الحرب الباكستانية بدأت على وقع الانفجارات
احتجاز عساكر في مركز قيادة الجيش.. انفجاران في الحرم الجامعي.. حرب شاملة في وادي سوات، تلتها أخرى بوزيرستان.. الطرف الخارجي يرمي بثقله في الحرب الدائرة بين الجيش وحركة طالبان.. ثم جدل بين أمريكا في ربط الإعانة بالتحكم في الوضع.. وعين أمريكا، ومن ورائها إسرائيل، على القنبلة النووية الإسلامية الوحيدة في المنطقة خوفا من وقوعها في أيدي المتطرفين.
الوضع في باكستان ليس بالهين على أهل العقد والربط في إسلام أباد. فمنذ أحداث الحادي عشر سبتمبر 2001 كانت باكستان مستهدفة كونها تشكل البلد الإسلامي الذي جاء منه البلاء، لأن الشباب الذين التحقوا بجماعة طالبان ''تمدرسوا'' قبل الالتحاق بالقاعدة في مكافحة السوفيات في أفغانستان. بمباركة ''سي أي أي'' تمكنت القاعدة من توجيه ضربات عنيفة للجيش الأحمر في حرب استنزاف انتهت بانهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية القطبية الثنائية لتحل محلها الأحادية.
وكانت أحداث الحادي عشر سبتمبر مبررا كافيا لفرض هيمنة أمريكية بدأت في العراق مع بوش الأب بحجة تحرير الكويت. تلتها نظريات تمهيدية، نذكر منها ''نهاية التاريخ'' لفكوياما و''تصادم الحضارات'' لهوتنغتن ولائحة الصقور التي عرضت في عهد كلينتون، نفذت في عهد بوش الابن.
بادرت أمريكا بغزو أفغانستان لإخراج بن لادن من مغارته، دون جدوى. فبعد مرور 8 سنوات تقوت حركة طالبان حتى أضحت تبادر بالهجمات على قوى التحالف في أفغانستان. ليتجاوز الصراع حدود هذا البلد الذي افتقد السلطة المركزية منذ وطأت قدم السوفيات أرض الأفغاني.
امتداد الحرب على باكستان كان مرتقبا، إلى درجة أن بعض المحللين يتساءلون إن كانت الحرب الأفغانية امتدادا للحرب المرتقبة في باكستان أم العكس. فجل المؤشرات تثبت أن الحرب أجلت في باكستان كون البلد أضحي قاعدة خلفية للحرب على الإرهاب.
لكن مع حجم القنابل التي أفرغت على الأراضي الأفغانية، في بداية الحرب على الإرهاب، جعلت العناصر المناوئة لأمريكا تزحف نحو باكستان خلال العشرية الأخيرة. فصارت الضربات القاسية تأتي من الجهة الباكستانية كون الجماعات أخذت الوقت الكافي في إعادة ترتيب قواعدها.
ما يحدث اليوم في وزيرستان، بمساعدة لوجيستية أمريكية معتبرة، يؤكد أن الحرب المؤجلة بدأت. ونداء الإغاثة الذي يصدر من ستانلي ماكريستال، قائد قوات التحالف بأفغانستان، له أكثـر من دلالة في حجم الحرب الشاملة الدائرة في البلدين، مع محاولة توسيعها إلى إيران. ذلك ما ترفضه قطعا حكومة طهران بطلب رأس المنفذين للانفجار الأخير الذي استهدف قادة الجيش، وهي تعرف جيدا أن ذلك ليس بمقدور إسلام أباد.