لا أدري متى نتعامل مع هذا الخطر المرعب بفكر واقعي وأساليب عملية، ومتى نضع أيدينا على أسبابه بدلا من انتظار نتائجه الفادحة ثم البكاء والندب على أطلال الدمار. فقط تأملوا هذه المعلومات لتتأكدوا أننا أمام وحش كاسر ينهش أغلى وأثمن ما نملكه.
** أشار بيان وزارة الداخلية الذي يصدر كل أربعة أشهر عن ضبط (1.690) مليون قرص كبتاجون، و(13) طن حشيش، و6 كيلوجرامات هيروين.
** تجاوزت تجارة المخدرات خلال العام الماضي 23 مليار ريال.
** ضبط 101 ألف متهم بتهريب حبوب مخدرة خلال ثلاثة أعوام فقط.
** استهداف المملكة بأكثر من نصف المخدرات المهربة في العالم العربي.
أليست هذه كارثة؟؟ أليس هذا واقعا مخيفا يتطلب حالة استنفار قصوى لمواجهته؟؟ ألسنا في مواجهة حرب ضروس تستهدف تدمير العقول التي تمثل أهم مقومات الوطن والحياة والمجتمع؟
هذه المعلومات المخيفة معروفة وتتكرر بين وقت وآخر، ويدعم حقيقتها الواقع الذي لم يعد يخفى على أحد، فالمخدرات تنتشر في الشوارع الخلفية في كل مدينة، ويتم ترويجها في أماكن كثيرة. وصلت حتى المدارس الابتدائية، بعد أن شاعت في الجامعات ومرحلة الثانوية والمتوسطة، ومرات عديدة قرأنا عن ضبط مروجين على بواباتها، بل وداخل فصولها. بعد الشباب الذين اعتدنا رؤيتهم هائمين في العبث بعد أن اغتالت المخدرات عقولهم، أصبحنا نواجه حالات الإدمان بين صغار وصغيرات السن. أزهار ذبلت وأغصان طرية جفت وقلوب آباء وأمهات احترقت حزنا لأن أبناءهم راحوا ضحية المخدرات التي تغلغلت في منعطفات الطرق، وأرجو أن نكف عن تعليق الأسباب على أصدقاء السوء والمشكلات الأسرية وضعف الوازع الديني؛ لأن الإدمان اجتاح الكثير من الشرائح والطبقات والفئات.
صحيح أن أجهزة ضبط التهريب تطور أداؤها، لكن هذا ليس كل شيء، فالسؤال الأهم لصالح من تدخل هذه السموم، ومن هم الممولون الكبار وأباطرة تجارة المخدرات؟ ولماذا تستمر السوق السعودية جاذبة لأكثر من نصف تجارة المخدرات في العالم العربي؟
أساليب الوقاية والتوعية رغم نجاحها في الكثير من الوقائع، إلا أنها تحتاج إلى تطوير يوصلها إلى عمق المشكلة. مراكز العلاج لا ترقى إلى مستوى المشكلة، برامج التأهيل والمتابعة غير كافية كما ونوعا، ولذلك يزداد عدد الضحايا كل لحظة دون أمل كبير في انتشالهم من هذا المستنقع الجهنمي المميت.
علينا جميعا أن نطلق صرخة مدوية تسمعها كل الجهات المعنية، أمنية وصحية وتعليمية واجتماعية، لبدء مشروع وطني عاجل وفعال لمواجهة هذه الآفة بأساليب علمية، وإلا فنحن نرتكب خطيئة لا تغتفر في حق الوطن وشبابه.
بقلم حمود ابو طالب
صحيفة عكاظ
صرخة في وجه الخطر
العرض الشجري