انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والملاحق الإعلانية ، وعلى واجهات الصرافات, تبدي استعدادها لسداد القروض الشخصية عن الأشخاص الذين لديهم قروض مع البنوك, وتسهل لهم الأمر وتجمله في عيونهم, وإنه السبيل الوحيد في التخلص من أقساط البنوك التي عليهم وإمكانية الحصول على قروض جديدة.
والملاحظ أن هذه المؤسسات استغلت الإقبال على التقسيط في المجتمع السعودي بدرجة كبيرة، وعزفت على وتر حساس ومهم وخطير في نفس الوقت, بحيث تخلصه من القروض السابقة مع البنوك لتورطه مرة أخرى في الحصول على قروض أخرى من البنوك, فيغرق من رأسه حتى قدميه في الأقساط لها وللبنوك, والمشكلة أن التقسيط لم يعد مقصوراً على شراء السلع الضرورية، بل امتد لتمويل الإنفاق على السفر والخدمات الترفيهية وتغطية الكثير من السلع، الأمر الذي ساهم وبشكل مباشر في ارتفاع حجم المديونيات الفردية لصالح البنوك وشركات التقسيط, وبالتالي ستجد هذه المؤسسات الإقبال من الكثير ممن لديهم قروض.
وفي هذا السياق أظهرت دراسة ميدانية أجريت في الرياض بعنوان: “التوجهات الاستهلاكية للأسر السعودية” أعدها مركز البحوث والدراسات بالغرفة التجارية بالرياض أن ما يزيد عن نسبة 80٪ من الأسر السعودية تنفق أكثر من 80٪ من إجمالي دخلها الشهري، و 11٪ تنفق دخلها بالكامل، وأن 20٪ من الأسر تتعامل بالعجز بشكل صريح، حيث إنها تنفق ما يزيد عن نحو 100٪ من إجمالي الدخل بشكل شهري، معتمدة على أسلوب الاقتراض أو الاستدانة لتغطية هذا العجز.
ووفقا لتقرير نشرته جريدة الاقتصادية فإن حجم التغيرات الاجتماعية جعل الأفراد أكثر اعتمادا على القروض البنكية وبطاقات الائتمان والتقسيط في تأمين احتياجاتهم المباشرة بإمكاناتهم الآجلة، مما رفع نسبة التقسيط خلال السنوات الأخيرة إلى 400%، وأصبحت الأقساط تلتهم أكثر من 50% من رواتب 80% من العاملين.
فأين دور مؤسسة النقد ووزارة التجارة لمتابعة هذه المؤسسات, فما تقوم به هذه المؤسسات هو توريط المقترضين الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع وإغراقهم في الديون, وتتسبب في مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة, فيجب اتخاذ خطوات جادة لإيقافها ومحاسبتها, فيكفي ماتقوم به الإعلانات التجارية من تأثير لدفع الفئات الاجتماعية ذوي القدرات الشرائية المنخفضة إلى اللجوء إلى التقسيط من البنوك ومؤسسات التقسيط .
علي احمد صحفان
صحيفة المدينة