وربما الراهن، وهو أنه لم يعد بمقدورنا أن نستقدم أطباء ومهندسين ومبرمجين وحتى عمالة، على قدر مقبول من التدريب والتأهيل والخبرة، إذ إن البلاد التي كنا نستقدم منها هؤلاء تطورت ونمت وارتفع مستوى المعيشة فيها، بحيث أن أطباءها ومهندسيها وعمالتها الماهرة أصبحت تتقاضى رواتب عالية وتتمتع بدخول مجزية تغنيها عن الاغتراب، وما نستقدمه هو الحثالة التي لا تجد عملا مجزيا في بلادها، أو المزورون الذي لا ينطلي تزويرهم على بلادهم، وينطوي بسهولة علينا. وسيزداد الأمر استفحالا في المستقبل فلا نجد حتى هؤلاء، ونتجه إلى بلدان متخلفة لا يجد أطباؤها ومهندسوها وهم متخلفون أيضا عملا مجزيا في بلادهم، ونستقدمهم إلى بلادنا، ونحن نعاني من الأخطاء الطبية والمشاريع المتعثرة والأعمال غير المتقنة، ونعزو السبب إلى الروتين أو الإهمال الحكومي وعدم المراقبة والمتابعة، والترسية على أقل الأسعار، بينما السبب عدم كفاءة الفنيين والمهنيين الذين ينفذون هذه الأعمال. وأنا كمواطن أعاني ما تعاني منه الحكومة حين أتعامل مع أطباء، أو مع عمالة من الموجودة في بلادنا، وأكتشف بعد حين أن المرض الذي شخصه لي طبيب غير صحيح، والعلاج الذي وصفه يمرض ولا يعالج، كما أن العمالة التي استخدمها تخرب أكثر مما تصلح، والحل أن نعتمد على أبنائنا، وبرنامج الابتعاث الذي بدأت الدولة في تنفيذه قبل سنين هو من أعظم البرامج التي انجزتها، ويجب أن نتوسع فيه، في الوقت الذي يجب أن نرقى فيه بمستوى جامعاتنا فلا تخرج لنا أنصاف متعلمين.
بقلم عابد خزندار