البطالة والسكن .. لِمَ لا يدعم حل أحدهما الآخر؟

أظهرت نتائج المسح الشامل للقوى العاملة في المملكة، التي نشرت مؤخراً، أن عدد العاطلين عن العمل من السعوديين يربو على 629 ألف فرد، يمثلون ما نسبته 12% من قوة العمل السعودية التي يزيد عددها على 5 ملايين فرد، ويعادلون في الوقت ذاته نسبة 5.7 % من مجموع قوة العمل المواطنة والوافدة في المملكة، التي يتجاوز عددها 11 مليون فرد، كما أن عدد أولئك العاطلين من المواطنين تزيد نسبتهم على 96 % من إجمالي العاطلين في المملكة، من سعوديين وغير سعوديين الذين يتجاوز عددهم 652 ألف فرد.
تلك النتائج، لا تبعث على الدهشة فقط، عن عدد العاطلين من المواطنين، في بلد تبلغ القوة العاملة الوافدة أكثر من ستة ملايين فرد، تكفي نسبة 10% فقط من الوظائف التي يشغلونها لتلبية طلب كافة العاطلين عن العمل في المملكة من المواطنين، وإنما كذلك في تزامن وجود تلك النسبة من العاطلين مع الارتفاع في الطلب بسوق الإسكان بالمملكة، فعلى الرغم من إمكانية نشوء واقتران أكثر من أزمة اقتصادية في آن واحد، إلا أنه من الصعوبة أن تجتمع أزمة البطالة والسكن في الوقت ذاته، وذلك بسبب أن هاتين الأزمتين يمكن من خلال التخطيط الشامل أن تسهم كل واحدة منهما في معالجة الأخرى، فأزمة السكن تمثل طلباً عالياً على المساكن، وأزمة البطالة تعبر عن طلب مرتفع لفرص العمل المتاحة، ولحاجة سوق الإسكان للأيدي العاملة بكافة فئاتها من هندسية وفنية وإدارية وقانونية وخلافها لتلبية الطلب في قطاعاتها المختلفة، فهي بالتالي قادرة على امتصاص الفائض في قوة العمل المحلية تلك.
ليس ذلك فقط، بل إن الحد من البطالة أو التقليل منها في سوق ينمو فيه الطلب على المساكن مثلما هو الحال في المملكة سوف يسهم بلا شك في تشجيع الكثير من الداخلين حديثاً للعمل بهذا السوق على شراء مسكن أو استئجاره، وهذا ما يجسد بالفعل المعالجة المزدوجة لقضية البطالة والسكن في آن واحد.
إن أعمال تنفيذ مشاريع ما يزيد على مئة ألف رخصة بناء تصدر سنوياً، معظمها لغرض إقامة مبان ووحدات سكنية، وبناء الخمس مئة ألف وحدة سكنية التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين لقادرة على امتصاص هذا العدد من العاطلين من المواطنين، لو أمكن لنا أن نوفر من خلال كل وحدة سكنية يتم تنفيذها وتشغيلها من مجموع تلك الوحدات التي تمت الإشارة إليها فرصة عمل واحدة فقط..! فأزمة السكن والبطالة لا يمكن أن تجتمعا إلا عندما يغيب التخطيط السليم لمعالجتهما.

سليمان بن عبدالله الرويشد
الرياض