حدثت هذه القصة في بداية القرن الثاني عشر الهجري حيث كانت هناك قافلة حجاج عائدة من بيت الله الحرام بعد أداء مناسك الحج وكان أمير القافلة يدعى ابن رخيص وفي أول الطريق أصيب أحد الركب بمرض الجدري واستمرت القافلة في السير والمريض بصحبتهم وفي منتصف الطريق اشتد به المرض مما تعذر معه إستمرار السير به لأنه لم يعد يقوى على الحركة فقرروا التحرك بدونه وتركه يلاقي مصيره فهم لن يستطيعوا الوقوف طويلا لأن المسافة طويلة والمؤنة قليلة إلا أن شابا في القافلة كان يدعى محمد بن منصور بن ريس التميمي من أهل الرس قرر أن يبقى معه ونذر نفسه لأن يجلس عند هذا المريض حتى يقضي الله أمره إما بوفاته فيقوم بدفنه أويكتب الله له الحياة ويعودا سالمين ولكن أمير القافلة أشار على هذا الشاب بعدم البقاء في هذه الجبال الموحشة والصحارى قليلة الماء والعشب ( حيث أنهم كانوا بالقرب من جبل النير المعروف بعالية نجد ) فقال بن ريس مخاطبا ابن رخيص : هذا خوينا يابن رخيص هذا خوينا يابن رخيص وأصر على رأيه وجلس مع المصاب في سفح جبل بين أودية ليس فيها إلا الضباع والذئاب ونظم بن ريس قصيدة أرسلها مع ابن رخيص ليسلمها لوالدته في الرس ومنها هذه الأبيات :
يابن رخيص كب عنك الزواريب
اعمارنا يابن رخيص عواري
خوينا ما نصلبه بالمصاليب
ولا يشتكي منا دروب العزاري
لابد تجيك أمه بكبد لواهيب
تبكي ومن كثر البكا ما تداري
تنشدك باللي يعلم السر والغيب
وين ابني اللي لك خوي مباري
قله قعد في عاليات المراقيب
في قنة ما حولها الا الحباري
يتنا خويه لين يبدا به الطيب
ولا بجيه من الصواديف جاري
إن كان ما قمنا بحق المواجيب
حرمن علينا لابسات الخزاري
تلك هي المروءة التي تزين الرجال