معك يا وطن مهما كانت الصعاب

من أهم الأحداث التي تحتفل بها الشعوب ذكرى استقلالها من الاستعمار الذي سلب حرياتها وصادر ثرواتها وحرمها من حقوقها الشرعية. وهي إذ تحتفل بيوم استقلالها تعتبر ذلك اليوم يوم استعادة حريتها وبسط نفوذها على تراب وطنها، وإعادة توزيـع ثرواتها على شعبها. ولها في ذلك الحق أن تفتخر وتعتز وتبرز فرح شعبها بكل الطرق والوسائل. أما نحن في المملكة العربية السعودية نفتخر ونعتز بأننا لم نكن في يوم من الأيام تحت سلطة أي استعمار والحمد لله. وكانت أرضنا الشاسعة الواسعة المترامية الأطراف متنافرة الأجزاء. وكنا متفرقين غير متحابين ولا يجمعنا ببعض سوى ديننا الإسلامي مع اختلاف المذاهب حتى أراد الله لنا أن نتوحد تحت لواء واحد وفي دولة واحدة بقيادة مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وكان يوم الإعلان عن تأسيس المملكة العربية السعودية هو بداية ميلاد الدولة السعودية الحديثة التي جمع فيها المؤسس شعوب شبه الجزيرة العربية في دولة واحدة تعني بالإنسان في كل منطقة ومدينة وقرية وهجر، وتعمم التنمية الشاملة في جميع أنحاء الدولة. وسار أبناء المؤسس من ملوك وولاة عهد وأمراء مناطق على سياسة المؤسس في بناء دولة قوية يحكمها شرع الله وسنة نبيه أساسها العدل والمساواة مع توزيع الثروات لتنمية الوطن والمواطن، فأسسوا دولة عريقة قوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا فأصبحت الدولة ضمن عشرين دولة في العالم تخطط وترسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية في العالم.


إن من حقنا كشعب المملكة العربية السعودية أن نفخر بقيادتنا السعودية، وأن نفتخر ونعتز في يوم تأسيس الوطن بالإنجازات التي تحققت منذ تأسيس المملكة. ومن حق قيادتنا ومن حق وطننا أن نقف خلفهم ومعهم ضد كل من يريد بهذا الوطن السوء وكل من يعتدي على تراب وطننا وكل من يريد أن ينال من قيادتنا الحكيمة أو يحملها أوزار أعمال وتصرفات البعض من مواطنيهم.
إن الجهود العظيمة التي بذلتها المملكة العربية السعودية لتطوير وتوسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وصرفت البلايين لخدمة المسلمين ضيوف الرحمن والحرص على سلامتهم بتسخير مئات الآلاف من المسؤولين في كل قطاع لخدمة حجاج بيت الله وضيوف بيت الله ومسجد نبيه عليه الصلاة والسلام، وتحرص على تقديم جميع التسهيلات التي تضمن سلامة حجاج بيت الله القادمين من جميع أنحاء العالم وعلى مختلف الثقافات واللغات والمذاهب مما يصعب أو يستحيل أحيانا ضبط تصرفاتهم وسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم التي تؤدي في بعض الأحيان إلى كوارث أخذت بأرواح المئات من المسلمين دون أن يكون للقائمين على الحج والحجاج والمسؤولين ورجال الأمن والمدنيين أي مسؤولية ولم يكونوا المتسببين في تصرفاتهم الفردية أودت بحياتهم وليس لهم أي قدرة لوقف قضاء الله وقدره. إن الإنجازات العظيمة لبلادنا ولقيادتنا لخدمة الإسلام والمسلمين تدفعنا جميعا مواطنين ومسلمين للوقوف جميعا أمام كل من يتهم بلادنا بالتقصير في خدمة المسلمين حجاجا ومعتمرين. ونحن كمواطنين نؤكد للعالم أجمع بأننا نقف صفا واحدا خلف قيادتنا لحماية وطننا والحفاظ على ترابه ولن تؤثر فينا الإشاعات المغرضة ولن تزعزع الثقة في ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله الذي كان ولايزال يحرص شخصيا على رعاية حجاج بيت الله الحرام ويقف بحزم وقوة لتقويم الأداء حفاظا على المصلحة العامة. إن أي أحداث مؤسفة وقعت في حج هذا العام لن تضعف ثقتنا في قيادتنا أو المسؤولين في وطننا لإدارة الحج ورعاية المسلمين. وستستمر المسيرة في الإصلاح والتطوير حسب ما تقتضيه المصلحة العامة. ولن يتغير ولاؤنا نحن المواطنون سنة وشيعة لوطننا وقيادتنا. وسنحتفل كل عام بوطننا الغالي وبيوم التأسيس وبكل فخر واعتزاز. معك يا وطن مهما كانت الصعاب..

عبد الله صالح دحلان
عكاظ