدون أن، يقصد امتحانه وبيان حاله ، فهذا محرم ، وعقوبة فاعله ألا تقبل له صلاة أربعين ليلة. الثانية : أن يسأله فيصدقه ، وهذا كفر بالله عز وجل ، يجب على الإنسان أن يتوب منه ، ويرجع إلى الله عز وجل ، وإلا مات على الكفر ، والحالة الثالثة : أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ، ويبين حاله للناس ، فهذا لا بأس به.
حكم مرتادي الكهان
السؤال (33) : فضيلة الشيخ ، حبذا أيضاً لو عرفنا أحوال الناس الذين يرتادون الكهنة والكهان ؟
الجواب : أحوالهم ثلاثة :
الحال الأولى : أن يأتي إلى الكاهن فيسأله بدون أن يصدقه ، ولا يقصد بذلك بيان حاله فهذا آثم ، وعقوبته ألا تقبل له صلاة أربعين يوماً.
الحال الثانية : أن يأتيه فيسأله ويصدقه وهذا كافر ، لأن مكذب لقول الله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)(النمل:65).
الحال الثالثة : أن يأتي إليه فيسأله ليمتحنه ، ويبين حاله للناس ودجله وافتراءه ، وقلنا : إن هذا لا بأس به ، ومن المعلوم أن الشيء الذي يكون مباحاً إذا أفضى إلى محظور فإنه يكون محظوراً ، فلو قدر أنه في هذه الحال الثالثة التي أتى إليه فيها ليمتحنه ويبين حاله أن يغتر به من يغتر من الناس ، فإنه في هذه الحال لا يفعل ولا يأتي إليه ولو لهذا القصد الصحيح ، لأن القاعدة أن ما أفضى إلى محظور فهو محظور.
التنجيم وحكمه
السؤال (34) : فضيلة الشيخ ، نريد أن نعرف التنجيم وحكمه؟
الجواب : التنجيم مأخوذ من النجم، وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية ، بمعنى أن يربط المنجم ما يقع في الأرض أو ما سيقع في الأرض بالنجوم ، بحركتها وطلوعها وغروبها واقترانها وافتراقها وما أشبه ذلك ، والتنجيم نوع من السحر وهو محرم ، لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها ، فلا علاقة لما يحدث بالأرض بما يحدث في السماء ، ولهذا لما كان من عقيدة أهل الجاهلية أن الشمس والقمر لا يكسفان إلا لموت أحد ، أي لموت عظيم ، فكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم رضي الله عنه ، فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس حين صلى للكسوف ، وقال : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته"(24) ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ارتباط الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، وهو كذلك ، وكما أنه - أي التنجيم - بهذا المعنى نوع من السحر ، فهو أيضاً سبب للأوهام والانفعالات النفسية التي ليس لها حقيقة ولا أصل ، فيوقع الإنسان في أوهام وتشاؤمات ومتاهات لا نهاية لها.
هناك نوع آخر من التنجيم : وهو أن الإنسان يستدل بطلوع النجوم على الأوقات والأزمنة والفصول ، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه ، مثل أن يقول : إنه إذا دخل النجم الفلاني فإنه يكون قد دخل موسوم الأمطار، أو قد دخل وقت نضوج الثمار ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
السؤال (35) : فضيلة الشيخ يعني أن هذا يكون من باب استقراء السنن الكونية؟
الجواب : نعم هذا كما نقول إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ، وإذا غربت دخل وقت المغرب ، وما أشبه ذلك .
علاقة التنجيم بالكهانة
السؤال (36): فضيلة الشيخ ، لكن هل هناك علاقة بين التنجيم والكهانة؟
الجواب : نعم ، العلاقة بينهما هي أن الكل مبني على الوهم والدجل ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وإدخال الهموم والغموم عليهم، وما أشبه ذلك.
أيهما أخطر؟
السؤال (37): فضيلة الشيخ ، لكن أيهما أخطر على المسلمين؟
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]الجواب : هذا ينبني على شيوع هذا الأمر بين الناس، فقد يكون في بعض البلاد لا أثر للتنجيم عندهم إطلاقاً ، ولا يهتمون به ، ولا يصدقون به ، ولكن الكهانة منتشرة عندهم فتكون أخطر.
وقد يكون الأمر بالعكس ، لكن من حيث واقع الكهانة والتنجيم فإن الكهانة أخطر وأعظم. [/grade]
يتبــــــــــــــــــــــــــــــع
