قرأت قبل فترة في إحدى الصحف إحصائية رسمية عن عدد السيارات المسروقة في بلادنا خلال عام واحد وعدد المسترد منها فكان المسروق هو تسعة آلاف سيارة والمسترد أربعة آلاف سيارة تقريبا، واشتمل الخبر الإحصائي على الوسائل والطرائق المستخدمة في السرقة وجهود الجهات الأمنية لمتابعة السيارات المسروقة واسترداد ما يمكن استرداده منها خلال أيام أو أسابيع وربما شهور!
والواقع أن هذه القضية التي تستهلك الكثير من جهد ووقت رجال الأمن الكرام وكذلك تتسبب في معاناة أصحاب المركبات المسروقة، توجد لها حلول بسيطة أخذت بها معظم دول العالم المتحضر والآخذة بأسباب الحضارة، فلم تعد سرقة المركبات من القضايا المهمة لديه لأن السارق سرعان ما يقع في قبضة رجال الأمن قبل أن يختفي بالسيارة المسروقة عن الأنظار!.
وسبق لي رواية موقف مر به أحد الإخوة السعوديين المقيمين للعمل في ماليزيا حيث اقتنى ذات مرة سيارة جديدة، فأخبره البائع أن فيها جهازا بالأقمار الصناعية يشعر شركة التأمين بأي محاولة تتم لسرقة السيارة عن طريق فتحها عنوة وتشغيلها بربط الأسلاك، لأن الجهاز يطلق إشارات بتعرض السيارة لكسر في زجاج نوافذها أو فتح أبوابها بغير مفاتيحها وأن ذلك الجهاز يحدد موقع السيارة المنتهكة في حدود كيلو متر مربـع ويتلقى الإشارة رجال تابعون لشركة التأمين، بإمكانهم تطويق السيارة قبل نجاح السارق في إكمال إجراءات سرقته والبعد بالسيارة من الموقع الذي كانت واقفة فيه، ويروي لي ذلك الصديق أنه بعد شرائه السيارة حصل أن سقطت مفاتيح سيارته في «شنطة» السيارة فأغلق الشنطة دون أن يلاحظ ذلك، ولما هم بتشغيل السيارة لم يجد المفاتيح فبحث عنها في آخر مكان وقف بها فيه وتذكر أنه فتح الشنطة وأغلقها فحاول استخدام مفتاح كهربائي لفتح الشنطة، وبينما هو يحاول شعر بثلاثة رجال يلتفون حوله من ورائه ويقبضون عليه بتهمة محاولة سرقة السيارة، وبعد أخذ ورد تأكدوا أنه صاحبها وعرفوا منه الحكاية وتركوه بعد أن نصحوه بالاتصال بهم في حالة حاجته لمساعدتهم في فتح سيارته لعدم وجود مفاتيحها معه، لأن ما قام به وصلت إشارة عنه من القمر الصناعي فأرسل بدوره إنذارا بأن السيارة تتعرض لمحاولة فتحها عنوة، يتحرك رجال شركة التأمين قبل أن يتم أخونا عملية فتح الشنطة بمفتاح كهربائي صغير ولو كان الذي قام بالمحاولة سارقا لأكل من ضربات «السلق» واقتيد إلى أقرب مركز شرطة.
هذا الموقف الذي مر به ذلك الصديق مضى عليه ما يزيد على عشر سنوات، وقد قابلته بعد ذلك في مكة المكرمة وسألته عن أثـر استخدام جهاز التأمين ضد سرقة السيارات في ماليزيا ومدى نجاحه في قطع دابر السرقة فأكد أن الجهاز أراح رجال الشرطة وأصحاب المركبات من السائقين وخفض عدد السيارات المسروقة إلى أقل من العشر وانحصرت السرقات فيمن يترك سيارته شغالة وعليها مفتاح التشغيل أو يترك المفتاح داخلها فيسهل على السارق مهمته، وحتى في هذه الأحوال فإن القمر الصناعي التابع لشركة التأمين يرسل إشارات إلى الجهاز الصغير الموجود في مكان سري آمن بداخل السيارة المسروقة فيتم تحديد موقعها فيحاصر السارق ويقبض عليه إن لم يستطع ترك السيارة في شارع فرعي أو منطقة بعيدة ويختفي عن الأنظار!.
هذه الخدمة الأمنية متاحة في معظم الدول الناهضة والمتقدمة ويعلم عنها رجال الأمن في بلادنا ولعلهم يأملون ونحن معهم في أن تصبح متاحة في المملكة لينقطع دابر سرقة آلاف السيارات في كل عام.. أقول: لعل.. وعسى!.
محمد احمد الحساني
عكاظ