أحمد "17 عاما" رغم إعاقته الشديدة نتيجة شلل دماغي والتي منعته من الالتحاق بأي من المدارس الفكرية وعدم تلقيه لأي من التعاليم الدينية، إلا أنه لديه حكايته الخاصة في رمضان.. بدأت قصته منذ أن أكمل عامه العاشر وقرر صيام الشهر كاملا دون تفويت يوم واحد، ربما لإثبات حبه لربه ولتلبية دعائه المستمر لمن يحبهم، وربما إثباتا لمن حوله أنه شخص عادي لا ينقصه شيء يمنعه من الصوم ولا يختلف عن الآخرين وقد يكون رغبة في إثبات وجوده.
وهذا العام لم يكتف "أحمد" بصوم رمضان فقط؛ بل استقبل الشهر الكريم بصوم أيام من شهري رجب وشعبان أسوة بما سمعه من أحد شيوخ الفضائيات الدينية، ولأنه يعاني من إعاقة شديدة تمنعه من الحركة والجلوس والمشي والكلام أو التحكم في قضاء حاجته، فلا يتمكن من الصلاة طوال العام، إلا أنه في رمضان ومع كل آذان يكتفي بالنظر إلى السماء متذكرا كل شخص عزيز عليه "وهم كثر" ويدعو لهم.. لا أعرف ماذا يدعو، ولكنه دعاء من قلب ناصع البياض إلى ربه، وعند انتهائه من الدعاء يكتفي بالنظر إلى الأرض وكأنه في حالة خشوع تام لعدد من الدقائق مقتنعا أنه بذلك يؤدي ما عليه من صلاة من أجل صيام كامل مكتمل.
طقوس مختلفة في رمضان
ومثله مثل أي شخص طبيعي له طقوسه المختلفة في رمضان، فإذا كان قد اعتاد الجلوس أمام شاشة التلفاز لمتابعة المسلسلات والأفلام، ففي رمضان لا يتابع إلا القنوات الفضائية الدينية بل ويستمع إليها بتركيز تام ويتلذذ بسماع الابتهالات خاصة تلك التي تسبق أذان الفجر.
ولأن الصوم ليس امتناعا فقط عن الطعام والشراب فقد قرر "أحمد" الامتناع عن كل ما يغضب الله في هذا الشهر الكريم، أو بمعنى آخر الامتناع عن بعض العادات المألوفة لديه في الأيام الأخرى وعلى رأسها الاستماع إلى حكايات جيرانه وزوجات أعمامه والاستمتاع بحكاياتهم النسائية والغيبة والنميمة عن الأخريات أثناء جلوسه معهم أمام المنزل على كرسيه المتحرك،
ولم يقاطع الجلوس معهم في رمضان كونه العامل الأساسي في تسليته، ولكن عند تطرقهم لأحاديث الغيبة والنميمة يصدر أصوات عالية تعبر عن رفضه واستيائه لسماع حكايات وأخبار الغير في رمضان، وإن رفضن السكوت يطلب الابتعاد عنهن وتركهن أحرارا فيما يقلن.
وعلى سبيل المداعبة قد تستفزه إحداهن بما يغضبه ولكنه يرد بالصمت، على غير عادته برفع صوته للتعبير عن رفضه لشيء ما، وكأنه في قرارة نفسه يقول "اللهم إني صائم".
ولأنه أخي؛ أعرف جيدا ما يود قوله، والمعني الذي يقصده من أصواته المختلفة، فلما مازحته قائلة: لماذا لا تفطر هذا العام بسبب ارتفاع حرارة الجو ولا تخف فلن يعاقبك الله؟.. ما كان منه إلا أن نظر إلي نظرات كلها حزن وغضب وكأنه يقول لي "كيف أفطر في هذا السن.. ألست مثلكم أم أن ظروفي الخاصة تجعلني مختلفا عنكم؟
منقول من اسلام اون لاين