الزمن غير يا وطني

ظلت بلادنا لعقود طويلة مفتوحة أبوابها للشقيق والصديق، القريب والبعيد، النائي والغريب، من كل أصقاع الأرض، بدافع الحاجة خلال فورة التنمية منذ بداية الطفرة في سبعينيات القرن الماضي وما استلزمته من وجود العمالة بكل أصنافها ومستوياتها، وقبل طفرة التنمية بدوافع إجارة المضطهد وطالب الأمان في بلدان تعرضوا فيها للأذى، وغيرهم ممن يريدون البقاء في المملكة طلبا لجوار الحرمين الشريفين، أو لأسباب أخرى مختلفة. لكننا لم نتنبه مع الوقت أننا سندفع ثمنا في يوم ما وثمنا باهظا من أمننا واستقرارنا وتناغم نسيجنا الاجتماعي وتوازن تشكيلتنا الديموغرافية واحتياج أبنائنا وبناتنا لفرصة الحياة الكريمة في وطنهم.
الذين أجرناهم من البطش كرموز الإخوان المسلمين مثلا نخروا مجتمعنا بفكرهم واختطفوا كثيرا من شبابنا وأسسوا لمشروع الاستيلاء على الوطن بطريقتهم الخاصة وجلبوا لنا الكوارث التي نعاني منها إلى الآن. أسلوب استقطاب العمالة بتلك الصورة الماضية خلّف لنا الملايين من السارحين في أحشاء المدن والقرى، يمارسون كل المحرمات والموبقات والأعمال المنافية للأخلاق والمخالفة للقوانين، ومع ذلك كان ممكنا إلى حد ما التعايش مع هذا الوضع رغم كونه خاطئا جدا.
الآن تغير الوضع تماما. وطننا يواجه مخططا شريرا للإضرار به من محاور عديدة. وطننا يخوض حروبا، يقبض على جواسيس، يكتشف من وقت لآخر شبكات منظمة تستهدف أمنه بشكل احترافي. الوضع لم يعد هو الوضع الذي يمكن أن نتجاوز فيه عن الخلل أو نؤجل حله إلى وقت آخر. نحن في مواجهة شرسة من أجل أمن وأمان واستقرار وطننا، وهذه الحقيقة تتطلب بالضرورة سرعة إعادة النظر في سياسات تدفق كل من هب ودب إلى الوطن وبقائه فيه دون حاجة أو دون مظلة نظامية وقانونية. لا بد من تصفية الوطن من الشوائب الضارة العالقة به أيا كان نوعها، وحراسة أبوابه بعيون مفتوحة لا تنام.
لقد ذهب زمن الثقة بكل أحد.

حمود ابو طالب
عكاظ