من أفضل نساء أهل الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحدة ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم وآسيه ) رواه احمد .

إن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم هي سيدة نساء العالمين في زمانها حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين ) البخاري .
وهي رابعة بنات الرسول ، أمها أم المؤمنين خديجة ـ رضي الله عنها ـ وأبوها سيد ولد آدم ، رحمة العالمين ، وزوجها سيد في الدنيا والآخرة ، أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه وولدها سيد شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ وعمها سيد الشهداء , وأسد الله ، أسد رسوله ، حمزة بن عبدالمطلب ـ رضي الله عنه .
ولدت في أم القرى وقريش تجدد بناء الكعبة ـ قبل النبوة بخمس سنوات ـ استبشر بها الرسول وتوسم فيها البركة واليمن ، فسماها فاطمة ، ولقبها
( الزهراء ) وكانت تكنى أم أبيها ، وهي شديدة الشبة برسول الله ونشأت في بيت نبوي رحيم ويكلؤها بالرعاية والسهر على تربيتها لتأخذ قسطاً وافر من الأدب والحنان والتوجيه النبوي الرشيد .
تزوجها علي بن أبي طالب في السنة الثانية للهجرة ، وبنى بها على مهر يسير وهو ( درع لعلي رضي الله عنه ) وأحفل بنو عبدالمطلب والصحابة الكرام بهذا الحدث السعيد ، ونحر حمزه بن عبدالمطلب بعض ابله ، وأطعم الناس ، وانتقلت الزهراء إلى بيت الزوجية الذي كان في غاية البساطة والتواضع . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب فاطمة ويكرمها ويسر إليها وغضب لها النبي لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغاً خطبة بنت أبي جهل فقال : " والله لا تجتمع بنت نبي وبنت عدو الله ، إنما فاطمة بضعة مني ، ويريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها " أخرجه البخاري .
ولم يمض عام على الزواج المبارك حتى أقر الله عين على وفاطمة ، فوضعت الحفيد الأول لرسول الله ـ الحسن بن علي في السنة الثالثة من الهجرة ، ففرح به الرسول فرحاً شديد وحنكه بنفسه وسماه الحسن ، وأماط الأذى عن راسه ، وتصدق على الفقراء بزنة شعره فضة ، ولما بلغ الحسن من العمر عام ولد الحسين في شعبان من السنة الرابعة للهجرة ، وتتابع الثمر المبارك فولدت الزهراء في العام الخامس للهجرة طفلة سماها الرسول صلى الله عليه وسلم ـ زينب وبعد عامين ولدت طفلة أخرى وهي أم كلثوم .

ومن منزلة فاطمة عند رسول الله أنه كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم يأتي فاطمة ، ثم يأتي أزواجه .
تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ، ورحب بها ، وكذلك كانت هي تصنع به " أخرجه ابوداؤد
ولفاطمة مواقفة مضيئة في الجهاد منها أنها كانت تغسل الدم من وجه النبي صلى الله عليه وسلم عندما أصيب في غزوة أحد ، وشاركت في غزوة حنين وخيبر وقسم لها ـ صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة خمسة وثلاثين وسقاً من قمح خيبر
ولقد كانت احتملت فاطمة رضي الله عنها ـ حياة الفقر ، وكابدت من ذلك الشيء الكثير ولكنها كانت مثلاً للفتاة الصابرة المرابطة فقد ورد في صحيح البخاري ( أتت فاطمة عليها السلام النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين وأحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم ) .

وقد اختصها الرسول صلى الله عليه وسلم عن سائر نسائه بالسرار ، كما قالت عنها عائشة رضي الله عنها .
ولما مرض الرسول بعد حجة الوداع واشتد به المرض لم تفارقه فاطمة بل وسهرت معه تخدمه فلما رأته قد أثقل عليه ، وجعل يتغشاه الكرب خنقتها العبرة وقالت بصوت يفيض حزناً ولوعة : " وآ كرب ابتاه فقال لها ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس على أبيك كرب بعد اليوم " فلما مات ـ عليه الصلاة والسلام جعلت تقول :
يا ابتاه ، أجاب رباً دعاه ، يا ابتاه جنة الفردوس مثواه ... يا ابتاه إلى جبريل ننعاه .
فلما دفن صلى الله وسلم ـ قالت ( يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ـ التراب ؟ ) رواه البخاري .
ولم تمض على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ـ ستة أشهر أوقريباً منها حتى مرضت فاطمة ، وانتقلت إلى جوار ربها ليلة الثلاثاء ، لثلاث خلوان من شهر رمضان سنة احدى عشر ، وهي بنت أربع وعشرون سنة على الأصح كما ورد في سير إعلام النبلاء ج2/121 .
رحم الله الزهراء ريحانة سيد ولد آدم وزجها سيد الفرسان ، ورضي الله عنها وأرضاها .

الفوائد والدروس من سيرة فاطمة رضي الله عنها

1- الحث على الصبر والرضا بأقدار الله المؤلمة فها هي فاطمة ـ رضي الله عنها ـ تصبر مع أمها وابيها على معاناة الحصار في الشعب ، ثم هاهي تكابد مشقة السفر والهجرة من مكة إلى الحبشة ثم تصبر وتحتسب عند فقد أمها وأخواتها وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم .
2- بيان حق الوالدين ، فقدوتنا فاطمة ـ رضي الله عنها ـ في حسن علاقتها مع أبيها وطاعتها وخدمتها ونصرتها له وتخلقها بخلقه عليه السلام .
3- كانت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ مثلاً أعلى في علاقتها بربها وبذلها وعطائها لهذا الدين وفي حياتها الزوجية وخدمتها لزوجها ، وفي أمومتها وحسن رعايتها وتوجيهها لأبنائها ، وفي حسن علاقتها مع جاراتها وقريباتها ، ولا عجب فقد كان قدوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك كانت قدوة صالحة للمرأة المسلمة الفقيهة المجاهدة المربية ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : ( ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الترمزي .
4- أهمية ملازمة ذكر الله في كل حال أنها من أسباب الحصول على القوة والإعانة كما تبين من قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة وعلى حينما طالباً خادم .