سعادة المدير يمقت المديح

للتو كنت عائدا من إحدى الإدارات الحكومية ذات الارتباط بالجمهور والذي يصر مديرها على أن يفتح باب مكتبه للمراجعين الذين يصطفون طابورا الواحد تلو الآخر بانتظام، وكل مراجع يؤشر له المدير على معاملته يخرج من مكتبه راضيا سعيدا ومبتسما لأنه أنجز مهمته في وقت قياسي من قبل مدير ضرب عرض الحائط بالطريقة التي عادة ما يتبعها بعض المديرين، بقفل بابه والإيعاز لسكرتير مكتبه بإفهام المراجعين بأنه في اجتماع، أو خارج مكتبه يتفقد العمل في بعض الفروع.

• ولم أتمالك نفسي أمام ذلك المدير الفاتح باب مكتبه على مصراعيه ينهي معاملات المراجعين أولا بأول إلا أن أقدم له نفسي، وأهنئه على طريقة وأسلوب العمل في إدارته، وأن أشكره جزيل الشكر أنه لا يستطيع أن يكون له مدير مكتب، أو سكرتير يحول بينه وبين المراجعين.

• هكذا تكون الإدارة وإلا فلا، ومع ذلك رجاني وأنا خارج من مكتبه أن لا أنشر شيئا عن أسلوبه في العمل. فخدمة المراجعين أمر يحتمه عليه وجوده على قمة هذه الإدارة؛ وذلك من أولى واجباته التي لا يريد عليها لاجزاء ولا شكورا.

• قلت لهذا المدير أن من واجب الصحافة أن تقول للمحسن أحسنت، ومن عليه ملاحظة في إدارته أن تنبهه إلى ذلك لمحاولة إصلاح عيوب إدارته لكن هذا المدير ــ الذي يمقت الروتين ــ أصر أن لا أنشر شيئاً من ذلك. وقال نحن هنا في خدمة المراجع و «شنشنة» الصحافة لا نريدها، أرجوك رجاء خاصا أن لا تذكر الإدارة ولا اسم مديرها حتى لا يأتي الأمر وكأنه مدح قد يعتقده البعض أنه مقصود لتلميع الإدارة ومديرها.

• وخرجت من بوابة هذه الإدارة وأنا أحمل في داخلي شيئا من الرضا والفخر والاعتزاز بمثل هذا المدير الذي يضيق ذرعا بالمديح، ويقول إن ما يفعله تجاه مراجعي إدارته يأتي في حكم الواجب.

• ثم عدت مرة أخرى وشددت على يده وعندما عدت إلى مكتبي اتصلت به تلفونيا محاولا إقناعه بالكتابة عما شاهدته في إدارته من ضرب للروتين لكنه رجاني ملحا أن أكتب عن الملاحظات إن وجدت، وأن أنسى إسطوانة مدح المديرين بالاسم.

محمد الفايدي