غني.. وتعجبني هداياك!!!
فهد الفهيد
تسمّرت دقائق مدهوشاً أمام موقف مرَّ سريعاً أمامي كلمح البصر، كالخيال، لا أنكر أنه امتزجت ابتسامتي بعجبي منه وبإعجابي به!! أحد الوافدين بهيئة متواضعة ولحية قصيرة يمد يده بخمسة ريالات "صدقة"، وأكاد أجزم بأن راتبه الشهري لا يتجاوز 800 ريال، لمُقعد كبير في السن، يظهر في هيئته أنه سعودي!! لا أعلم عن أصله، ولا يهمني موضوع فصله، الأهم هو مبادرة من لا تتوقع مبادرته في مثل هذه المبادرات.
أيقنتُ بعدها أن الكرم لذيذ الطعم، والجود يحكمه الموجود، والعطاء أجمل ما في الوجود، وإن كان صعباً في أول الحدود، وأن الهدايا والتبرعات والصدقات أثرها واضح في نفسيات المعطي والمتبرِّع؛ فابتسامته التي رُسمت على محياه معيار لثقة في الذات، وعلو في همته في جمع الحسنات؛ فهو يشعر بأن التبرع بـ5% مما يحصِّله في شَهْره وإنجازاته تمثل أضعاف أضعاف أثرها في نفسية المتلقي والمستفيد من الهدايا أو التبرعات. كل ما أتمناه ممن يقرأ المقال أن يسأل عن مشاعر من تبرع بكليته أو بوقته أو جهده أو ماله، وكيف أثر هذه العطاءات على حياته وما حوله من بيئات.. وابحثوا في جوجل عن "مؤسسة البصر الخيرية العالمية" و"جمعية بنيان النسائية الخيرية"، وتعرَّفوا عن كثب على خدماتهم وما قدموه من منجزات محلياً وعالمياً.
جرِّب أن تعاهد ذاتك على نسبة من دخلك الشهري أو إيراداتك الدورية، تقدمها لأحبائك والمحتاجين من أقاربك، وحتى الفقراء من أبناء بلدك؛ فهناك علاقة خفيّة بين الإنفاق والسعادة الداخليّة.. لم أتمكن من تفسيرها؟!! وإن تأملتها مراراً وتكراراً، الغريب في الأمر أن "الكرم" لا يُفقر و"البخل" يقتل، فالعلاقة التي تظهر أمامي هي علاقة عكسيّة بين زيادة مالك وحجم سعادتك.. وطرديّة بين إنفاقك ومستوى الرضا بذاتك.
همسة واقع!!
تُردِّد والدتي على مسامعي دائماً "غني!! وتعجبني هداياه".. في تعبير أن الهدايا لها أثرها الواضح حتى على الأغنياء.. فلا تحرموهم المتعة؛ لأنهم أغنياء. فالعطاء ليس فقط للفقراء.
للكاتب
فهد الفهيد
منقول .................................. كلك نظر