المباحث للمتميزين

د. عبد العزيز جار الله الجار الله



القبض على 27سعودياً ومقيم واحد من الإرهابيين يخططون لعمليات اجرامية تزامناً مع موسم حج هذا العام، هؤلاء يبحثون عن الفوضى والدمار والخراب وقبل ذلك تم القبض على (128) وهناك حالات يتم القبض عليهم وهم على وشك التنفيذ ولا يعلن عنها لاسباب تخطيطية.. والأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية تعتبر القبض على المجرمين بعد التنفيذ فشلاً لأجهزتها والنجاح الوحيد هو القبض عليهم قبل التنفيذ وبهذه الصورة وضعت الأجهزة الأمنية نفسها في تحد وقيّمت أداءها. ووضعت نفسها أمام تحديات قوية وسقف أعلى في مكافحة الإرهاب.. ونحن نعرف ان الإرهابيين هم مثل الخفافيش الليلية يعملون في الخفاء.
أجهزة المباحث في العالم تطورت تطوراً كبيراً بعد احداث ( 11سبتمبر) بل قفزوا في الواجهة لأن الحرب ليست حرب جيوش ودول بل حرب جماعات داخلية وكل الأوطان مستهدفة ليست أمريكا وحدها أو السعودية وحدها أو باكستان وحدها.. المستهدف هو الاستقرار العالمي والاقتصاد العالمي والهدف إشاعة الفوضى السياسية والاقتصادية لإعادة ترتيب العالم من جديد وفق توجه المتطرفين وبالصياغة التي يريدونها وبمقابل هذا التخطيط الإرهابي تحركت أجهزة محددة في الدول هي أجهزة: المباحث والتحقيقات والاستخبارات والعلاقات العامة. لكن أجهزة المباحث الدولية هي التي أمسكت بزمام الأمور وهي من تواجد على الأرض.

صورة رجل المباحث في عالمنا العربي زمن الستينيات الميلادية هي صورة الشخصية المهترئة الذي لا يقرأ ولا يكتب ويمسك الجريدة بالمقلوب، وسائق (الأجرة) الغبي الذي يفتح (كبوت) السيارة لساعات في الشارع العام متحججاً بعطل في السيارة .. هذا الزمن المتواضع والتقليدي من المراقبة أو المباحث قد طويت صفحاته ليصبح رجل المباحث هو الطالب الجامعي المتميز في العلوم والرياضيات والحاسب واللغات والمهارات الفردية وأصبحت الجامعات العربية والامريكية والاوروبية هي الحاضنة لتلك المواهب واصبح لأجهزة الأمن (كشافون) في الجامعات والمؤسسات والشركات للبحث عن هؤلاء وأصبحت العروض تنهال عليهم للعمل في أجهزة المباحث وتحديداً في أعمال التخطيط أو الاشراف على التقنيات والتكنولوجيا في أجهزة العمليات والتعاملات المالية والمحاسبية والإدارية.

اصبح عالم المباحث عالم مثير وبخاصة في التخطيط والتعامل مع أجهزة الكمبيوتر والتقنيات الحديثة وتوظيف أنظمة التكنولوجيا في مجال العلوم الاخرى لخدمة أهداف المباحث.. فشخصية ضابط المباحث أصبحت مثيرة دولياً لأنه يتصف بالذكاء والفطنة والمهارة الشخصية والميزات المهنية الاخرى في الراتب والخدمات والرعاية الطبية والتعليمية للأسرة.. لذا فلا غرابة في تفوّق أجهزة المباحث في القبض على الإرهابيين في أوكارهم وقبل تنفيذ عملياتهم وإحباط محاولاتهم.

المباحث التي كان ينفر ولا يقدم عليها أحد أصبحت عالمياً غاية جميع الشباب الذين يعتقدون ان لديهم تميزاً ذهنياً ونفسياً ومهنياً ..ورجال المباحث الآن يعملون من أجل حماية أرواحنا وحماية أجساد أبنائنا وحماية بلادنا من أن تكون هدفاً للمخربين والعابثين بأمننا واستقرارنا واقتصادنا.