أحضر خمسة قرود، وضعها في قفص !وعلق في منتصف القفص حزمة من الموز وضع تحتها سلم، بعد مدة قصيرة ستجد أن قردا من المجموعة سيحاول صعود السلم للوصول إلى الموز . وما أن يضع يده على الموز، أطلق رشاشا من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين وأرعبهم ..
بعد قليلسيحاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرر نفس العملية، رش القردةالباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة .. بعد فترة ستجد أنه ما أن يحاولأي قرد أن يعتلي السلم للوصول إلى الموز ستمنعه المجموعة خوفا من الماءالبارد.
الآن.. أبعد الماء البارد، وأخرج قردا من الخمسة إلى خارج القفص، وضعمكانه قردا جديدا (لنسميه سعدان) لم يعاصر ولم يشاهد رش الماء البارد. سرعان ماسيذهب سعدان إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماءالبارد لمنعه وستهاجمه. بعد أكثر من محاولة سيتعلم سعدان أنه إن حاول قطف الموزسينال (ضربات) من باقي أفراد المجموعة.
الآن أخرج قردا آخر ممن عاصروا حوادث رشالماء البارد (غير القرد سعدان)، وأدخل قردا جديدا عوضا عنه. ستجد أن نفس المشهدالسابق سيتكرر من جديد. القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليهضربا لمنعه بما فيهم سعدان على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذاضربوه في السابق، كل ما هنالك أنه تعلم أن لمس الموز يعني (علقة) على يدالمجموعة. لذلك ستجده يشارك، ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقردالجديد (ربما تعويضا عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضا).
استمر بتكرار نفس الموضوع، أخرجقردا ممن عاصروا حوادث رش الماء، وضع قردا جديدا، وسيتكرر نفس الموقف. كرر هذاالأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة ممن تعرضوا لرش الماء حتى تستبدلهم بقرودجديدة. في النهاية ستجد أن القردة ستنهال ضربا على كل من يجرؤ على الاقتراب منالسلم. لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن وجدتفي ذلك القفص!
هذه القصة ليست على سبيل الدعابة. وإنما هي من دروس علم الإدارة الحديثة
فالجميع قداعتاد على فعل شيء ما، وهنا سيكون التركيز على سوق الأسهم لأنه محور الاهتمام. اعتاد على الفعل دون ان يعلم ما سبب توجهه لذلك .فنجد الكثيرين تعودوا على الجلوسأمام شاشات التداول يوميا، وتنفيذ اوامر البيع والشراء وذلك لمجرد ” انه اعتاد علىذلك ” دون ادنى تفكير او معرفه في التحكم بأخذ القرار المناسب ، فلا يعرف لماذااصلاً ارتفع السوق ام هبط .. فهو ” اعتاد على تلك التحركات الغريبه ولم يحاول يوماًان يقف ويفسرها او يحاول في ذلك فهو ” كسعدان ” تعود على شيء ما ولكن لم يعرف ماسببه.
فنرى البعض من المتداولين او الاغلب في ما قبل انهيار فبرار 2006 يقومونبتنفيذ امر شراء ثم بعد فترة تنفيذ امر بيع على نفس السهم وجني الاباح، واستمروا فيذلك ظناً منهم ان هذا روتين سيستمر مدى الحياة . وبعد ان انكشفت الاوراق وتم ” اخراج القرود الخمسه ” ظل الباقي يتخبط عشوائياً بخسائر تتراكم عليه لمجرد انه ” تعود ” الجلوس امام الشاشه ولم يدرى اهو تصحيح او انهيار وهل السوق سيرتفع ام ينخفضولم يكلف نفسه بالاطلاع على أي اخبار اقتصادية عالمية او محلية والادهى من ذلك انهربما يشتري اسهم شركة لا يعلم ماهو نشاطها وما هي ارباحها . فكل ما يعرفه هو انيشتري وينتظر الارباح الخياليه .
اعتقد انه حان الاوان ان يسأل كل شخص نفسه عناهدافه الحقيقيه في سوق الاسهم ونسبة الربح التي يريدها ودرجة المخاطره التييتحملها، وان يضع الخطط المدروسه للتعامل في سوق المال الشديد التقلب ، فالخبرهبدون علم ستؤدي في يوم ما الى جهل ، فدوام الحال من المحال ، وجميع الاسواق فيتغيرات وتقلبات ودورات حياة مستمرة .
اما ان يستمر المتداول في التعامل العشوائيللسوق فسيكون كتلك القرود التي امامها الكنز ” الموز “وهو لا يعرف الوصول اليه ولايعلم لماذا لم يصل اليه ويتحمل الخسائر ” الجوع “رغم انهيعيش في نفس المكانالذي يتواجد فيه الكنز...