[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
من طرائف المناسبات التي سمعتها
أن أحد المسؤولين عن شؤون البادية زار قرية من القرى مع ثلاثة من موظفيه في مهمة رسمية
فصنع له شيخ القرية عشاءً ذبح لهم فيه أربعة رؤوس من الضأن
ووضع كل رأس بعد إعداده وطبخه مع الأرز في آنية كبيرة،
ثم دعاهم الشيخ وقد التف حوله أبناؤه وأحفاده وعدد من رجال القرية إلى تناول العشاء قائلاً لهم دبروا عشاكم!
ولما كان ذلك المسؤول ورفاقه من غير المنطقة التي جاؤوا لزيارتها، حيث تختلف العادات والتقاليد والمفاهيم بين منطقة وأخرى فإنهم لم يفهموا المراد من قول الشيخ له ولمن معه
وخشي إن هو تصرف على نحو معين مغاير لما قصد من العبارة أن يكون ورفاقه موضع انتقاد وانتقاص
فقال في نفسه: لا كانت هذه العشوة!
ثم تبادل مع رفاقه النظرات واستقر رأيه على أن يقول لشيخ القرية هذا الصحن يكفينا نحن الأربعة،
فلما قال ذلك رمقه الشيخ بنظرة غاضبة وقال له بلهجة حازمة: أقول يا شيخ دبر عشاك
وهناك أدرك الزائر أنه قد وقع في ورطة قد تؤثر على المهمة الرسمية التي جاء من أجلها
فطمأن شيخ القرية إنه سوف يدبر عشاءه،
ولكنه طلب منه إمهاله دقائق لإجراء اتصال هاتفي عاجل، ثم ركض وسأل صديقاً يثق به عن المراد بالعبارة
فشرح له صديقه أن المراد هو أن يقوم باختيار قطع معينة من كل خروف من الخرفان الأربعة له ولرفاقه ويضعها في صحن تاركاً الباقي لأهل المناسبة وأنه سوف يكون مراقباً أثناء أخذ القطع بحيث يكون أخذه لها متوازناً حتى لا يسقط في امتحان الجزارة»!
وهكذا دبر الأخ عشاءه حسب الأصول
وتناول ما اختاره لنفسه ولرفاقه بنفس مصدودة وقوة مهدودة
بعد أن عارك الخراف الأربعة وخاض في رقابها وظهورها ولحمها وشحمها وما اختلط منها بعظم فأجهد أيما إجهاد،
ولما انصرف قافلاً نحو المدينة واطمأن أن موكبه قد بعد عن أهل القرية
هتف قائلاً: «أدبّر عشاي.. الله لا يدبركم»!!
من مقال للكاتب محمد الحساني[/align]