ذكر تقرير أن مناطق المملكة سجلت 189 قضية عنف بين الناس تنوعت بين قضايا إيذاء الغير والمضاربة والاعتداء والتهديد منذ بداية العام الهجري الذي لم يمض عليه عدة أسابيع، وبالطبع هذا الرقم يتعلق فقط بـ(الهوشات) التي وصلت حد الشكوى إلى الجهات الرسمية، أما تلك التي انتهت في الشوارع فهي بلا شك تعادل أضعاف أضعاف هذا الرقم.
قبل يومين حدثني صديق عن مشهد مؤسف حدث في واحد من أهم شوارع الرياض، حين قام أحد الأشخاص بتهدئة سرعة سيارته أمام أحد المطبات الاصطناعية (التي وضعت أساسا لتخفيف السرعة) وهو الأمر الذي أثار غضب مجموعة من الأشخاص الذين كانوا في السيارة التي خلفه، فلم يكن منهم إلا أن أوقفوه بالقوة وضربوه في الطريق وتدخل الناس لفض هذه المعركة التي عطلت الطريق، وبالطبع لم تساعدهم ثورة الغضب على التفكير في حقيقة أن الوقت الذي استغرقوه في هذه (الهوشة المجانية) إضافة إلى الوقت الذي أهدروه في البحث عن أحذيتهم وغترهم التي تناثرت في أرجاء الطريق، أضعاف الثواني المحدودة التي قضوها في التهدئة خلف سيارة ذلك الرجل الذي خفف السرعة أمام المطب الإجباري.
لا تعرف ما الذي أصاب الناس هذه الأيام؟، ولماذا أصبحوا يدخلون بحماسة منقطعة النظير في حفلات الركل والرفس واللكم لأتفه الأسباب؟. هل يمكن أن نخدع أنفسنا ونقول إنها ضغوط الحياة وزحام الشوارع وبعض حالات الإحباط.. هذا لا يمكن أن يكون مبررا لهذه السلوكيات الهمجية العنيفة، فالضغوط موجودة في كل زمان وكل مكان في هذا العالم، ولا يمكن أن تبرر هذه الأفعال التي تتطور في بعض الأحيان إلى ما لا يحمد عقباه.
والمحزن حقا أن بعض الشباب لا يترددون في ضرب من هم أكبر منهم سنا أو حتى الاعتداء بالضرب على النساء في بعض الحالات، وهي سلوكيات لا تتفق إطلاقا مع قيم مجتمعنا وكانت إلى وقت قريب أمرا مستنكرا بشدة لا يجرؤ على فعله أحد.. ما يعني أن بعض شبابنا هذه الأيام سقطوا في المنتصف، حيث لم يعودوا يحترمون قيم الماضي الأصيل ولا أبجديات التحضر في هذا العصر.
والآن أستأذنكم لأرسل المقال قبل أن (أتضارب) مع الزملاء في الجريدة الذين أزعجتني اتصالاتهم المتكررة رغم أنني لم أتأخر عليهم كما جرت العادة.. ولا نستغني عن (فزعتكم).
خلف الحربي
عكاظ