خبرة الأمير سلطان وظروف الخليج
تركي بن عبد الله السديري
الخلاف السعودي القطري المنتهي - إن شاء الله - له مظاهر غرابة كثيرة، فهو في الواقع افتقد وجاهة المسببات، ووضحت سخونته في الوسائل الإعلامية خصوصاً ما هو منها مفتوح الأبواب للتأجير وفقد احترامه مثل صحيفة تصدر في لندن دون أي إعلان يمونها، أو مندرج في صحافة معارضة دولة عربية أخرى جاهز التأجير.. وكانت وسائل الإعلام السعودية جاهزة الردود والتناول في الجانب الآخر.. هذا ليس من أجل استعادة التسخين فهو مرفوض أساساً وفاقد لأهلية الاستمرار، لأن عمومية الأوضاع الخليجية تستلزم الالتفاف والتعاون أكثر مما تستلزم الشقاق.. والشقاق لمصلحة مَنء؟.. أو من أجل ماذا؟..
الدول الخليجية بطبعها صغيرة الحجم من ناحية، وتكاملها الاقتصادي يستدعي تآلف قواها، ومسألة أن تكون المدن التجارية قد أخذت نصيباً بارزاً في الأهمية عربياً ودولياً، إلا أن ذلك لا يعني الاستغناء عن أهمية المدن الاقتصادية السياسية ذات المكانة المرموقة، خصوصاً وأن أي خلاف خليجي غير مبرر بمسببات معقولة وأيضاً هناك تدخلات شرق أوسطية دولية لا تهمها خسائر غيرها.. وقد عايشنا كيف أن الالتفاف الإيراني في مداخله نحو العراق ولبنان قد أشعر الجميع بأن "تعريب" الهوية هو أهم بكثير من نتائج أسواق الأسهم.. وكما أن هناك أرضاً فلسطينية مفقودة فهناك ثلاث جزر خليجية مفقودة أيضاً.. يضاف إلى ذلك وَهَن العالم العربي الراهن، وفشل الجهود الجماعية في إيجاد مخرج للأزمة اللبنانية.. إذاً فإن تقوية الولاء الخليجي وصياغة قوة مشتركة اجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً هي ضرورة ترتفع عن مستويات التهريج الإعلامي..
لست في صدد سرد مسببات بقدر ما أنا في سرد ضرورات تفاهم خليجية مشتركة تعجل بفتح ميادين عمل واقتصاد وتنقلات مشتركة.. وهذا هو ما سوف يوفر لاحقاً أمن المدن الاقتصادية..
مع الأمير سلطان الرجل الباسم الذي يعطيك التفاؤل أينما كان، لمست بشكل جيد ومن خلال مصادر معلومات قطرية أن المصافحة السعودية القطرية لن تتوقف عند حدود مبدأ وقف الإيذاء.. ولكنها تدخل بالبلدين نحو رحابة التعاون والتفاهم.. هذا هدف استراتيجي مشترك ومطلوب.. لا تفرضه مصلحة خاصة لطرف واحد بقدر ما تفرضه طبيعة الظروف التي تمر بالعالم العربي وضرورة إبعاد الموقع الخليجي عن مساوئ التدخلات..
لو استعدنا رؤية الذاكرة لوجدنا أن الأمير سلطان هو الرجل الذي رافق تطورات السياسة السعودية ورسم اتجاهات مستقبلها منذ وجوده، حيث كان الرجل الأقرب إلى الملك فيصل - رحمه الله - وحتى وصوله إلى ولاية العهد بكفاءة وخبرة لا يضاهيه بهما في موقعه منافس آخر.. هذه الخبرة عند سموه تضاف إليها الظروف الراهنة تعطيان الاطمئنان في وجود مسعى للاتجاه نحو العلاقات الأفضل.. وقطر اجتماعياً وجغرافياً هي امتداد متداخل مع المصالح المشتركة سعودياً وقطرياً..