][ عدة الشغل ][

لكل مهنة "عدة شغل" يصعب إتمام العمل بدونها .. وكلما زادت حرفية العامل تنوعت عدته وتخصصت أدواته (رغم أن المهارة الشخصية كفيلة بتعويض أي نقص محتمل) ...
ومهنة الكتابة بدورها تتطلب "عدة شغل" قد تزيد أو تنقص بحسب تخصص الكاتب نفسه . فهناك كُتاب بلغوا من العلم والخبرة حد اكتفائهم بالورقة والقلم والجمجمة التي يحملونها .. وهناك كتاب بلغ بهم الغرور والنرجسية حد اعتقادهم أنهم لا يحتاجون لأكثر من الورقة والقلم وينسون الجمجمة نفسها!!

.. أضف لهذا أن مجال الكتابة نفسها يلعب دورا مهما في تحديد طبيعة "العدة" وكيفية استعمالها .. فكتابات الرأي والتنظير مثلا لا تحتاج لأكثر من مكتب مريح وجو هادئ ومخ متقد . في حين تحتاج الكتابات المتخصصة (كالتحليل الاقتصادي والاستشارات الطبية) إلى بيانات وجداول ومراجع يجب استعمالها والإشارة إليها في صلب الموضوع نفسه ..

ولأن شخصي المتواضع ليس من كتاب الرأي والتنظير - وفي نفس الوقت لست متخصصا في مجال معين - تنوعت لدي عدة الشغل خلال ال 16عاما الماضية إلى حد كبير ومتداخل :

@ فأمامي مباشرة (فوق شاشة الكمبيوتر) توجد خريطة كبيرة للعالم أستعين بها للتأكد من أي معلومة جغرافية أو سياسية مهمة ..

@ وتحت الخريطة يوجد رف خاص للمراجع ذات الطبيعة الإحصائية والإصدارات السنوية - مثل "روزنامة العالم" و"العالم في أرقام" و"جينيس للأرقام القياسية"!

@ وبالإضافة إلى امتلاكي مكتبة ضخمة، لدي اشتراك في عدة مجلات أجنبية، وأخصص ميزانية شهرية لشراء المزيد من الكتب الجديدة ...

@ وبالطبع لا يغني هذا عن استشارة المتخصصين وأصحاب الخبرة ممن احتاج لآرائهم في هذا الموضوع أو ذاك - حيث أحتفظ بهواتفهم في "دفتر" خاص (ربطته بسلسلة صغيره خشية الضياع) - !

@ كما يوجد (دفتر آخر) يضم كافة المقاييس العالمية والفيزيائية والاقتصادية وكيفية التحويل بينها (كتحويل الميل إلى كيلو، والروبل إلى دولار، وشهر مارس إلى آذار)!

@ وأملك أيضا معاجم وقواميس لعدد من اللغات الأجنبية (ثلاث منها الكترونية ناطقة) استعين بها كلما أشكلت علي كلمة أو جملة معينة!

@ وهناك آلة حاسبة رافقتني لفترة طويلة أكتب من خلالها المقالات ذات الطبيعة الاحصائية والرقمية الخاصة (مثل مقالات : العمر على ساعة، وكيف تجمع أول مليون، والتاريخ في 360يوماً)!

@ وبالطبع لا أنسى لوحة الكمبيوتر - وبرنامج وورد الشهير - وشبكة الانترنت (.. التي بالمناسبة امتهنت الكتابة قبل ظهورها بأحد عشر عاما على الأقل)! !

... ولكن :

رغم أهمية هذه الأدوات إلا أنها مجرد عناصر مساعدة (يمكن للجميع امتلاكها) ويمكن للكاتب التصرف بدونها عند الطوارئ (كما يتصرف الطبيب المضطر عند فقد حقيبة الكشف) ..

فشخصي المتواضع مثلا يمكنه الاستغناء عن الكمبيوتر بأكمله والعودة للورقة والقلم (في حالة سفري للخارج أو وجودي في الطائرة مثلا) .. كما أستطيع بسهوله تجاهل كافة المراجع - وأدوات التحليل الخاصة - من خلال الكتابة في أمور أعرفها جيدا (وفي هذه الحالة أكتب المقال بظرف ساعة أو ساعتين، في حين يستغرق أربع أو خمس ساعات في حال الإفراط بمراجعة الأدوات السابقة) ..

أما أهم أداة أحتفظ بها في جعبتي فهي - بدون مبالغة أو تملق - حرصي على كسب احترامكم وولائكم الدائم . فرغم أن الكُتاب عموما يعيشون "على كف عفريت" إلا أن مامن شيء يفوق الضرر الناجم عن فقد احترام القراء للكاتب وتحول ولائهم السابق .. ففقد الوظيفة، وتغيير المطبوعة، وخطابات الإيقاف حتى إشعار آخر - أمور يمكن تعويضها عاجلا أم آجلا ...

ما لا يمكن تعويضه فعلاً هو تحول الكاتب نفسه إلى "ماركة مقلدة ومستهلكة" لا يرغب أحد بتفحصها أو حتى إلقاء نظرة عليها!

بقلم / فهد عامر الأحمدي