تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زهرة الحنظل


غنامي
17-06-11, 10:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زهرة الحنظل
هذه باكورة اعمالي وهي الآن تحت الطبع والنشر 0 وسوف اسردها لكم تباعاً 0

هذه صورة الغلاف


http://sabagate.com/up/uploads/ac17c1c23b.bmp (http://sabagate.com/up)



زهرة الحنظل



بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة :
أروي لكم هذه القصة وهي القصة الأولى لي ، وتدور أحداثها ما بين الستينات وحتى التسعينات ، وأشخاصها نقابلهم في حياتنا اليومية ،

وكتبت معظم حورا أبطالها باللهجة العامية لكي تكون أقرب للواقع .

آمل أخي القارئ .. أختي القارئة أن تكملا قراءتها لتستنبطوا ما بها من عِبر ..


المؤلف : منصورعلي سليمان أبو مريفة .


الفصل الأول
..........

الجزء الأول : عام 1967
...............................

وليلِ كموج البحر أرخى سدوله على قاهرة المعز في مساء الثلاثين من مايو ، حيث كانت تحلو للشيخ علوان حلقات السمر التي تجلو صدأ الهموم عن القلوب ببكرج القهوة الذي يحمل رائحة مساءات ( العريش ) ذلك المكان الذي غادره الشيخ علوان إلى القاهرة عام 1928 م طلباً للرزق والسكينة ومعه كثيرون من عرب سيناء وكل منهم له جهة وطلب غير الآخر.
جلس الشيخ علوان وقد اجتمع حوله أبناؤه يهبهم حكمة الشيوخ ويسلم منهم عزم الشباب ويرى في عيونهم أمسا لربما لم يكن هو ما أراد ....كانورجالاً في نفوسهم أطفالاً في حضرة أبيهم للإيمان المطلق بهيبة الأب وكبير العائلة كما هو عرف القبيلة وموروثها .


لم يكن الشيخ قبل هذا اليوم يحكي لأبنائه سيرة حياته مؤثراً سردها عليهم حين يثق أنهم سيسمعوها بقلوبهم لا بآذانهم كان على الشيخ أن يفتتح المجلس فما كان يحق لأحد أن يبدأ الحديث فإن ذلك ينافي التأدب في حضرة كبيرهم .
كان الشيخ سعيداً بهذا الجمع العائلي فقد كان يحبه وزاد من سعادته في تلك الليلة مجيء ابنيه رجب وخميس من خط القناة في إجازة لمدة يومين حيث يرابطان هناك إذ هما مجندان في سلاح الدفاع الجوي حيث استقبلت القاهرة هذا العام وهي تحشد قواتها المسلحة في سيناء التي تشكل أهمية استراتيجية عظمى لمصر ورغم سعادة الشيخ بأبنائه إلا أن غصة كانت تعاود الشيخ بين الحين والآخر حين تقع عيناه على ابنه فتحي الذي قدر الله عليه علة دائمة حيث أصيب بشلل الأطفال نتيجة الجهل والإهمال .
نظر الشيخ إلى أبنائه واحداً تلو الآخر وسألهم عن أحوالهم وأمورهم وبعد أن إطمئن عليهم سألهم بقلق : هل تظنون أن توقيع ميثاق الدفاع المشترك بين مصر و الأردن سيدفع إسرائيل لشن حرب على مصر ؟
أجاب حامد – والذي كان يصغر رجب بستة أعوام إذ كان أخاه لأمه – قائلاً : إن موشيه ديان أعلن يا أبي أن مصر هي العدو الحقيقي لإسرائيل و أنها هي المستهدفة بالحرب إن كان هناك ثمة حرب .
رد حسن – الذي كان شقيقاً لحامد ويصغره بعامين – قائلاً وقد أخذه حماس
الشباب : إن اسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة حتى تخوض حرب ضد مصر أو الأردن أو سوريا.
أمسك سالم حينها بدفة الحديث – وقد كان أيضاً أخاً غير شقيق لهم إذ كان وحيد أمه – وتابع القول بنفس حماس أخيه حسن : نعم لا شك أن اسرائيل عازمة على خوض حرب جديدة خاصة بعد أن أعلنت مصر أنها لن تسمح بمرور السفن الإسرائيلية أو السفن التي تنقل مواد إستراتيجية لإسرائيل بالمرور عبر مضيق العقبة .
أردف رجب – الذي كان بكر أبويه من البنين و أخاً شقيقاً لخميس – قائلاً : إن هذا الأمر أثار زوبعة سياسية في إسرائيل التي طالبت الحكومة الأمريكية بتنفيذ تعهداتها بحماية حرية الملاحة في خليج العقبة .
كان الشيخ ينصت لحديث أبنائه باستمتاع و إهتمام وفخر وهو يراهم وقد بلغ البعض منهم مبلغ الرجال وباتوا يتحدثون في أمور الحرب والسياسة بل ويتابعون مستجداتها ويحاولون تحليل الأحداث فاستلم دفة الحديث وقد ندت عنه آهة عميقة قائلاً : ليتكم تعلمون كم هي الذكريات التي أثرتموها بحديثكم هذا ، لقد أرجعتموني إلى ليالي ( العريش ) وأيام خلت و عهد مضى و عمر كان ، ولم يعوضنيه إن كان قد تعوض إلا أقمار وجوهكم التي أنارت ليل غربتي فقد كان يا أبنائي ذلك اليوم الذي وصلت فيه القاهرة يوماً عصيباً إذ لم يكن معي غير جمل و عليه خرج به بعض الزاد وعباءة أحملها على كتفي ولازلت أحتفظ بها حتى اليوم .
، أخذت أبحث عن شخص قريب لجدكم – والدي رحمه الله – وهو الشيخ جابر الذي أحاطني بكل رعايته ولم يبخل ولم يقصر معي و كان حافظاً للود الذي جمعه بوالدي و لأصل القرابة والعهد .
فباع لي الجمل و بذلك حصلت على مبلغ من المال و أشار علي بالعمل في تجارة الأغنام فهي تجارة مباركة وقد صدق قوله حيث أعطاني الله وبارك في أرباحي حتى ذاع اسمي وشيئاً فشيئاً أصبحت من أعيان البلد كل هذا بفضل الله ثم بفضل الشيخ جابر و مشورته يرحمه الله وكل هذا كان في مدة عامين فقط ، و حين رأيت نفسي في تلك السعة من العيش فكرت في امرأة تشاطرني حياتي و أخفف حملي من على الشيخ جابر ولم يطل بي التفكير حيث قررت مصاهرة الشيخ جابر وخطبة ابنته عائشة التي لم تكن تتعد التسع سنوات من عمرها في ذلك الوقت ،
و سكت الشيخ فارتسم الذهول على محيا أبنائه و هم يسمعون هذا القول فستاءل رجب وهو يغالب ابتسامة أخفاها احتراماً لوالده قائلاً : و هل أنجبت أمي أختي ليلى و عمرها عشر سنوات ؟
أجاب الشيخ وهو يشيح بيده في إشارة منه تنم عن عتاب لابنه الذي تعجل القول : لا يا بني لقد عقدت قراني عليها دون أن أدخل بها فقط حتى تتمكن أن تشاطرني المنزل و تقوم بشئوني ، وبعد ثلاث سنوات رزقني الله منها ، ليلى ثم مريم ثم أنت يا رجب ومن بعد خميس ، ثم توسعت في معيشتي واشتريت هذا المنزل الكبير الذي نعيش فيه ، وبعد وفاة الشيخ جابر انتقلت إلى مسئولية كبير العائلة في القاهرة حيث كنت قد أصبحت من ذوي المال ولم يكن ينقصني الجاه كما تعلمون وتوسعت علاقاتيحتى أصبح لدي معارف من الوزراء وكبار المسئولين والحمد لله أصبح اسمي على كل لسان بالذكر الحسن وهذا أجمل ما ترثونه عني ،
وهنا سأل حامد أباه بلهفة قائلاً : ومتى تزوجت أمي ؟
أجاب الأب وقد أرسل نظراته إلى البعيد لقد كان من بعض الذين توثقت علاقتي بهم الشيخ ( زيدان ) شيخ قبيلة ( الدواعنة ) فطلبت يد ابنته رغم أنها كانت مخطوبة لابن عمها ولكن يبدو أن كلانا قد نظر إلى الأمر من زاوية مصلحته حيث كان في هذا الزواج مصلحة للطرفين فقد كان الشيخ والد فاطمة يستفيد من نفوذي في البلد لكي تتسهل أمور تجارته , أما أنا فكان يعنيني أن أتوسع في تجارتي مع رجال القبائل عن طريق قبيلة ( الدواعنة ) الذين زاد أيضاً توثق علاقتي بهم بعد الزواج , وأنجبت لي فاطمة فتحي وحامد وحسن وعفاف وسعد , وتابع الشيخ وهو ينظر إلى ابنه سالم قائلاً : أما أمك يا سالم كانت ابنة الشيخ ماطر صمت الشيخ هنيهة ثم تابع قائلاً : تعلمون يا أبنائي أن أصغركم عمره ستة عشر عاماً باستثناء سعد طبعاً أي أنكمفي سن الزواج أوصيكم باختيار الحرة الأصيلة ولاتظنوا أبداً أنني سأسمح لواحد منكم بالزواج من امرأة مدنية ولن أرضى لكم إلا بنات القبائل وليست أي قبائل فمعيشتنا في القاهرة لا تعني أن ننسى جذورنا و أصلنا ..
و رغم أن الشيخ كان يواصل حديثه إلا أن ابنه حامد غمزأخاه رجب في خلسة من أبيه هامساً : و إيه العمل في حبك لبنت الجيران مرفت ؟
رد رجب خجلاً : اصمت .. اصمت .
و توجه حامد قائلاً لأبيه : إن شاء الله نكون جميعاً عند حسن ظنك بنا .
أجاب الشيخ قائلاً : هذا عشمي فيكم لأنني تركت لكم اسماً كبيراً أرجو أن تحافظوا عليه ...
و انقضى الليل بأجمل الأحاديث ومضى كل إلى حال سبيله سعيداً بهذا الإجتماع الجميل باستثناء رجب الذي قضى ما تبقىمن الليل يفكر في أمر مرفت وما سيكون حالها معه .



و حين تنقس الصبح ارتدى رجب حلته وهو يدندن بأغنية شجية أحبها منذ الصغر إذ تحمل له هذه الأغنية رائحة ذكريات ما زالت تستقر في وجدانه .

ومضى يقطع الطريق من المنزل إلى محطة القطار القديم وقلبه يسابق خطواته وهو يسأل نفسه هل سيكون هذا اللقاء هو الأخير بينه وبين من اختارها قلبه ويكاد هذا القلبيفر من بين الضلوع هلعاً حين يخيل إليه ما سيكون .

ترجلت مرفت من نهاية رصيف المحطة وهي ترتدي ثوباً وردياً حيث أبرز جمالها الهادئ هدوء طفلة وادعة تحب الحياة ، ولعل أجمل ما يميز هذه الطفولة هو ابتسامتها التي كانت تعكس روحاً جميلة ..
هرع رجب إلى مرفت وحثت الخطى إليه حين رأته وهي تقول : حمداً لله على السلامة يا رجب و إجازة سعيدة .
رد رجب بوجوم حاول أن يتغلب عليه قائلاً لها : الله يسلمك يا مرفت إلا أنها أحست أن في الأمر شيئاً فقد تلاشت بشاشة رجب التي كانت تميز كل لقاء لهما ..
فسألته بتعجب : في إيه يا رجب و أنا قلبي من الصبح مقبوض ؟
رد رجب : لا لا مفيش حاجة ، وقد قرر في داخله أن يخبرها بما كان من أمر والده فهو يؤمن بعرف القبيلة و إن كان لا يقره ...
و تابعت مرفت بإصرار قائلة : لا في حاجة وحاجة كبيرة كمان .
وهنا أتت الجرأة لرجب فأجاب : إنت عارفة إن احنا بدو ولينا عوايدنا وصحيح احنا تربينا في المدينة لكن الشيخ علوان يحتفظ بكل موروث القبيلة من العوايد خصوصاً و إنو بقى شيخ ومعروف عند الناس .
وقبل أن يكمل رجب حديثه أحست مرفت ما يود قوله .
فتابع قائلاً : بالأمس طلب منا الشيخ علوان أن لا نتزوج إلا من ابنة عم أو ابنة شيخ ، كانت مرفت تعلم حب رجب لأبيه و أنه لا يمكن أن يخرج عن طوعه فأيقنت في قرارة نفسها أن زواجهما شبه مستحيل إن لم يكن المستحيل بعينه و لكنها تماسكت فلم يكن من اللائق أن تظهر تهافتها على رجب بعد أن سمعت ما سمعت وخاطبته قائلة : طبعاً أبوك ليه عليك حق ولازم تطيعه رضى الوالدين من رضى الرحمن .




رد رجب : بالفعل بس إحنا يا مرفت بنحب بعض و ...
ضحكت مرفت بمرارة قبل أن يكمل حديثه قائلة : الحب مش كل حاجة في الوجود يمكن إحنا نتجوز ونحقق سعادتنا .. بس أكيد راح يكون في جوازنا قطيعة بينك وبين أبوك ودي حاجة ما أرضهاش ولا أحب أكون السبب فيها ..

أطرق رجب بحزن و أسى لكن مرفت كانت أكثر منه تماسكاً وتابعت قائلة : على أي حال شكراً لاستقبالك ليا و أتمنى لك حياة سعيدة .

وغادرت المكان مسرعة فلم تكن تحب أن يطول الحديث بينها وبين رجب أكثر من ذلك فهي تعرف صلابة ما يؤمن به هؤلاء القوم من قيم وعادات وقد كان هذا اللقاء آخر لقاء يجمعهما حيث تفرقت بهم سبل الحياة .




وجلس رجب حزيناً يفكر في كل شيء و من شدة الحزن أخذ يدندن بعض مقاطع من الأغاني التي يحبها ويقول : ويلي لو يدرون يابا ويلي لو يدرون ...
من قلبي أهواه لكن أهلي ما يرضون ، ويلي لو يدرون يابا ويلي لو يدرون ..
قصدهم أتزوج بن عمي وأبعد عن دربه بن عمي ما أريده وإنتي اللي أحبه
ويلي لو يدرون يابا ويلي لو يدرون من قلبي أهواه لكن أهلي ما يرضون ..

وبعد أن دندن بهذه الأغنية أجهش في البكاء ونهض من هذا المكان وهو يجرأرجله جراً وهو لا يدري أين هو ذاهب وبدأ يظهر عليه آثار الحزن و أصيب بالرجفة والسخونة ولم يدر بنفسه إلا وهو واقف أمام منزلهم .
ودخل غرفته ونام على التخت ودخلت وراءه السيدة عائشة وجست جبينه فأحست بالحرارة فأحضرت الماء البارد و أخذت تبلل قطع القماش وتضعها على جبينه ..

غنامي
19-06-11, 11:30 AM
الجزء الثاني :
..................

انطلق حامد و أخيه سالم لزيارة أختهما ليلى و أراد سالم أن يعرف رأي حامد فيما عرضه والدهم عليهم من أمر الزواج فسأل أخاه بنبرة بدى فيها الاهتمام : ما رأيك في كلام أبوك في موضوع الزواج ؟

رد حامد وقد اكتسى صوته بنبرة الثقة قائلاً : أنا ليس عندي أي مشكلة فالوالد يعتبرني الوحيد من بينكم الذي أحمل اسماً امتداداً لاسمه في التجارة والصيت وكل شيء يتعلق به فأنا أكثركم شبهاً به .

رد سالم وقد تملكه الغيظ من قول أخيه وحاول أن يكظم غيظه قائلاً : بس أنت مشيك لا يرضي الله ولابد أن فاطمة .... إلا أن حامد قاطع أخاه بنبرة حازمة قائلاً : وبعدين معاك ...

رد سالم في غير اكتراث مجيباً أخاه : وأنا مالي أنا خطبت قريبة أبي ، وتكفل أخوان العروس بمساعدتي ولن يكون لدي مشاكل ...

فأجابه حامد قائلاً : على بركة الله واهتم بشئونك وقفل على الموضوع لأننا وصلنا بيت أختك ...

وعند باب المنزل استقبل عبدالله – الإبن الأكبر لأختهما – خاليه وأدخلهما بكل أدب إلى داخل المنزل الذي ينم عن نظافة أهل المنزل وحسن نظامهم رغم بساطة أثاث المنزل .
فهرعت ليلى لاستقبال أخويها وقد أشرق وجهها بابتسامة تنم عن حنان كبير فأدخلتهما الصالون وهي ترحب بهما .

تناول الإخوة الشاي في جو شاع فيه المرح والألفة فقد كان أهم ما يميز أبناء الشيخ علوان هو ترابطهم الذي عززه فيه والدهم ولم يسمح للمدينة أن تقتل أو حتى تزعزع هذا الترابط وهذه الصلة بين الإخوان .
سألت ليلى أخويها عن أخبارهم وعن أحوالهم .
فرد حامد : الحمد لله و تابع : إلا أن أخانا رجب ....... ولم تنتظر ليلى حتى يتم حامد حديثه لأن طريقة أخيها في الحديث أقلقتها فندت عنها شهقة وهي تقول : ما له رجب ؟
رد حامد وقد انتابه الندم على ما بدر منه : لا شيء يا أم عبدالله دائماً تحملين الأمر أكثر مما يجب ...
ليلى : هل حدث لرجب وخميس شيء حين ذهبا إلى الجيش .

سالم : لا يوجد شيء يا أم عبدالله ، و أنت يا حامد كان لازم تنسحب من لسانك كل ما في الأمر أنني خطبت ابنة عم والدنا زينة وسيكون زواجي بإذن الله قبل موعد زواج رجب .
ليلى : بس كده ؟
رد حامد : نعم هذا كل شيء يا أم عبدالله .
ردت ليلى وقد أشرقت على محياها ابتسامة رضى : ألف مبروك يا أخي و إن شاء الله يرزقك منها الذرية الصالحة .

ودع سالم وحامد أختهما ليلى ، ولم يفت سالم وهما يقطعان الطريق من منزل أختهما إلى منزلهما أن يوبخ أخاه حامد على ما بدر منه في منزل أختهما فبادره قائلاً : كنت تنوي أن تفضح أخاك رجب وتخبر أختك أم عبدالله عن كل شيء ..
رد حامد وهو يتنفس الصعداء قائلاً : الحمد لله عدت على خير .

غنامي
20-06-11, 11:35 PM
الجزء الثالث :
..................

وعند موقف الأتوبيس كان في وداع خميس ورجب أخاهم حسن وجارهم أبو سريع وسلامة ابن خالهم .
ورجع الجميع وقال سلامة : مسكينة عمتي أبناؤها الإثنان في الجيش و أيضاً في سلاح واحد و البلاد في حالة حرب .
أردف حسن قائلاً : هذا واجب على كل مواطن لكن هناك حل واحد يمكن تنفيذه الآن بعد الحالة التي وصل لها رجب خصوصاً بعد أن سمع كلام والده في الإجتماع الأخير .
سلامة : وما هو الحل في رأيك يا حسن ؟
رد حسن بعد أن صمت برهة قائلاً : أرى أن عمتك كبرت في السن حيث أن عمرها 46 سنة لذا من الممكن أن يطلقها أبي وبذلك يخرج رجب من الجيش خصوصاً بعد أن تخطى أبي سن الستين وبذلك يصبح رجب العائل الوحيد لأمه .
سلامة : معك حق رغم أنه صعب لكن لا بديل في الوقت الحاضر .
همس حسن لأبو سريع قائلاً : هذا رأيي ماذا عنك يا أبو سريع .. لا انت في وادي ونحن في وادي آخر يا أبو سريع .
أردف أبو سريع قائلاً : لا أنا معكم في الموضوع لكن في شق آخر هل تعلمون أن رجب له في الجيش أكثر من ست سنوات وخميس يفوق الأربع سنوات .
رد سلامة : معك حق لكن الحل الذي قاله حسن صعب جداً خصوصاً العشرة التي بين عمتي والشيخ علوان لها ما يقارب أربعين عاماً .
و نظر حسن لسلامة نظرة عتاب قائلاً : دعنا نغير الحديث ، ما رأيكم في مباراة كرة قدم غداً بعد العصر مع فريق حلوان ؟ حيث طلب مني كابتن الفريق لعب مباراة ودية غداً في الإستاد .
رد أبو سريع قائلاً : الصيت ولا الغنى صيتك وصل حلوان وعين الصيرة وبولاق كمان .. موافق لكن خلينا نجمع الفريق بعد المغرب و نجهزهم للمباراة .
ردد حسن و سلامة خيراً إن شاء الله .

غنامي
22-06-11, 10:08 AM
الجزء الرابع : حرب 1967م
.....................................

كانت الروح المعنوية للجيش المصري في ما قبل الأيام الستة (كما يحلو لإسرائيل أن تسميها ) عالية حتى تكاد تطاول السماء .

أما الرأي العام المصري فلم يكن بعيداً عن هذه الروح حيث كان يتوقع نصراً عسكرياً مؤزراً على إسرائيل ولم تكن وسائل الإعلام أيضاً بمنأى عن هذه الروح السائدة حيث غذت هذه الروح وصعدتها لدى جميع قطاعات الدولة ولدى رجل الشارع ..
فلماذا إذاً لا ينتظر هذا الشعب الذي رزئ بويلات متتابعة لماذا لاينتظر هذا النصر الموعود الذي سيلقي بإسرائيل في البحر .
وجاء مساء الرابع من يونية ورجل ( النكسة ) ( كما نسميها نحن العرب ) والمسمى الجنرال ( موشيه ديان ) يعقد مؤتمراً صحفياً في تل أبيب ، وهو يحمل لقب وزير الدفاع حيث عين في الأول من يونية في هذا المنصب .

ليخوض هذه الحرب التي أبلى فيها بلاء حسناً بذلك المخدر الذي كان يحقنه في أعصاب الشعب المصري بل والعربي عبر تصريحاته المضللة بأن يرغب في حل الأزمة مع مصر وسوريا عبر القنوات الدبلوماسية مستبعداً الحل العسكري إلا أن مصر استيقظت صباح الخامس من يونية على حرب من طرف واحد اندلعت في الساعة الثامنة والربع بتوقيت مصر الصيفي ..
كانت طائرات السلاح الجوي الإسرائيلي تقصف القواعد الجوية و المطارات في مصر بأسرها في سيناء و منطقة القناة والدلتا والصعيد .
كانت نقطة اندلاع هذه الحرب التي قاتل فيها المصريون في ظروف تقتل الروح المعنوية من مدينة ( رفح ) ذلك الباب الحيوي الذي تنتهي عنده حدود مصر السياسية لتبدأ حدود فلسطين وبسقوط مدينة رفح يفتح الطريق إلى العريش غرباً والعوجه جنوباً وخان يونس شرقاً كما تكمن خطورة موقع هذه البلدة الصغيرة كونها تشكل حلقة الوصل بين قطاع غزة والعريش ......
لم تكن حرب 67م حرباً بل كانت مهزلة وغدر وسوء تقدير ..
ظلت البيانات الإسرائيلية تذيع خبر انتصارها الذي سجلته منذ اللحظ الأولى هذه البيانات التي كانت تناقض البيانات العربية .
وفي فجر السادس من يونية أخذ الإسرائيليون يتغنون بالمذبحة الجوية
التي راح ضحيتها أسلحة الجو العربية في مصر و الأردن وسوريا و العراق ..
كانت الضربة الإسرائيلية للعرب حاسمة وسريعة ومفاجئة بهجمة جوية مركزة كان نتيجتها أن فقدت مصر سلاحها الجوي فأنهى العدو الحرب قبل أن تبدأ .
وغنوا فرحاً بانتصارهم الأغاني المصرية التي كانت تذيعها إذاعة العدو مثل ( قولوا لعين شمس ما تحماشي) ، وذلك تعريضاً وسخرية بالجيش المصري المنسحب على لهيب رمال سيناء .

غنامي
24-06-11, 04:33 PM
الفصل الثاني
...........

الجزء الأول :
.................

عاد رجب من الحرب وقد دفن بقايا كرامته في رمال صحراء شبه جزيرة سيناء وتبخرت بقايا عزته مع شمس يونية الحارقة ، يحمل في قلبه الكسير ذكريات تحرقه في أتون مرارتها .
يجلس بين أفراد عائلته فينسلخ منهم في بعض الأحايين ليرحل بعيداً فلا يعيده إلا صوت أمه ، وهي تطالبه بتوسل أن ينسى تلك الأيام ومرارتها وتذكره بأن الحرب انتهت و الأمور هدأت ولكنه يجيبها إن كانت الحرب يا أمي قد انتهت فإن الذل في أعماقنا قد بدأ ، و إن كانت الأحداث قد هدأت فإن براكين الهوان تضطرم في دمنا ..
كان رجب لايمل من سرد الأحداث التي مرت به بعد انتهاء الحرب و ما رأى من قتل اليهود للأسرى بدم بارد ومنهم من كان صديقه بل و بعض أقاربه أيضاً قتلهم اليهود و هم في الأسر .
حتى أن أمه خشيت على عقله لشدة ما كان يردد أحداث تلك الأيام التي مرت به ويتابع رجب حديثه غير مكترث للخوف الذي يراه في عيني أمه ، و يلتفت بالحديث إلى الجميع من حوله قائلاً : هل جربتم أن تروا رفاقاً لكم يقضون من العطش في الصحراء وترى أجسادهم تنتفخ يوماً إثر يوم في تلك الصحراء هل رأيتم إخوانكم يقتلون و هم مأسورين أمام أعينكم ؟

يسأل خميس أخاه بإشفاق : و لماذا لم تكونوا تبحثون عن ملجأ تلجأون إليه ؟
يرد رجب بمرارة : الصحراء ياأخي قاسية بطبيعتها فكيف بها وهي ساحة الحرب ؟
وهل في الصحراء ملجأ أو مهرب ربما كانت هناك شجيرات مترامية لا ظل ولا ثمر قصيرة خالية من رائحة الحياة .. نحتمي في ظلها المتقزم تقزم هاماتنا و عروبتنا الجريحة .
لقد كانت حرب من نوع آخر قضيت حرب الدبابات والطائرات و استبدلت بحرب بيننا وبين الطبيعة فلا غذاء ولا ماء .. وثياب بالكاد تسترنا كرهنا رائحة الدم الذي يكسوها .. ثياب لو أردنا أن نستبدلها لسلخت جلودنا معها فقد أخلصت حرارة الشمس في التصاقها بأجسادنا الواهنة .
يتابع رجب حديثه دون كلل أو ملل بهيئة وبصوت تفرض على الآخرين عدم مقاطعته لربما من كثرة ما سمعوا هذه الأحداث و عرفوها .. ولربما احتراماً و تبجيلاً للجندي العائد بنفس محطمة .

كنا ندخل الحرب وقد امتلأت أجسادنا زهواً وفخراً ندخل وقد تدثرت قلوبنا بشجاعة مزيفة فكيف لا نكون كذلك و نحن أقوى قوة جوية في منطقة الشرق الأوسط و أننا نملك أقوى قوة مدرعة في المنطقة كما تدعي وسائل الإعلام المحلية بل و الإسرائيلية ، والفضل ما شهدت به الأعداء ، حتى الست كوكب الشرق ساهمت في هذه المؤامرة الجميلة علينا بأناشيدها و حماسياتها التي تبشر بالنصر و النور بعد الظلام .
ظل رجب على هذه الحالة مما دفع والدته بالتعجيل في أمر الطلاق وقد كان ، و تقدم رجب بطلب الإعفاء من الجيش ، و أعفي من الخدمة العسكرية .
ولكن ظل رجب على هذه الحالة حتى تزايد قلق والدته عليه .
أصبح دائم الشرود كثير الصمت ، كثير الإنفعال وعاد على غير طبيعته من تشبثه بالوحدة وتجنب معاشرة الناس رغم أنه عاد إلى وظيفته السابقة في شركة الكهرباء .
فلما رأت أمه حاله تفاهمت مع والده في أمر تزويجه ، الذي أقرها على ذلك إذ لم يكن قلق الشيخ على ولده أقل من قلق أمه عليه .

اتخذ رجب مجلسه من الساحة لا ينتزعه من شروده إلا هديل الحمام ، وظل شارداً حتى جاءته أمه تشاركه مجلسه و دون مقدمات قالت بحنو ظاهر: يابني ما رأيك أن أفرح قلبك بخبر سعيد ؟
رد رجب : قولي يا أماه من زمان لم يفرح هذا القلب .
- أريد أن أخطب لك .
- لعل هذا هو الحل الصائب للهم الذي يجثم فوق صدري .. رفيقة تؤنسني .

ظهرت تباشير الفرح على وجه أم رجب فلم تكن تتخيل أن يستجيب ابنها بهذه السرعة لعرضها .
فأجابته قائلة : ابشر يا ولدي عروسك عندي .
- ومن هي يا أمي ( سأل رجب عن هذه العروس بنبرة لا تحمل مشاعر الإهتمام )
ردت أمه قائلة وقد أصبح زمام الأمر في يدها : لن نبتعد كثيراً يا بني .. إنها فاطمة ابنة خالك أبو سلامة ، وساقت الأقدار لهم في تلك اللحظات أبو سلامة الذي جاء في زيارة شقيقته عائشة إذ كان كثير العطف عليها ويحب أبناءها ، رحبت الأم بأخيها و أعدت له الشاي ، وقدم رجب لخاله فنجان الشاي وهو يقول : الله جابك يا خال .
رد خاله قائلاً : خير ماذا هناك ؟
أجابت أم رجب عائشة أخاها قائلة : كل خير .. تعلم يا أخي أن رجب عاد إلى عمله وحالة الحرب هدأت وهو يفكر في الزواج ولم أجد أفضل من ابنتك فاطمة تشاركه حياته .
رد أبو سلامة : ابنتي فاطمة ؟!
- نعم يا أخي ولم العجب ؟ إنها ابنتي أيضاً
- لن أجد خيراً من رجب زوجاً لابنتي ، وحين يشرفنا الشيخ علوان حسب العادات والأصول سيكون خيراً بإذن الله .

ارتاحت أم رجب لموافقة أخيها ، في حين وعد رجب خاله بأنه سيصون فاطمة كالجوهرة و لن يكون إلا خير زوج لها ..
و اتفقا على أن يقوموا بالخطبة يوم الخميس و يقدمون المهر والشبكة .
غادر أبو سلامة منزل شقيقته متجهاً إلى مجلس الشيخ علوان فقد تعود أن يتعلل عنده في المجلس حتى الهزيع الأخير من الليل .

غنامي
29-06-11, 11:21 AM
الجزء الثاني :
..................

جلس الشيخ علوان في صدر المجلس حيث أصر أبو سلامة على ذلك و اتخذ مجلسه بجواره ، و أخذ رجب و حامد مجلسهما على يمين أبو سلامة و دار سلامة عليهم ببكرج القهوة التي ظلت رائحتها من الأشياء الجميلة التي رحلت معهم من
( منطقة العريش ) ....

وضع الشيخ علوان فنجانه أمامه في حركة تعارف عليها البدو حين يكون هناك أمر لأحدهم عند الآخر حتى على الرغم من معرفة طلبهم مجاب مسبقاً و أردف قائلاً موجهاً الحديث لأبي سلامة : لن نشرب قهوتك حتى تجيبني إلى طلبي .

رد أبو سلامة بشيء من الإعتزاز الظاهر : اشرب قهوتك يا شيخ و حاجتك مقضية إن شاء الله .

- هذا عشمي فيك و ما راح أطول عليك الكلام فاطمة بنتي ورجب ابنك و أنا حبيت أخطب فاطمة لرجب ايش قلت ؟
- والله زي ما قلت يا شيخ ، فاطمة ورجب أولادي و ماراح ألاقي لفاطمة واحد أحسن من رجب .
- و إيش طلباتك يا أبو سلامة ؟
- ما لنا طلب غير مهر مائتين جنيه و الجهاز على رجب و ليس لدي أي طلب آخر.

و تعانق الرجلان و التفت الشيخ علوان إلى رجب مهنئاً و مباركاً ومذكراً إياه أن سنته مع أبنائه في زواجهم هو أن يتكفلوا هم بكل شيء حيث قطع على نفسه هذا العهد حتى يحافظ الواحد منهم على زوجته و يعتمد على نفسه.

أجاب رجب : سأكون عند حسن ظنك بي يا أبي أنت و خالي و سأتحمل المسئولية و لن أخذلكم و لكن لي طلب عند خالي .. لو أذنت لي به يا أبي .

أجاب الشيخ علوان : قل لي يا بني ما هو طلبك ؟
رد رجب : إن أذن لي خالي و أمهلني عامين لكي أجمع المهر و أفرش المنزل بالأثاث ..

أجاب أبو سلامة رجب إلى طلبه و أعطاه المهلة التي يرغب بها وتصافح أبو سلامة و الشيخ و قرءا الفاتحة و بارك الشيخ لابنه و تبعه سلامة ثم الجميع .


عندها طلب الشيخ علوان من ابنه حامد أن يدخل و يبشر عمته و أمه و النساء ثم التفت إلى ابنه رجب مؤكداً : تدبر الزواج أنت وخالك فالخال والد كما يقولون.
فرد أبو سلامة : أنت الخير كله و البركة يا شيخ
علوان .
رد الشيخ علوان : أريد أن أؤكد لولدي و أذكره على أنني لا أقوم أبداً بمساعدة أي منهم في الزواج ..
رد رجب : لا تقلق يا أبي..
أجاب الأب : بارك الله فيك و الخير فيك و في اخوتك .
ثم أردف سلامة : شد حيلك يا رجب نريد أن نفرح بيك قبل السنتين .
رد رجب : إن شاء الله أنت و السامعين .
سلامة : لسه بدري أنا وحامد لينا طموح ...
رد أبو سلامة : الزواج لا يقف عائقاً أمام الطموح بل على العكس لعله يكون عاملاً مساعداً بتحقيق الطموح .

قضى الشيخ علوان بقية سهرته عند أبو سلامة إذ كانا رفيقي طفولة و شباب و كهولة و بينهما من الذكريات م لا تقوى الأيام على محوه .

لقد كانت خطبة رجب لفاطمة ابنة خاله الأكبر دافعاً لأخيه خميس لمفاتحة والدته بهذا الشأن كان ذلك في فترة عودته في إجازة لمدة أسبوع حيث كان لديه فسحة من الوقت لإتمام هذا الأمر ، وذلك بعد مضي ما يقارب عام من خطبة رجب .

وقد عزم على التقدم لخطبة ريا ابنة خاله الأصغر أبو محمود ففاتح والدته بهذا الشأن ، وهو يعلم أنها لن تمانع لحبها الشديد لريا و أخيها المتوفي منذ خمسة أعوام .
و قد تأكد له ذلك حين كان جواب والدته و قد أخذتها السعادة : زين ما اخترت يا ولدي ...
- أتمنى يا أمي أن نفاتح ابن خالي بأمرها في أسرع وقت فأنا أخاف أن يتقدم أحد لخطبتها .
- سأذهب يوم الجمعة إن شاء الله لزيارة خطيبة أخيك أعايد عليها و أكلم ابن خالك محمود وخالك أبو سلامة و ألف مبروك يا ولدي ألف مبروك لك ولأخوك رجب.



دلف رجب إلى حيث حجرة أمه وأخيه وقد تناهى إلى سمعه صوت التبريكات من والدته .
فسأل : ماذا هناك إني أسمع التهاني والتبريكات .
ردت الأم قائلة بفرح غامر : أخوك خميس قرر أن يخطب ريا ابنة خالكم .
بارك رجب لأخيه ودعى الله أن يرزقه الذرية الصالحة ثم تابع قائلاً : كنت شاري ساعة وراديو لفاطمة لكن الأمر تغير الآن وناول والدته الساعة قائلاً : أعطي هذه الساعة لفاطمة ... والراديو لريا وقولي لها من خميس .
فما كان من خميس إلا أن شكر أخاه بحرارة على شعوره الطيب , ورفعت عائشة كفيها بالدعاء أن يحفظ الله عليهما هذه المحبة .
وتذكر خميس فجأة موضوع المهر وسأل أخاه مستفسراً : كم ادخرت يا رجب من المهر ؟
رجب : تسعون جنيهاً .
رد خميس وقد رأى أن هذا المبلغ قليل : فقط تسعون جنيهاً ألا ترى أن هذا المبلغ ضئيل بعض الشيء ؟
أجاب رجب وهو مطمئن : أنت تعرف يا خميس أن مرتبي اثنا عشر جنيهاً
بما فيه الحوافز فالحمد لله على أنني استطعت أن أدخر هذا المبلغ .
ولعل هذا الأمر نبه خميس أن يقول لأمه بإستعطاف : لا أريد أن أقيد نفسي بوقت معين قولي لهم سيكون الزواج بعد خروجي من الجيش بعامين .
ردت الأم : ربنا يقضي لك المدة على خير و يكفينا شر الحرب .
رجب : نعم الرأي يا خميس فأنت تعلم أن أبانا قد أخذ على نفسه عهداً أن لا يساعد أحداً منا في أمور زواجه أو مستقبله المالي .
ردت الأم بزهو : إن أباكم الشيخ علوان بدأ من الصفر وبنى نفسه وجاء إلى القاهرة وتعب وهو فخور بذلك ويريد أن تكونوا مثله في كل شيء .
رد خميس : وهل هذه هي طريقته أيضاً مع حامد وأخواته أم هي معنا فقط ؟.
ردت الأم طبعاً مع كل واحد منكم .
خميس : أرجوا ذلك يا أمي والأيام ستخبرنا بكل شيء .
رجب : الحمدلله على كل شيء بالجد والعمل نحصل على كل شيء نريده من الدنيا .
خميس : على رأيك ذراعك هو سندك في الحياة .

غنامي
03-07-11, 06:48 PM
الجزء الثالث :
..................

ذهب خميس وهو يصطحب معه والدته السيدة عائشة إلى منزل خاله وقد أسعدت هذه الزيارة محمود الذي استقبلهم عند الباب مهنئاً بعودته من الجيش .
قائلاً : حمداً لله على السلامة متى أتيت من الجيش ؟؛
رد خميس على الفور : لقد عدت أمس بعد العصر .
رحب محمود بعمته وصحبها إلى غرفة الصالون حيث جاءت ريا للسلام عليهم وقد أحضرت معها الشاي وكانت تمشي على إستحياء من خميس وبعد أن أدت واجب الضيافة عادت ريا إلى الداخل بعد أن استأذنت عمتها في ذلك حيث أذنت لها .
بدأت السيدة عائشة الحديث بعد الترحيب والسلام قائلة لمحمود : لقد جئنا لخطبة أختك ريا لولدي خميس ما رأيك .
فرد محمود قائلاً : إنه يوم السعد أن يكون خميس ابن عمتي زوجاً لشقيقتي ريا طبعاً موافق .
كان الحوار يدور بين محمود وعمته لأن خميس كان شارد الذهن مع هذه الستارة التي تتطاير يميناً وشمالاً ولم يعيده من السرحان إلا صوت محمود وهو يبارك
له .
قائلاً : ألف مبروك يا خميس ..
رد خميس وكأنه لم يسمع عبارة محمود ها ماذا ؟؛
محمود : أنت لست معنا بالمرة كل هذا خجل ..
خميس : لألأ أنا معكم الله يبارك فيك يا محمود ..
محمود : لازم يا عمتي بعد الموافقة إن شاء الله نخبر عمي أبو سلامة ...
السيدة عائشة : لاشك يابني فهذا واجب سوف أزوره وأقدم الهدية لفاطمة وتابعت قولها نادي لنا على ريا لكي يعطيها خميس الهدية , وهي الراديو الذي أراد أن يكون تذكار منه ..
سعدت ريا بالهدية وشكرت عمتها وكذلك ابن عمتها خميس وهي تقول : شكراً يا خميس تعيش وتجيب ..











فاستأذنت عائشة للمغادرة حيث عرجت إلى بيت أخيها أبو سلامة الذي كان مجاوراً لمنزل محمود ...
أسرعت الفتاتان فاطمة و سعاد لاستقبال عمتها , حين استقر بها المقام أخبرت أخاها أبو سلامة ماكان من أمر خطبة ابنها خميس لابنة خاله أبو محمود وسألته عن رأيه في زواج خميس من ريا حيث أنه أكبر الأخوة لذا لابد من أخذ موافقة ومعرفة رأيه .
رد أبو سلامة ساخراً : هل بقي من رأي أو كبارة ؟
ردت السيدة عائشة بدهشة قائلة : ما هذا الذي تقوله يا أخي ؟
رد أبو سلامة : كان يجب أن تشاوريني قبل إقدامك على هذه الخطوة يا أم رجب ..
عائشة : وهل كنت ستمانع يا أخي في هذا الزواج ؟
رد أبو سلامة : لا لم أكن لأمانع فكلهم أبنائي , ولكن كنت أرى رأياً آخر ربما كان هو الأفضل ..
السيدة عائشة : وما هو هذا الرأي يا أخي علي به فرأيان خير من رأي واحد ..
أبو سلامة : لقد كنت أنوي أن أخطب ريا لأبني سلامة .. وعندها لاذ بالصمت تحرجاً من أن يتم قوله ..
ولكن السيدة عائشة تساءلت مابك يا أخي وابني خميس من أخطب له ..
وعندها تشجع أبو سلامة وأشار أنه كان يرغب في تزويج خميس لابنته سعاد ذهلت عائشة عن سماع هذا الأمر , ولكنها ردت والله كل هذا نصيب ومكتوب , ومازالت سعاد صغيرة فهي لا تتعدى الثالثة عشر , ولو كنت سبقتنا في أمر خطبة ريا لولدك لم أكن لأتعدى عليك .
أبو سلامة : إذاً الأمر مبيت من قبل .
السيدة عائشة : لم أفهم شيئاً .
رد أبو سلامة : على العيد الكبير يجهز رجب نفسه للزواج من مهر وشبكة وخلافه حتى مصاريف حفل الزفاف فابنتي قد تقدم لخطبتها رجل ميسور الحال ومستعد للزواج الآن .
ورد السيدة عائشة : إذا كان الرجل ميسور الحال كما تقول فلم لا تزوجه ابنتك سعاد ؟
أبو سلامة : سعاد صغيرة في الوقت الحالي وعرضت عليها الأمر ولم توافق .
السيدة عائشة : رجب لم يجهز نفسه ولا على العيد بعد القادم , ولا كان هذا هو الإتفاق .
رد أبو سلامة : إذاً كل شيء قسمة ونصيب كما قلت أنت وكل حي يدور على المصلحة التي يراها لنفسه ..
ردت عائشة بحزن وغيظ : لم أتوقع منك هذا يا أخي .
رد أبو سلامة : وهل كنت أنا أتوقع منك أن تخطبي ريا لإبنك خميس و تتركي سعاد ..
السيدة عائشة : لقد قلت يا أخي من قبل إن هذا قسمة ونصيب .
أبو سلامة : إذاً ليس لرجب نصيب عندي ..
السيدة عائشة : هذا آخر كلام عندك ؟
أبو سلامة : نعم آخر كلام ولا شيء بعده ..
السيدة عائشة أدعو الله أن يرزق ابني رجب و يبدله خيراً منها .
خرجت السيدة عائشة من منزل أخيها و قد أعماها الغضب ، حتى كأنها لا ترى طريقها من هول المفاجأة التي رأتها من أخيها ، وكان خميس يسرع خلفها حتى أمسك بها .
فقال : ماذا حدث يا أمي ؟
ردت السيدة عائشة : لقد فسخ خالك خطبة رجب على فاطمة و لعل هذا الأمر سيساهم في زيادة تعقيد أزمة رجب بعد أن كنا نعتقد أن هذا سيساعد في شفائه .
خميس : ولماذا يا أمي ؟
ردت السيدة عائشة : لأنك خطبت ريا ولم تخطب ابنته سعاد .
أجاب خميس : لم أكن أتوقع من خالي هذا التصرف .
ودخلا البيت وهما في حزن شديد على رجب من هذه الصدمة التي لم تكن في حسابهم .
استقبل رجب أمه و أخاه متسائلاً : ما الذي حدث في بيت خالي أنتما غير طبيعيان

غنامي
12-07-11, 10:11 PM
أجهشت السيدة عائشة في البكاء ، حيث أنها لم تستطع أن تقاوم حين رأت ابنها رجب الذي كان متعجباً من حالها و حال أخيه خميس بعد عودتهما من منزل خاله .
وحين هدأت الأم روت لابنها ما حدث من أمر فسخ الخطبة من قبل خاله ..
فلم يهتز رجب لهذا الخبر بل أجاب بكل هدوء لا تزعلي يا أماه من باعك بيعه ولو بالرخيص .
هدأت نفس الأم حين رأت هدوء ابنها و أردفت قائلة : لم أكن أعرف أخي جيداً ..
رد رجب بأسى : كل شيء متوقع في هذا الزمن ..
فلعل رجب لو جاءه هذا الأمر قبل النكسة لكان رد فعله عنيفاً إلا أن الأحداث و الأهوال التي رآها جعلته لا يقيم وزناً لكل مصيبة تقع فكل مصيبة أو نازلة دون النكسة ليست بمصيبة هذا هو الدرس الذي خرج به رجب من تلك الكارثة التي لم يخرج من رواسبها النفسية كثيرون حتى يومنا هذا ...
ردت الأم : أحمد الله على أنك لست متضايقاً يا بني و إني بإذن الله سأخطب لك ابنة أختي سمراء .
وكان للأم ما أرادت حيث أجيب طلبها بالقبول فاتفقا على المهر مائة جنيه والجهاز على والد العروس الذي كان شرطه أن يمهلوه لكي يجهز البنت ..

غنامي
19-07-11, 07:59 PM
الجزء الرابع :
..................
لقد كان شهر أكتوبر عام 1973م مسرحاً ، وزماناً للحرب الرابعة بين العرب و اليهود ..
حرب العاشر من رمضان المجيد .
لقد كانت ريحاً صرصراً اقتلعت أسطورة الجيش الذي لايقهر فهاهي غضبة رمال شبه جزيرة سيناء تلتهم حطام الطائرات و تبتلع الجثث .. أين خط برليف الوهمي ، الساعة الرابعة من عصر يوم العاشر من رمضان ، السادس من أكتوبر هبوب الجيش المصري و العربي كأنهم أسود انطلقت من أسرها على الأعداء فهزموهم شر هزيمة ، فمحت من سجل التاريخ ما أشاعه بني صهيون بأن العرب لن تقوم لهم قائمة .
وشتان بين عودة خميس من هذا الواقع وعودة أخيه رجب من قبل ، فاستقبله الأهل والأصحاب استقبال الأبطال المنتصرين ..
وبعد فترة وجيزة خرج خميس من الجيش نهائياً بعد قضاء خدمة سبعة أعوام كاملة .
وهاهي الأيام تدور دورتها فيتم استدعاء حامد لأداء الخدمة العسكرية هذا الإستدعاء الذي يملؤه زهواً و فخراً حتى أنه أخذ يحدث كل من رآه بأمر هذا الإستدعاء.
إلا أن هذا الخبر الذي جعل حامد يحلق في الفضاء نزل كالصاعقة على سلامة الذي أدرك عندها أنه سوف يدعى للتجنيد لأنه يقارب حامد في عمره ، إذ أنهما من مواليد نفس السنة .
حين رأى حامد خوف سلامة سأله بتعجب قائلاً : ما بك يا سلامة ؟
رد سلامة و كأن خوفه لم يظهر لحامد : لا أخفي عليك يا حامد أنني خائف جداً فكثيرون هم الذين أعرفهم ذهبوا و لم يعودوا ..
أجاب حامد باطمئنان : إن الأعمار بيد الله والحرب انتهت بانتصار ولله الحمد .
وتابع حامد قائلاً بأسى : كم كنت مغرماً بالجيش يا سلامة ، فقد كنت ترتدي ملابس رجب وخميس عندما يحضران في إجازة وتبدو بها و كأنك مجند فما الذي حدث .
سلامة : لا أدري ما الذي جرى لي .. ها نحن قد وصلنا البيت تعال يا حامد سلم على الوالد ..
تعجب أبو سلامة من مجيء حامد في هذا الوقت فبادره قائلاً : مرحباً بك يا حامد ما الخبر ؟
حامد : لقد طَلبت اليوم للتجنيد من قبل شيخ الحارة
رد أبو سلامة كمن يتذكر شيئاً وقال : آه .. لقد نسيت .. لقد جاء لك يا سلامة أنت الآخر طلب التجنيد واستلمته من القسم عندما كنت في العمل .
عند ذلك اصفر وجه سلامة من الخوف الشديد .
حامد : الآن نحن مع بعض و يمكن نروح سلاح واحد مثل رجب وخميس .
نظر أبو سلامة إلى ابنه باهتمام و سأله : ما بك هل أنت خائف ؟ ولماذا؟
رد سلامة : لا أدري يا أبي .
قال أبو سلامة موضحاً لابنه أن الجيش يا بني اليوم غير الجيش بالأمس فالمدة الآن أصبحت معروفة أما بالأمس فلم يكن الواحد يدري متى يخرج .
حامد : قول له يا خال و سوف نذهب غداً للتجنيد سوياً وأوصي مأمور القسم علينا ..
تم في اليوم الثاني تجنيد حامد في سلاح المشاة أما سلامة ففي سلاح المدفعية .
ذهب حامد و سلامة للترحيل وذهب كلا منهما إلى جهة
لقد قابل حامد موقف التجنيد بكل شجاعة بينما سلامة قابل الموقف وهو يرتعد ..
وبعد مرور عدة أيام استلم خميس شهادة الجيش من الوحدة ، و أقام له الأهل احتفالاً بهذه المناسبة و قد حضر هذا الحفل جميع الأهل و الأصدقاء لتهنئة خميس
و ضمن هذا الجو الذي يشع بهجة سأل أبو سريع رجب قائلاً : غريب أمر سلامة كان قبل يومين في إجازة وعاد أمس من مركز التدريب فما الخبر يا ترى ؟

غنامي
26-07-11, 12:27 PM
التفت رجب يبحث عن سلامة في هذا الجمع وعندما وجده سأله : ما الأمر يا سلامة .
سلامة : لا شيء مأمورية لمدة يومين ..
رجب : وكيف تكون في مأمورية و أنت لم تكمل في الجيش عشرة أيام ، أخبرني بالحقيقة يا سلامة أنا مثل أخيك ..
سلامة : في الحقيقة هي ليست مأمورية بل فراراً من الجيش .. لم أتحمل التدريب الشاق .
رد أبو سريع متعجباً : أتقول هذا و أنت كنت دائماً تحب الجيش إنه لأمر غريب هذا التحول .
سلامة: إن التجربة تختلف عن الواقع .
أبو سريع : انظر إلى رجب كم قضى في الجيش فلم يخرج إلا بكشف عائلة و خميس أيضاً لم لا تكون مثلهم إن ما فعلته لا يليق بك كرجل .
سلامة :أرجو أن تتركني و شأني لقد جئت أبارك لخميس .
قال سلامة هذا القول وخرج مسرعاً من البيت .
أبو سريع : ما هذا لقد أفسد علينا فرحتنا .
رجب : يا جماعة الخير : خلينا في أفراحنا .
سأل أبو سريع خميس : ماذا ستفل بعد أن حصلت على الشهادة فهل تنوي السفر أم ستعمل في الحكومة كما فعل رجب ؟
رد خميس : نعم ، أنوي العمل في القطاع العام خاصة وأنت تعلم أن لنا أولوية التعيين في العمل الحكومي .
حامد : تعمل في الحكومة وتترك السفر ؟ شيء عجيب .
خميس : لم العجب هذا أفضل شيء في الوقت الراهن .
أبو سريع : على البركة .. و متى الجواز ؟
خميس : بعد التعيين بكم شهر إن شاء الله .
رد الجميع : على بركة الله .. و سوف نحتفل بمناسبة زواجك خير احتفال .

غنامي
28-07-11, 09:40 PM
الجزء الخامس :
....................
ألقي القبض على سلامة بعد عشرة أشهر من فراره من الجيش ، حيث أودع السجن الحربي للنظر في حكم المحكمة .
و في نفس الوقت طلب حسن للخدمة العسكرية و عين خميس في القطاع العام براتب جيد ، و أجري الكشف الطبي على حسن ثم جند في سلاح المهندسين .

و في أحد الإجتماعات في مجلس الشيخ علوان تبادل الأصدقاء الحديث حين سأل رجب أخاه حامد عن أخباره في الجيش .
رد حامد : الحمد لله لقد أصبحت عريفاً قبل عشرة أيام .
فرح الشيخ علوان بهذا الخبر وهنأ ولده على هذا الخبر.
ووجه خميس الحديث لحامد مشيراً عليه أن يؤجل المدة الباقية حيث أن حسن قد جند .
إلا أن رأي رجب كان مخالفاً لرأي خميس حول عملية تأجيل المدة الباقية حيث أشار عليه بالبقاء إذ أنه يصعب العودة للجيش لمن يخرج منه ثم يرجع ثانية ..
الشيخ علوان : إذا كان هذا ممكناً فلماذا تتأخر أسرع وقدم طلباً على الفور .
حامد : من الغد سأقدم هذا الطلب لكي أتمكن من السفر والعمل في الخارج ..
خميس : الوظيفة أحسن لك .
حامد : لا أرغب في الوظيفة أريد العمل في الخارج و العمل الحر بلا قيود .. و أنتم كما تعلمون لا أحمل أية شهادة فهذا مناسب لي .
الشيخ علوان : نعم الرأي يا بني في السفر ثلثين الرزق.
وهكذا بعد شهرين خرج حامد من الخدمة حيث أعفي إعفاء مؤقتاً لحين زوال السبب ، وهو خروج حسن من الجيش وقضاء المدة و هي ثلاث سنوات .
و في نفس الوقت تمت محاكمة سلامة ، وحكم بثلاث سنوات يقضيها في السجن الحربي ..
نفذ حامد عزمه و سافر إلى الخارج بعد مضي عامين من انتهاء حرب أكتوبر .. ولكنه ظل على اتصال وثيق بأهله حيث كان يتذكرهم بالهدايا و الرسائل ..
و أرسل لأخيه خميس هدية بمناسبة زواجه ، أما خميس فكان يداوم على مراسلة حامد حيث كان يبعث له برسالة مطلع كل شهر وبها جميع أخبارهم .
و أرسل حامد لوالده جهاز راديو فخم و هدايا أخرى غالية الثمن ، مما زاد في سعادة أهله به .

غنامي
08-09-11, 10:38 AM
وفي المقابل كان رجب يبعث لأخيه بعض الأهازيج بصوته على شريط كاسيت حيث كان يعلم أن حامد يحب هذه الأهازيج .

غنامي
08-09-11, 10:40 AM
الفصل الثالث

الجزء الأول :
..................
عاد حامد من الخارج بعد ثلاث سنوات أي في نهاية 78 حيث كان في استقباله في مطار القاهرة إخوته رجب وحسن وسعد ... وحين رأوا أخاهم تدافعوا باتجاهه وسعد ينادي ويشير بيده هوا .. هوا .. ويرد رجب قائلاً : نعم هوا ...
وتقدم حامد مسرعاً يحث الخطى نحوهم وهو يدفع عربة حقائبه أمامه وسط زحام من البشر ويشير إليهم بيده وكان أول من صافحه سعد حيث قفز إليه يقبله و يحضنه ..
حتى إذا فرغ من هذا اللقاء سلم عليه رجب وحسن سلاماً حاراً وهنؤوه بسلامة الوصول إلى أرض الوطن .
حامد : مرحباً بكم لقد اشتقت لكم فرداً فرداً .. مرحباً سعد لقد أصبحت رجلاً ماشاء الله .
سعد : طبعاً فقد أصبح عمري الآن خمسة عشر سنة ..
ماذا أحضرت لي معك .. هل هدية قيمة كما قلت في خطابك ..
طلب رجب من أخيه سعد أن يحضر السيارة التي تنقلهم إلى المنزل ففعل سعد ما طلبه أخوه منه ..
وعرف حسن أخاه حامد بالسائق قائلاً : هذا أحمد جارنا الجديد يعمل على هذه السيارة ويعمل أخوه على سيارة نقل ثقيل .
حامد : أهلاً بك يا أخ أحمد ومرحبا بك جار لنا .
ثم حملا الحقائب فوق السيارة وركب رجب بجوار السائق في حين إتخذ حسن وسعد وحامد أماكنهم في المقعد الخلفي .
وحين عبرت السيارة طريق صلاح سالم أشار السائق لحامد قائلاً : من هنا طريق الأوتوستراد الجديد يمتد من هنا لحلوان .
حامد : في ثلاثة أعوام تغيرت البلد وقامت الإنشاءات في كل مكان .. ثم صمت برهة ..
رجب : ما رأيك يا حامد في المعادي الجديدة ؟
حامد : حي جميل وأنا أفكر في المقاولات في مصر ولا داعي للسفر والتغرب مرة أخرى .
رجب : والله إنها فكرة صائبة توكل على الله .
حامد : لقد عرفت طريقي الآن حيث سأفتح مكتب مقاولات وأعمل في هذا المجال .
رد السائق أحمد قائلاً : إن هذا أمر جيد خاصة وإن البلد تمر الآن بمرحلة إعمار كبير .
حسن : وسأنضم إليك وأعمل معك بعد إنتهاء خدمتي من الجيش .
حامد : موافق ياحسن .. ثم سأل حامد أخاه سعداً ،
قائلاً : وأنت في أي سنة يا سعد ؟
سعد : في الثالث الإعدادي وابن أختي في نفس السنة .
حامد : وماذا عن أختي أم عبدالله وزوجها يا رجب لقد مرضا في الفترة الأخيرة .. وهنا قطع السائق عليهم الحديث قائلاً : الحمدلله على السلامة لقد وصلنا ..
هرع حامد مسرعاً لوالده الشيخ علوان وقبل رأسه وعانقه قائلاً : كم كنت مشتاقاً لك يا أبي ورد الشيخ علوان وهو يغالب دموع الفرح : الحمدلله على السلامة يا زهرة الأبناء كلهم ..
ولم يكن لقاء لقاء حامد بأمه أقل حرارة من لقاء أبيه .
حتى أن أخته عفاف علقت قائلةً : إحم .. إحم ..
نحن هنا ..
فالتفت حامد صوب مصدر الصوت فشهق وهو ينظر إليها قائلاً بتعجب : لقد كبرت يا عفاف وبقيتي عروسة جميلة ، مما أخجل عفاف التي سلمت عليه مهنئة بسلامة الوصول .
جاء فتحي بخطى بطيئة للسلام على أخيه ، حيث أن عاهة الشلل التي أصابته صغره تركت أثرها في خطواته التي بالكاد يقطعها .. سلم فتحي على أخيه حامد وهو يسأله : هل وصلك الشريط ؟
حامد : نعم نعم وكنت فرحاً به .
كانت السعادة تظلل هذا الجمع بعودة ابنهم حامد ثم أخذ حامد في فتح حقائبه ومن حوله أفراد عائلته ، وبدأ بأخيه فتحي حيث قدم له قطعتي قماش صوف وراديو قائلاً له : هذه الهدية لأحسن أخ .. مبسوط يا عم ، ولا تحمل هم أجرة الخياطة فهي عليّ ..
أما سعد فقد كان من نصيبه أربعة بلوفرات وأربعة بنطلونات وساعة .. وعشرون جنيهاً لزوم الشياكة كما قال له حامد ذلك .
ثم قدم حامد لأخته عفاف أقمشة متنوعة وفستاناً جميلاً قائلاً : وهذه الهدايا لأحلى أخت .
عفاف : شكراً يا أخي الحبيب رجوعك لنا بالدنيا كلها ..
حامد : أما هذه القطيفة وهي قطعتين والطرح الحرير لأحلى أم .. لست الحبايب .. أوه لقد نسيت هذا صندل جلد طبيعي لك يا فتحي ..
فتحي : أجربه أولاً ..
وضحك الجميع ..
جاء خميس وسلم على أخيه حامد .
حامد : أهلاً خميس .. كم عندك من الأولاد ؟ .
خميس : عندي سارة عامان وعلي شهران .
حامد : ماشاء الله فيهم البركة سوف نذهب للسوق ونشتري لهم ملابس وخذ قطعة القماش هذه لأم سارة ، وهذه القطعة لك ، وقطعة القطيفة هذه لأمي عائشة .
خميس : شكراً لك يا حامد ونريد نفرح بك قريب مع عروس بنت ناس .
حامد : ماذا تم في زواج رجب ؟ .

غنامي
27-09-11, 11:22 PM
خميس : حدد موعد بعد ستة أشهر للزواج .
حامد : إذا كان بعد ستة أشهر فأعتقد أنه من الأفضل أن يكون زواجي وزواجه في ليلة واحدة فأنا جاهز بكل شيء ، وينقصني الزوجة التي أترك مهمة اختيارها طبعاً لست الحبايب ..
- أين رجب ؟ منذ وصّلني لم أره لقد اشتقت للجلوس معه ، وأحضرت له معي هدايا هو وعروسه ، والآن .. هذا نصيب أبي .. النصيب الأكبر.
حيث أحضرت له ساعة غالية الثمن وعباءة و مسبحة و سجادة صلاة وبعض العقالات الفاخرة .
حيث أنه كان الشيخ علوان محافظاً على ارتداء زي الرأس العربي .. الحطة و العقال .
ووجه حامد حديثه لأخيه خميس يسأله : ما رأيك أن تذهب معي بعد المغرب لزيارة أختنا ليلى لكي أسلم عليها ..


خميس : على الرحب لكن بشرط نسهر الليلة مع سلامة و أبو سريع ، وباقي الأصدقاء .
حامد : موافق الليلة فقط .. لأنك تعرف أن ورائي بعض المهام : زواج .. ومكتب .. وعمل ..
خميس : على خير وبركة .


الجزء الثاني :
.................
بعد مرور خمسة أشهر جلست الأم تحاور ابنها في أمر زواجه فعرضت عليه زينب ابنة خاله سالم شيخ قبيلة
( الدواغنة ) ولم يمانع حامد في ذلك .
فقالت له والدته : جميل أنك وافقت فهي أفضل واحدة لك حسب ونسب و جمال .. وهي تحبني كثيراً كما أنها صغيرة في السن فهي لم تتعد السادسة عثر من عمرها.
حامد : على بركة الله اخطبيها يا أمي .
فاطمة : غداً إن شاء الله نذهب أنا و أنت إلى بيت خالك نحمل شيئاً من الحلوى و نرى رأي خالك ونحدد معه موعداً لأبيك .. وإذا وافق خالك على هذه الخطبة نعقد القران في اليوم التالي و يكون زواجك بعد شهر مع أخيك رجب و يكون الفرح فرحين ..
حامد : أوافق على كل ما ترونه مناسباً و تبقى موافقة خالي ..
ذهبت السيدة فاطمة بصحبة ابنها حامد يرافقهما سعد لمنزل أخيها وهناك استقبلهم أحد الأطفال فأدخلهم إلى المنزل و حين أمر لهما الشيخ سالم بالشاي انصرف لكي يسلم على أخته فاطمة ..
وحين عاد إلى المجلس .. اعتذر من الضيوف قائلاً : اعذروني .. أختي لا أراها إلا مرة كل عام .. فمرحباً بكم جميعاً ..
حامد : مرحباً بك يا خالي و كيف أخبارك ؟
الشيخ سالم : لقد كلمتني أمك يا حامد في موضوع خطبتك لابنتي زينب ..
حامد : هذا شرف لي يا خال أن أناسبك و أعلم أنني سأكون لها نعم الزوج .
الشيخ سالم : أنت يا حامد وإخوتك مثل أبنائي إذ لا فرق بينكم .

حامد : والله يا خال إنك مثل والدي ..
الشيخ : لذلك إعلم أنني لن أكلف عليك بالمهر و الشبكة و الأشياء التي تقدمها لعروسك ..
فهذا بيتك و كل شيء فيه هو لك لكن أن يحضر الشيخ علوان و تكون الخطبة رسمية معلنة .
حامد : طبعاً يا خال و لكني اتفق معك على أن أدفع مهر خمسمائة جنيه و شبكة عبارة عن حلق و خاتم وإسوارتين و سأجهز بيت الزوجية بكل شيء .
الشيخ سالم : بارك الله فيك و لك يا ولدي .
حامد : إذاً نعقد القران غداً في حضور الوالد ..
الشيخ سالم و هو يمد يده : إذاً لنقرأ الفاتحة على هذا .
وقرأ الجميع الفاتحة ودعوا للعروسين باليمن والبركة .
وبارك الشيخ سالم لابن أخته وحمّله سلامه لأبيه ودعاهم جميعاً إلى الغداء عنده في اليوم التالي وتقديم المهر والشبكة . وأضاف بأنه سيخبر أعمام العروس بذلك .
حامد : بإذن الله نكون عندك غداً .
ولم ينس الشيخ سالم أن يوصي حامداً خيراً بزينب , ودخل الشيخ سالم ليبشر أخته السيدة فاطمة ويعلمها بالموعد ..
ولما هموا بالإنصراف أصر عليهم الشيخ بتناول
الغداء .. الذي كان موجوداً فيه أبو عامر أخو الشيخ سالم .
غادر الجميع وصوت النساء يودعهم بالزغاريد .

حويطي والنعم
28-09-11, 12:59 AM
ما يميز القصة هو ترابط الأحداث والوصف الدقيق لها .. شكراً " غنامي " ونتمنى أن تكملها لنا ..

الدرة
02-10-11, 09:32 PM
احداث مرتبة وسرد طيب , لك كل الشكر اخي غنامي.

غنامي
14-10-11, 10:25 AM
الجزء الثالث :
..................
تهادت سيارتان تقل الجمع الذي يتألف من الشيخ علوان ورجب وحسن وسعد وخميس وفتحي وأم فتحي , متجهتا إلى منزل الشيخ سالم الذي استقبل الشيخ علوان وصحبه بكل ترحاب .
وقد كان جمعاً كبيراً حول الشيخ سالم إذا كان قد دعي الكثير من أهله إحتفاء بحضور الشيخ إلى منزله وبمناسبة عقد قران ابنته .
ورد الشيخ علوان التحية بأطيب منها وبعد أن استقر بهم المقام قال موجها حديثه للشيخ سالم : الله يرحم أبوكم في نفس هذا المجلس أعطاني أختكم نعم الرجال أنتم من رجل صالح لذلك فأنا أطلب يد ابنتك زينب لحامد زهرة أبنائي .
الشيخ سالم : ومن يرفض ابن الشيخ علوان على بركة الله .
عقد قران حامد على زينب حيث كان الشيخ سالم وكيل العروس , ووقع حامد , وكان أبو عامر والشيخ علوان شهوداً على العقد .. قدم الشيخ علوان بعد ذلك المهر والشبكة وقام الجميع بتهنئة العريس .
الشيخ علوان : بإذن الله سنقيم حفل الزواج في نهاية الشهر .
الشيخ سالم : ولم العجلة ؟
الشيخ علوان : حتى يكون زواجه و زواج أخيه رجب في نفس الليلة .
الشيخ سالم : ومتى الموعد ؟
الشيخ علوان : أول خميس في الشهر الجديد إن شاء الله .
الشيخ سالم : على بركة الله .
تناول الجميع طعام الغداء وغادروا ذلك مصحوبين بالحفاوة التي استقبلوا بها .

زهرة المدائن
22-10-11, 09:34 AM
استمتعنا كثيرا بسردك الجميل للقصص ..
وأنا أعتبر هذا الكتاب توثيقا لكثير من الأحداث ..
ننتظرك تكمل .. وننتظر نسخة منك عند طباعة الكتاب .
سلمت يداك يا أبا عبد الله .

غنامي
10-01-12, 04:41 PM
استمتعنا كثيرا بسردك الجميل للقصص ..
وأنا أعتبر هذا الكتاب توثيقا لكثير من الأحداث ..
ننتظرك تكمل .. وننتظر نسخة منك عند طباعة الكتاب .

سلمت يداك يا أبا عبد الله .

شكرا لمرورك 00
لقد تم طبع ونشر القصة والتسجل في دار الكتب المصرية
وهى موجدة فى مكتبات نضهة مصر والشروق ومدبولي بالقاهرة
وان شاء الله سوف ارسل لكم نسخه منه

قريب قريب
10-01-12, 08:48 PM
تسلم يمسنك على ماكتبت
لا اخفيك اني لم اقرا الى القليل وراح اكملها بعدين
تمنياتي لك بالتوفيق

واقتراح صغير لو انك تكتب فكره عامه في المقدمه

الــراقي
10-01-12, 11:25 PM
سرد جميل اخي غنامي

ولي عوده لأكمال البقيه والله يعطيك العافيه

غنامي
25-03-12, 09:09 PM
الجزء الرابع :
..................
جاء حامد و رجب وقد ارتديا بدل العرس .. وقد كانت المهام موزعة بشكل دقيق قام سالم وخميس بإحضار إحدى وعشرون سيارة ملاكي وسيارتا نقل .
في حين كانت مهمة أبو سريع وسلامة وحسن تجهيز شادر العرس .
أما الذبائح فقد أشرف على ذبحها أبو عبدالله وكذلك إعداد الوليمة ...
وقد دار نقاش حول توزيع السيارات على الأخوين حيث قال حامد لأخيه : خذ يا رجب ثماني سيارات مع سيارتي النقل .
رجب : ولكن ثماني سيارات لا تكفي .
حامد : إن أهل عروسك يا رجب عددهم قليل يطلع مع كل سيارة رجل من طرفنا والباقي أهل عروسك ، وممكن نستفيد من سيارات النقل حيث يركب فيها ناس أيضاً .
رجب : تعلم يا حامد أن أهل عروستي لا يملكون سيارة على العكس من أهل عروستك الذين ما شاء الله يمتلك أغلبهم سيارات .
حامد : هل من المعقول يارجب أن يذهب الشيخ علوان بعدد قليل من السيارات ، على أي حال لاتحمل هماً إن أجرة السيارات سيكون من عندي .
رجب : لا بأس ياأخي كم الساعة التي تحب أن نلتقي فيها في مدخل المعادي ؟
حامد : الساعة السابعة مساءاً بإذن الله .
سالم : سأذهب مع رجب .
سلامة : أنا وخميس وأبو عبدالله وأبي وناصر أيضاً سنذهب مع رجب .
حسن : إذاً أنا والباقي نذهب مع حامد .
حامد : إذاً يجلس محمود وياسر في البيت مع بعض الأصدقاء إلى حين وصولنا .
اتجهت السيارات في اتجاهين الأولى إلى شارع الهرم ، والأخرى طريق صلاح سالم .. وعند المغادرة أطلقت السيارات أبواقاً فرحاً وإبتهاجاً وتعبيراً عن المناسبة .. وعمت الفرحة الجميع .
وفي بيت الشيخ سالم كانت الأنوار مضاءة والعمل على قدم وساق وأقبلت السيارات التي تحمل العروسين ورحب بهم الشيخ سالم وقد كان ذلك في الساعة الرابعة عصراً ، وكانت الألعاب النارية تطلق في الفضاء حين ترجل المحتفى بزفافهم من السيارة ، وكانت زغاريد النساء تتناهى إلى الأسماع ، ورفع الشيخ علوان صوته بالدعاء أن يديم الله الفرح على الجميع وعندها سأل أحد الحاضرين جاسر ابن عم العروس زينب : أهذا هو الشيخ علوان ؟
رد جاسر : نعم هو ..
رد قائلاً : إنها المرة الأولى التي أرى فيها الشيخ رغم أني سمعت عنه كثيراً .. و ماذا يعمل العريس أهو موظف ؟
رد جاسر : إنه مقاول مباني وإنشاءات وهو رجل ثري .
واخترق الجميع طفل واتجه صوب حامداً هامساً في أذنه يريدونك ياعم حامد أن تأتي معي إلى الداخل لكي تجلس مع العروس .
اتجه حيث تجمع النساء والفتيات والعروس قد بدت في ثوب الزفاف كالقمر المنير وحين رأت حامد انتابها الخجل وأطلقلت النساء الزغاريد لمجيء العريس ..
أخبر الشيخ علوان الجميع أنهم سيذهبون في الساعة السادسة لملاقاة رجب عند مدخل المعادي حيث أنهم على موعد الساعة السابعة ولكن جاسر أخبر الشيخ علوان أن الطريق لن يستغرق معهم سوى عشرون دقيقة ، لأنه تم فتح طريق جديد خارج المدينة متجهاً إلى حلوان مباشرة .
حسن : لقد جئنا من هذا الطريق وكان خالياً .
وفي الساعة السادسة والربع جهزت السيارات ، وركبت العروس زينب مع زوجها حامد في السيارة ، ورافقهما حسن وسعد وغادر الموكب المؤف من ثلاث وثلاثون سيارة وهم يزفون العروسين بالأبواق والطبول ..
وفي منزل راضي أبو سمراء ..
دخل الموكب العزبة التي يسكنها أبو سمراء الذي كان في استقبال ضيوفه ومعه ابناه فرج ورضا ، وابن عمه جابر ، وابن خاله مرزوق ..
تقدم رجب وخاله أبو سلامة وابنه سلامة وأبو عبدالله وأبو سريع وعابد ابن عمه وجميع من كان يرافقهم ، وخاطب أبو سمراء رجب في لهجة عتاب رقيق : هل هذا معقول يا رجب تحضر فقط ثماني سيارات وعربيتي نقل ، والمدعوين مثلما ترى عددهم كبير ..
أبو عبدالله : ولماذا لم تحضروا سيارات من طرفكم طالما أنكم تعرفون عدد المدعوين ..
أبو سمراء : وهل المائة جنيه تكفي العفش والسيارات ولما رأى عابد الموقف وقد بدأ فيه شيئاً من الحدة تجلت في نبرة أبو عبدالله ،
تدخل لتهدئة الوضع قائلاً : إن العبرة في المهر يا أبو سمراء ليس هذا ولا ذاك فنحن أهل و الكل يبذل يد العون ..
أبو سمراء : على قد لحافك مد رجليك .
أبو سلامة : يا أبا سمراء إننا في ليلة سعيدة لانريد أن نعكر صفوها نحن لم نطلب شيئاً دعهم يحملون العفش ، ولتجهز النساء لكي ننطلق ..
رجب : أين العروس ؟
أبو سمراء : إنها في الحقل لكي تحضر حشيش للبقرة .
أبو عبدالله : وهل هذا كلام يعقل العروس في يوم عرسها تحش برسيم ..
أبو سمراء : لما نحمل العفش تكون العروس قد تهيأت وتصحبكم .
عابد : أين العفش ؟ دعنا نخلص .
أبو سمراء : منصوب في الحوش .
أبو عبدالله : الله أكبر ولماذا منصوب ؟
أبو سمراء يرد في زهو : العفش طلع على السيارة مثل ما هو لكي تعرف الناس أني جهزت بنتي أحلى جهاز وهذا شرط أو كل واحد يذهب لحال سبيله ..
أبو عبدالله : إذن الجهاز حيوصل البيت خردة ..
ويرد سلامة وأبو سريع : موافقين والآن أين العروس ؟ سوف ننطلق ..
تهيأت العروس وارتدت ثوب العرس وحذاءاً بسيطاً ، ولكن وجهها كان به آثار من جراح ولما سألها رجب عن سببها أجابت بأن هذا من عيدان الذرة التي كانت تحشها للبقرة .
غادر الموكب وركب بعض الناس مع العفش وخرج الجميع وهم في حالة من الغضب الشديد ..
اجتمع الموكبان في مدخل المعادي وبينهما فرق كبير في الإعداد والعدة والعدد ، وعند وصول الموكب إلى البيت ألقى رجب عباءته على زوجته وكذلك فعل حامد .
ودلفت العروستان إلى الداخل حيث جميع النساء في انتظارهما في حين اتجه رجب وحامد إلى شادر العرس.
أخذت النسوة يجرين مقارنة في أنفسهن بين زينب وسمراء ، فزينب في أبهى حلة وقد اتخذت زينتها بتسريحة شعر تخلب الألباب ، في حين كانت العروس سمراء على النقيض تماماً ، وكيف لا وهي قد كانت في الحقل قبل العرس بساعة فها هو وجهها قد ملأته الجراح وفي قدمها حذاءاً عادياً وشعرها ترك على حاله دون عناية فما كان من بعض النسوة حين رأينها كذلك إلا أن يشفقن ويرثين لحالها فاصطحبنها إلى الداخل لعمل زينة لها ..
ثم أجلست بجوار زينب وبدأت الفتيات يصدحن بالأغاني التي تقال في هذه المناسبات والكل يهنئ ويبارك ، وكعادة المجالس النسائية لا تخلو من النميمة والقيل والقال إلا ما ندر فهاهن يتغامزن على سمراء ، ويتهامسن فيما بينهن فهذه تميل على تلك ، وتهمس في أذنيها .. يا حسرة على رجب حظه هباب مش كفاية الحالة النفسية اللي هو فيها .. فتجيبها الأخرى وكأنها كانت تنتظر هذه الملاحظة من رفيقتها : انظري إلى الفرق بينها وبين زينب .
كان الرجال في الخارج يحتفلون على طريقتهم يذبحون الذبائح ، ويعدون الولائم و يرقصون الدحية . و في تلك الأثناء لمح عبدالله بنات خالة سعد و هن ذاهبات في شأنهن و قال لسعد : هؤلاء بنات خالتك يا سعد هيا لنذهب إليهن لنرى ما شأنهن .
فبادرهن سعد بالسؤال : أين تذهبن ؟
أجابت إحداهن : لمنزل أبو عبدالله فأمي هناك ..
عبدالله : سأذهب معكم لأرتدي ملابسي الجديدة .
وفي المنزل ارتدى عبدالله ملابسه التي بدت جميلة عليه فرأته عبير ، وامتدحته في ملابسه وأناقته وعاتبته على أنه لم يرتديها قبل هذا الوقت .
عبدالله : حتى لا تتسخ من العمل في الشادر .
عبير : ما رأيك هل نستطيع أن نرجع سوياً للفرح ..
عبدالله : طبعاً ..
ومضى معها وهو فخور بإطرائها ومدحها لملابسه ..

وفي صبحية اليوم التالي ليوم العرس والذي يطلق عليه العامة ( يوم الصباحية )
جاءت أم عبدالله تحمل معها فطور العرسان يرافقها ابنها عبدالله فاتجهت إلى منزل أخيها الأكبر أولاً فرحبت بها أمها السيدة عائشة أجمل ترحيب ودعت لابنتها وحفيدها عبدالله بأن تكون العقبى له مثل خاليه ....

هنأت ليلى العرسان وانصرفت لزيارة أخيها حامد وتهنئته وتقديم طعام الإفطار لهم .
في حين بقي عبدالله في منزل جدته السيدة عائشة ..
رحب سعد بأخته أم عبدالله وسألها عن عبدالله فأجابته : إنه يمكث عند جدته ..
سلمت أم عبدالله على أهل العروس الذين كانوا هناك ورحبت بها أم فتحي وقالت لها وهي تشير إلى أفراد من أهلها : انظري يا أم عبدالله أهلي لم يكونوا يزوروني سوى في العيد وهم الآن جميعهم عندي .
أم عبدالله : وهل هناك أجمل من هذا العيد يوم زواج أخي حامد ، لكن أين العروس وأين حامد مالي لا أراهم؟
أم فتحي : سأبلغهم بحضورك .
أقبلت العروس وسلمت على أم عبدالله وأخبرتها بانتظار حامد لها في الداخل ..
ودخلت إلى أخيها وهنأته ودعت له بالذرية الصالحة وشكر حامد أخته على حضورها واهتمامها وإحضار طعام الإفطار وتابع قائلاً : زين إنك حضرت لكي أنزل الشارع .
أم عبدالله : أنت قلقان يا حامد ماذا بك ؟
حامد : لا شيء يا أم عبدالله أريد أروح عن نفسي بره خارج البيت .
أم عبدالله : زين يا أخي .

مرت الأيام ورجب وحامد سعيدان بزواجهما .
وبعد أسبوع عاد كل منهما إلى عمله .. وفي هذه الأثناء توطدت العلاقة بين حامد والسائق أحمد فقد رست على مكتب حامد العديد من المناقصات فكان يلجأ للسائق أحمد في مشاويره الخاصة وكذلك لسيارة النقل التي بحوزة أخيه وبعض السيارات الأخرى .
وذات مساء دخل حامد المكتب وسلم على فرج الفراش ، وسأله : حد سأل عني يا عم فرج ؟
فرج : جاء المعلم خضر قبل حوالي ربع ساعة وذكر أنه سيعود بعد ساعة .
حامد : هل أخبرك بوجود حاجة ضرورية ؟
فرج : لا لم يقل شيئاً .
وبعد قليل حضر السائق أحمد وبارك للمعلم حامد .
فرد حامد عليه السلام ثم قال لفرج : أحضر لنا الشاي والكشري ، وعندما أحضر لهم فرج الشاي ، علق أحمد السائق مداعباً فرج : كيف حالك يا راجل يا عجوز ؟
أحمد السائق : أنت يا معلم حامد أصبحت من كبار المقاولين والمظهر في هذه الحالة لأمر مكمل فلا بد لك من مجموعة من الملابس تظهر بمظهر يتناسب مع وضعك المالي لأنك محتاج إلى عدد من البدل والبنطلونات نقوم بخياطتهم لدى أحسن ترزي في المنطقة .
حامد : ومين أحسن ترزي في نظرك ؟.
أحمد : الأسطى مرزوق الإسكندراني لايوجد مثله في المنطقة .
حامد : نذهب بعد العصر سوق الأقمشة ثم نذهب إلى الترزي .
أحمد : إذن بعد المرور على موقع دجلة نروح السوق .
عاد حامد إلى منزله مع السائق الذي علق عليه قائلاً : قوام اشتقت لعروسك ؟!
وفي اليوم التالي ذهب أحمد السائق بحامد إلى السوق لشراء القماش واتجها إلى الترزي الذي كانت تجلس فيه فيفي .
أحمد السائق : السلام عليكم ياست فيفي .
فيفي : وعليكم السلام .. أهلاً وسهلاً ..
أحمد وهو يخاطب حامد قائلاً : هذه الست فيفي زوجة الأسطى مرزرق .
حامد : مرحباً يا ست فيفي أين الأسطى مرزوق ؟
فيفي : إنه يخلد للراحة قليلاً سأناديه لك ..
وبعد مغادرتها المكان لم يفت حامد أن يتغنى بجمال جسمها ونشاطها إلا أن أحمد السائق يعاجله قائلاً : اعمل معروف بلاش مغامرات دول متجوزين لهم ستة عشر سنة لكن ربنا مارزقهمش خلفة .
إلا أن حامد تابع بخبث قائلاً : يظهر إني هاجي أفصل كثير عند مرزوق ..
وفي تلك الأثناء دخل الأسطى مرزوق مرحباً : مرحبا يا أحمد مرحبا يا أخ حامد .
ثم تحدث أحمد السائق موجهاً حديثه للترزي وعرفه بحامد قائلاً : هذا المعلم حامد لكنه معلم بيك وليس معلم جلباب وهو ابن الشيخ علوان جاء لكي يفصل بدل وبناطيل عندك .
مرزوق : يحصل لنا الشرف بالمعرفة .
جاءت الست فيفي بأكواب الشاي ووضعتها على الطاولة وهي تقول : أهلاً وسهلاً بكم ، مختلسة النظر إلى حامد الذي كان يبادلها النظرات والإبتسامات ، إلا أن فطنة السائق لاحظت مايدور بينهما فأسرع بالحديث قائلاً : يا معلم مرزوق المعلم حامد عايز يفصل أربع بدل وستة بناطيل .
الأسطى مرزوق : البدلة بخمسة وعشرين جنيه والبنطلون بأربع جنيهات .
أحمد السائق : المعلم حامد أول مرة يفصل عندك لازم تكرمه .
حامد : الفلوس ليست مهمة لكن الأهم الصنعة .
الأسطى مرزوق : خليني آخذ المقاس ، خلاص المقاسات كدة تمام البروفة بعد أسبوع للبدل وتكون البناطيل خالصة .
ثم أعطى حامد المعلم مرزوق ثلاثين جنيهاً كدفعة أولى ( عربون ) قائلاً : هذه عربون ولا أوصيك على التفصيل .

كانت فيفي تراقب حامد وهو يخرج حافظة النقود ، وقد أثارها كثرة ما معه من النقود التي أخذت تتطلع إليها بذهول .

لم يغب عن عيني حامد هذا الذهول وهذا الإنبهار للسيدة فيفي بالمال فأدرك أي نوع من النساء هي وأين تكمن نقطة ضعفها وكيف هو الطريق إليها .. إنه المال بل حب المال ..

غادر حامد والسائق أحمد محل الخياطة وحين ابتعد سأل حامد السائق أحمد قائلاً : ما رأيك في فيفي ؟
أحمد : بخصوص ماذا في مساعدتها لمرزوق في المحل أم ماذا ؟
حامد : لا بخصوص جمالها وإندهاشها بالمال .
أحمد : الله يخليك أبعدني عن الحاجات دي أنا مش ناقص نكد .
حامد : برحتك خليني أنا فيها .. قالها وهو يترجل من السيارة عائداً إلى بيته .



مضى أسبوع على الحادثة أو لنقل على ذهاب حامد إلى الترزي مرزوق ، كان في هذه الأثناء قد تغير حاله وتبدلت أموره وأصبح يعود إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل حين يخلد جميع أفراد العائلة للنوم ، وقد انعكس هذا الوضع على علاقته بزوجته إذا أصبح دائم الشجار معها وفي اليوم المحدد لأخذ البروفة هذا اليوم الذي كان ينتظره حامد بفارغ الصبر اتجه بعد العصر مباشرة ليجد الست فيفي وقد أخذت مكانها في المحل حتى يأخذ الأسطى مرزوق حظه من الراحة بعد تناول وجبة الغداء .

حامد : السلام عليكم ياست فيفي يا ترى المعلم مرزوق خلص الشغل ؟
فيفي : وعليكم السلام .. البناطيل جاهزة والبدلة عمل لها سراجة لكن لازم يشوفها عليك .
وقامت من مقعدها مستأذنة لكي توقظ مرزوق فما كان من حامد إلا أن قال لها : لا خليه براحته أنا عايز أتكلم معاكي شوية .
فيفي بقلق : خير ..
رد حامد : منذ اليوم الذي رأيتك فيه يا ست فيفي وأنا لا يقر لي قرار ولا أعرف الهدوء .. لم أعد أرى عائلتي وزوجتي بدأت أكرهها .. ماذا فعلت بي لابد من حل لهذا الحال ..
فيفي : لست وحدك فأنا منذ رأيتك وأحسست أن شيئاً يشدني إليك .
حامد : يعني الحب متبادل بيننا .. يعني أقدر أطلب منك وأتجرأ على دعوتك للخروج معي .. لي صاحب شيخ يمتلك في دجلة شقة ممكن نتقابل فيها ..
ردت الست فيفي بحدة : أنا مش بتاعت كدة يا سي حامد قد أكون لا أطيق مرزوق ولكن هذا لا يعني أن أفرط في شرفي ..
حامد : أنت فهمتيني غلط خلاص نتقابل بعد المغرب على الكورنيش عندك مانع كمان .
فيفي : خذ البناطيل قبل مايقوم مرزوق وبكرة نتقابل ..

وبالفعل حضر حامد إلى المكان وفي الوقت المحدد ، ووجد أن فيفي قد سبقته إلى المكان فعلق حامد بفرح حين رآها قائلاً : أنا مش قلت لك أنا وأنتي خلقنا لبعض يا سلام على الحب ..
فيفي : بس نعمل إيه في مرزوق و كمان زوجتك العروس الجديدة أنا مابحبش شريك .
حامد : أدفع قرشين لمرزوق ويطلق .. لكن من ناحيتي أنا لايمكن أن أطلق زوجتي فهي ابنة خالي وأمي تسكن معنا في البيت ولا أقوى على زعلها .
فيفي : لم يعجبني هذا التبرير إللي أوله شرط آخره نور.
حامد : أنا موافق لكن أمهليني حتى أستطيع أجد حجة أقنع بها والدتي ..
فيفي : أنت دلوقتي حبي " الأول والأخير " .. وجذبت حامد إليها وقبلته ..
حامد : ما رأيك أن نذهب إلى شقة الشيخ مرجان صاحبي .
فيفي : يبدو أنك مصمم جداً .
حامد : هو في حد يشوف الجمال ده ولا يصمم وكمان تتعرفي على الشيخ مرجان .
فيفي : إذاً موعدنا بعد أربعة أيام .
حامد : لماذا بعد أربعة أيام بالتحديد ؟
فيفي : لأن المحروس جوزي هيروح الإسكندرية يزور عمه ..
حامد : خلال الأربعة أيام دول هكون على أحر من الجمر.
فيفي : استحمل يا حبيبي ..





اتجه حامد وفيفي في اليوم الذي اتفقا عليه إلى شقة الشيخ مرجان الساحر الذي كان لديه علم بمجيئهما ..

وعندما دق جرس الباب استقبلها الشيخ مرجان وهو يتمتم ممسكاً مبخرة بيده ورائحة البخور تملأ المكان في الشقة والدخان يكاد لا يرى منه .. فأدخلهما وهو يرحب بهما إلى الصالون إلا أن فيفي أصابها الرعب من تمتمة الشيخ و الدخان ورائحة البخور إذ أن الجو غريب وغادرهما الشيخ لإحضار مشروب لهما ..

فيفي : كم أنا خائفة يا حامد ثم عقبت ما هذا الأثاث الفاخر لابد أنه باهظ الثمن .
حامد : الشيخ مرجان يصاحب أناساً من أكابر البلد ..
وبعد أن تناولا واجب الضيافة عرضا على الشيخ حامد أمرهما وحين انتهى حامد من حديثه ، صرخ الشيخ مرجان قائلاً : لابد يا حامد أن تطلق زوجتك ولابد أن يطلقك زوجك يا ست فيفي ، وحين يصل كل منكم على الطلاق فإن شقتي تحت تصرفكم في أي وقت تشاءان ، ويوجد لدي غرفة بالداخل مجهزة بالفرش وجميع الكماليات وقد فرشتها أحسن فرش يمكنكما أن تريا الغرفة وتجلسان فيها لتعتادا على بعضكما .. ويوجد بيرة في الثلاجة وقارورة مستوردة جابها لي واحد خواجا من فرنسا .
فيفي : حامد أنا تحت أمرك من دلوقت .
حامد : لا أنا مش بحب يكون معنا في الشقة أحد .
الشيخ مرجان : غالي والطلب رخيص أنا غداً مسافر إلى فرنسا ويمكنك الإحتفاظ بمفتاح الشقة .
سعد حامد بذلك وشكر الشيخ .
وردت فيفي : نردها لك في الأفراح يا عم الشيخ الطيب نصير المحبين .

ودع حامد وفيفي الشيخ مرجان وإتفقا على اللقاء غداً بعد المغرب وخرجا .
دق جرس الهاتف في منزل الشيخ بعد خروجهما .
الشيخ : الو مين الأسطى أحمد ؟
أحمد : نعم أحمد .. ما أخبار المعلم حامد يا عم الشيخ ؟
الشيخ مرجان : أنا ريحتو على الآخر .. تفتكر يمول شغلنا ؟
أحمد : طبعاً لكن خلي الطبيخ يستوي والبنت دي بتحب الفلوس وممكن تهوسه وتخليه خل .
الشيخ مرجان : على العموم أنا مسافر بكرة الصبح تعال وصلني المطار ونكمل حديثنا في الطريق على فكرة سأغيب شهراً وهي مهلة لحامد .
أحمد :بإذن الله أكون عندك في الموعد وبشأن حامد خلال شهر يكون مستوي .

وفي منزل الشيخ علوان .. اختلق حامد مشكلة مع أخيه فتحي لتكون ذريعة له ليترك المنزل حيث أعد غرفة له في المكتب ليستقر فيها .. فما كان من زوجته إلا أن هربت إلى منزل أبيها ولم تمض ثلاثة شهور على زواجها من حامد .. كثرت اجتماعات حامد وفيفي وطلق زوجته وأرسل إليها ورقة الطلاق عن طريق الشرطة وفي هذه الأثناء عاد مرزوق من الإسكندرية ، واتجه حامد إلى محل مرزوق لكي يأخذ منه البدل .

حامد : السلام عليكم يا معلم مرزوق .
مرزوق : وعليكم السلام يامعلم حامد أين كنت طول هذه المدة .. غبت وقلت عِدّوا لي ..
رد حامد : لا بس مشاغل أعطيني البدل .
مرزوق : تفضل وكمان مكوية .
حامد : تفضل بقية حسابك .
مرزوق : شكراً دعنا نراك ثانية .
حامد : طبعاً لكن بالحق لم أرى الست فيفي هل هي مشغولة ؟
مرزوق : لا يا أخ حامد الست فيفي ذهبت لوالدها وقد طلبت الطلاق ولا أدري لماذا فقد تغير حالها ..
حامد : هل بينكم مشاكل لا سمح لله ؟
مرزوق : لا لكنه عناد ونشاف رأس .
حامد : المرأة إذا طلبت الطلاق فهذا يعني أنها بايعة الراجل ، ونصيحتي لك طلقها خيراً لك من المشاكل .
مرزوق : العشرة يا معلم وكذلك الشقة والدكان أيضاً بإسمها رغم إني أنشأته وأقمته بجهدي وتعبي .
حامد: إذا كان الأمر يتعلق بالمال فالأمر بسيط جداً فاطلب منها ألفي جنيه فإن قبلت فهذا يعني أنها بايعة وستدفع لك فوراً وكما باعتك بعها .
مرزوق : والله معك حق .

وفي هذه الأثناء دخل المحل شاب صغير السن قائلاً : أريدك يا عم مرزوق على إنفراد .
مرزوق : عن إذنك يا معلم حامد أشوف عماد عايز إيه .
حامد : تفضل يا معلم .
خرج مرزوق وهو يسأل الشاب بتعجب : ماذا هناك يا عماد ؟
عماد : هل ترى الرجل الذي يجلس عندك في المحل .. هو ذلك الرجل الذي رأيته مع خالتي فيفي على الكورنيش منذ إسبوعين .
مرزوق وقد أحس بالدوار : هل أنت متأكد يا عماد ؟
عماد : طبعاً يا مرزوق وقد سلمت عليها يدي بيدها وكان بجوارها .
مرزوق وهو يصرف الشاب بيده قائلاً : إذهب أنت الآن ..
ثم عاد إلى المحل وهو يجر قدميه جراً من هول الصدمة وتحامل على نفسه وخاطب حامد بلهجة حاول أن لا يبدو فيها التأثر قائلاً : لقد علمت أن فيفي تطلب الطلاق حتى تتجوز من رجل آخر .
حامد : من هو هذا الرجل ؟ ( قالها وقد أصابه القلق إلا أنه حاول أن لا يبدو عليه ذلك ) .
مرزوق : أنت يا حامد من غير زوجتي عليّ بعد عِشرة دامت ست عشرة سنة .. ( حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل )
حامد ولقد امتقع لونه : وماذا في ذلك زوجتك لا تريدك العشرة ليس بالإرغام .
مرزوق : فعلاً من تعرفت عليه في الشارع فهو في الشارع والخائنة تبحث دائماً عن خائن مثلها ولكني لن أطلقها حتى تدفع لي ثمن الدكان ، ومنك ومنها لله ..
حامد : غداً بعد العصر يأتيك أحمد بالمبلغ وتذهب معنا لكي تطلق فيفي .
مرزوق : موافق على ماتقول وأود أن أخبرك أيضاً أنني أخذت شقة في الشارع العام بجوار العيادة الجديدة وسأنتقل إليها اليوم ولا أريد أن أرى وجه هذه الخائنة أبداً وسآخذ المكائن معي وسأنتظر أحمد في الموعد غداً بجوار الجامع .

سعد حامد بما توصل إليه مع مرزوق وقال بسعادة ظاهرة : وأنا في انتظارك ثم أخذ كيس أغراضه ومضى لحال سبيله .
وفي اليوم التالي صحب حامد أحمد وأبو سريع ، وذهبوا لملاقاة مرزوق أمام المسجد ، حيث وجدوا مرزوق بانتظارهم ، فاصطحبوا مرزوق إلى المأذون لإتمام الطلاق ..
وطرق أحمد باب المأذون الذي فتح له وهو يسأل خيراً يا بني .
أحمد : خير نريدك في طلاق عاجل يا عمنا الشيخ .
حامد : أحضر الدفتر وتفضل معنا إلى الخارج .
وبعد دقائق حضر المأذون وركب معهم السيارة وهو يقول ما هذا لم يمر علي موقف مثل هذا من قبل أكتب العقد في السيارة .
مرزوق : أين الفلوس يا حامد ؟ .
حامد : ها هي عدها ..
مرزوق : المبلغ غير كامل ينقصه خمسون جنيهاً .
أبو سريع : إنها أجرة المأذون أم تريدنا أ ن ندفع لك الأجرة أيضاً .

أخذ المأذون الأوراق الثبوتية اللازمة وكتب عقد الطلاق .. وعندها سأل حامد : متى نستلم الورقة يا عم الشيخ ؟

المأذون : غداً بعد صلاة العصر بإذن الله .
حامد : سيأتيك الأسطى أحمد لأخذ العقد .
الشيخ : حاضر والآن أوصلوني للبيت .

وبعد أن تم إيصال المأذون لمنزله وبينما هم في طريق العودة طلب منهم مرزوق أن ينزل في مكان ما ، وبعد أن غادر مرزوق عاتب أبو سريع حامد قائلاً له : لماذا تعطيه هذا المبلغ الكبير فالمشكلة بينه وبين زوجته يحلونها بأنفسهم أم أنني مخطئ يا أحمد .
أحمد : أصل إنت مش عارف الموضوع حامد عاوز يتجوز فيفي طليقة مرزوق .
أبو سريع : ولو لماذا يدفع الفلوس ، شوف بكرة بعد المغرب روح وقول له أنا مش هتجوز فيفي وعايز الفلوس وإن عصلج نقوم إحنا بالواجب ونجيب الواد الصاروخ معنا لما نيجي ويعرف شغله مع مرزوق ..
أحمد : والله فكرة وإنت أولى بالفلوس يا حامد .
حامد : موافق لكن من غير شوشرة وخليها بعد ما نأخذ ورقة الطلاق .

ذهب أحمد للمأذون واستلم ورقة الطلاق وذهب بها إلى حامد الذي كان ينتظره في المكتب وبرفقته أبو سريع والصاروخ فبادره حامد قائلاً : جبت الورقة ؟
أحمد يرد مؤكداً وهو يلوح بالورقة في وجه حامد : طبعاً ..
نظر حامد إلى الجميع قائلاً : هل أنتم جاهزون للذهاب إلى ذلك الرجل ..
رد الجميع بصوت واحد : جاهزون هيا بنا .

استلقوا السيارة جميعهم واتجهوا حيث المنزل الجديد الذي يقطنه مرزوق ، وأخذ أبو سريع يطرق الباب بشدة فخرج مرزوق إليهم والشرر يتطاير من عينيه : ماذا تريدون ثانية ؟
رد أبو سريع بشيء من العجرفة : تعال كلم المعلم ..
وحين خرج مرزوق إلى حيث يقف حامد عاجله حامد قائلاً : لم أعد أرغب في الزواج من فيفي وأنا الآن أريد نقودي كلها و يمكنك أن تتصالح مع زوجتك .
مرزوق : ولكن ذلك يتطلب عقد نكاح جديد .
حامد : هذا ليس بالأمر الصعب فقط أخبرها أنني لا أريدها وستجدها عادت إليك فوراً ، والآن إليّ بنقودي وجنب نفسك مشاكل لست كفؤاً لها .
فرد مرزوق بشيء من السذاجة ولربما البلاهة : وإذا رفضت العودة إليّ تكون النقود من نصيبي .
أجابه حامد وهو يعجب لهذا البلاهة : طبعاً طبعاً ستكون حتماً لك .
مرزوق وقد خاف أن يقع في فخ الخديعة : لن أرجع إليك النقود حتى أضمن رجوع فيفي إليّ .
فسأله حامد : هل الفلوس معك الآن .
رد مرزوق بصراحة متناهية : نعم هي في جيبي الآن ، وفي هذه اللحظة نادى حامد على الصاروخ ليدفع مرزوق داخل السيارة ، وانطلق الجميع إلى مكان خارج العمران فتساءل مرزوق بشيء من الذعر : إلى أين تأخذوني ؟
فأسكته الصاروخ بضربة قائلاً بحدة : إخرس ليس لك أن تسأل .
فرد مرزوق وقد خاف على نفسه : أهكذا تفعل بي يا حامد خذ هذه الفلوس ولا تعرضني للأذى وخذ فيفي فأنا نسيت واحدة إسمها فيفي ...
أخذ حامد النقود وهو يدفع مرزوق من السيارة قائلاً له : انزل .. انزل .. ولا تلتفت وراءك .

هرول مرزوق مبتعداً وهو لا يصدق أنه قد نجا من موت محقق والتفت أبو سريع بعد أن تابع بنظراته هرولة مرزوق وهو يقول : ألم أقل لك يا حامد أن نقودك سوف تعود إليك .
رد حامد مبتهجاً : مية في المية يا أبو سريع ، خذ هذه البريزة يا صاروخ حلال عليك والسهرة عندي للصبح وبكرة لا تذهب للشغل اليومية محسوبة .
شكر الصاروخ حامد على هذه البادرة قائلاً : من يد ما نعدمها يا معلم شكراً .
وفي المكتب أقيمت سهرة حتى الصباح تخللها العشاء وشرب الخمر حيث أرسل حامد السائق أحمد لإحضار الكباب والمشروب .. وشربواحتى الثمالة أعقبها الصاروخ وحامد بالنوم في حين غادر أبو سريع وأحمد المكتب ..
قص مرزوق ما حدث له لجاره الأستاذ أبو ياسر الذي أبدى تعاطفاً معه ولكنه ذكره قائلاً : يا أخ مرزوق إن حامد من عائلة كبيرة لها سمعتها الطيبة ولا أظن أن أهله سيقبلون بما أقدم عليه ، أبو سريع له ناس من كبار المنطقة فما رأيك لو نذهب ونشتكي لهم ولدهم ونعمل جلسة ونستدعي الشيخ علوان وكل واحد يأخذ حقه أما أحمد السائق فهو رجل غريب عن المنطقة ، دعنا فقط نتعامل مع حامد وأبو سريع ...
لم يمانع مرزوق في تنفيذ ما عرضه عليه أبو ياسر الذي اصطحبه بعد العصر إلى أبي جابر عم أبو سريع في مجلسه وقص عليه مرزوق القصة كاملة ، فرد أبي جابر قائلاً : سيكون لي حساب عسير مع ابن أخي ولكن هيا بنا نذهب للشيخ مرسي الفيومي فهو شيخنا منذ زمن وهو ينتظر زلة من الشيخ علوان .

وحين علم الشيخ مرسي الفيومي بما حدث فرح فرحاً كبيراً الآن الفرصة جاءته للشماتة من الشيخ علوان فما كان منه إلا إن أمر مصطفى بالذهاب إلى الشيخ علوان وأبو سلامة وأبو محمد ويبلغهم بانعقاد جلسة طلبة في مجلس الشيخ مرسي بعد المغرب وتخص هذه الجلسة ابنهم حامد .

عقدت الجلسة في موعدها الذي حدده الشيخ مرسي ولم يتخلف عنها أحد وبدأ الشيخ مرسي حديثه موجهاً حديثه للشيخ علوان قائلاً : هل تذكر حين أبديت لك رغبتي في مصاهرتك بزواج ابنك حامد من ابنتي قلت لي حينها بالحرف الواحد إحنا عرب ، وأنتم فلاحين وسخرت من رغبتي في تزويج زهرة أبنائك كما تسميه من ابنتي .. ها هو زهرة أبنائك اليوم يرغب في الزواج من فلاحة لا أصل لها حتى أنه طلقها من زواجها وسرق ماله ..
رد الشيخ وقد ضاق بهذا الحديث قائلاً : لا أريد معاتبة وتحدث سريعاً وإلا أذهب لشأني .
الشيخ مرسي : القصة يحكيها لك مرزوق كما حدثت .
مرزوق : يا عم الشيخ علوان لقد تعرفت على ابنك حامد حين جاء للخياطة في المحل ثم غرر بزوجتي فيفي التي طلبت الطلاق بإيعاز منه وذلك بعد عشرة ست عشرة سنة زواج وقد كان لي ذمتها ألفين جنيه تكفل حامد بإعادتها لي شريطة أن أوافق على الطلاق ، وبالفعل دفع إليّ المبلغ وطلقت زوجتي مقابل ذلك وانتهى الأمر إلا أنني فوجئت به في اليوم الثاني يطرق باب منزلي هو ومجموعة من الرجال أجبروني على اصطحابهم وتهديدي ، حتى دفعت لهم النقود التي أخذتها منه مقابل الطلاق أما الذين كانوا بصحبته فهم أبو سريع وأحمد السائق ورجل آخر أوسعني ضرباً لا أعرفه .
أجاب الشيخ الفيومي بعد سماع الحديث موجهاً حديثه للشيخ علوان : لابد أن يعيد ابنك المبلغ للرجل قبل العشاء .
رد أبو سلامة : أنا أتكفل بالعشاء .
الشيخ علوان : احضر لي يا مصطفى حامد وأبو سريع حالاً .
لم يجد مصطفى سوى أبو سريع الذي عاجله الشيخ علوان قائلاً : ماهي القصة يا أبو سريع .
أبو سريع : يا عم الشيخ هذا الراجل طلق زوجته ويريد من حامد أن يدفع له النقود التي له على زوجته .
الشيخ علوان : هذا يعني أن حامد لم يغرر بها ولا يرغب في الزواج بها ؟
أبو سريع : لا يا عم الشيخ .
رد مرزوق بقهر وغيظ : إنه كاذب كاذب يا ناس .


الشيخ مرسي : اصمت يا مرزوق سأتكلم نيابة عنك ووجه حديثه للشيخ علوان قائلاً : إذا كان أبو سريع صادقاً فإن ابنك بريء أما إذا ثبت عكس ذلك فأنت تضمن لنا سداد المبلغ .
الشيخ علوان : اشهدوا يا عرب إذا كان كلام مرزوق صحيح فأنا بريء من ابني حامد إلى يوم القيامة ولا أعرفه ونقود مرزوق عندي .. وباكر الرد بعد سؤال ولدي حامد ..
بحث إخوة حامد عن أخيهم وأبلغوه بطلب والده له وحين حضر مجلس والده وجد عنده أبو سلامة وأبو سريع وإخوته ، ومرزوق ، والأستاذ ياسر ، وبعد أن سلم حامد على الجميع سأله الشيخ علوان : هل أفسدت زوجة مرزوق وأخذت نقوده منه بالقوة جاوب ..
رد حامد بكل إستهزاء :هي لا تريده .. ولا تطيق رؤيته.
الشيخ علوان : إذاً أنت على دراية بكل ما يحصل بينها وبين زوجها وأنت السبب في ذلك .
رد حامد بدون مبالاة : نعم أحبها وأريد أن أتزوجها .
الشيخ علوان وقد ضاق صدره بكلام ولده : إخرس حبك برص يا ولد .
حامد :هذا ما لدي من القول ولن أتنازل عن حبي .
أبو سلامة : ونقود الرجل .. بل وفضيحتنا بين الناس .
حامد : هذه نقودي ولا تهمني الفضائح ولا كلام الناس .
أبو سلامة : ولكنك أعطيته النقود مقابل طلاق زوجته .
حامد : ثم استرجعت نقودي ثانية .
الشيخ علوان : رد الفلوس للرجل وموضوع الحرمة لنا فيه كلام ثاني .
حامد : الحرمة راح أتزوجها والفلوس لن أرجعها ويضرب رأسه في الحيط .
الشيخ علوان : إخرس ترفع صوتك في المجلس وأنا فيه خسارة .. كنت عادك أحسن أبنائي .
حامد : ليس هناك أي خسارة يمكنك أن تبحث لك عن ابن غيري وسوف أتزوج فيفي رضيتم أم لا .
أبو سلامة : أهكذا تتحدث مع والدك ؟ .
الشيخ علوان : اطلع برة لا إنت ابني ولا أعرفك من اليوم .. إنت بذرة فاسدة .. لا تدخل البيت ما دمت حي أرزق .

خرج حامد غاضباً ولم ينطق بكلمة واحدة ..
الشيخ علوان : إسمع يا مرزوق فلوسك عندي تعال خذها بعد إسبوع .
مرزوق لا والله لن آخذ الفلوس ولا أريد فيفي ، وأنت من اليوم أباً لي وأبناءك إخواتي .. أنا غريب في المنطقة وأنتم صرتم أهل لي .
أبو سلامة : بارك الله فيك .
الشيخ علوان : أنت من الآن مثل أبنائي شوف يا أبو سلامة معدن الناس .
وعندها همس رجب في أذن أخيه خميس قائلاً : لقد لعبت هذه المرأة بعقل أخينا حامد ..
أبو سلامة : ما الذي تنوي عمله فأنت الآن أصبحت واحداً منا وتهمنا مصلحتك .
مرزوق : الحمدلله لقد استأجرت منزلاً ومحلاً في نفس المنطقة وسوف أذهب إلى عمي في الإسكندرية لكي أخطب ابنته الأرملة فأعولها وأربي ابنتيها .. فقد تزوجت منذ ستة عشر عاماً ولم يرزقني الله ذرية .
الشيخ علوان : اللهم يجعلها لا تصر ولا تجر منك يا حامد ويرزقك يا مرزوق الخلفة الصالحة ويعطيك على قد نيتك الطيبة .
ولكن مرزوق تساءل بدهشة : ما معنى تصر وتجر؟ .
أجاب رجب وهو مبتسم : يعني لا تخلف ولا تربي من حامد .
واستأذن مرزوق وخرج ، وبعد خروج مرزوق وتشييع رجب له إلى الباب تحدث الشيخ علوان بغضب قائلاً : من هذا اليوم حامد ليس بابني وإني أشهدكم على ذلك ولن يدخل البيت لا هو ولا زوجته بوز القرد فيفي .
استأذن أبو سلامة وسلامة في الذهاب .
وخلا الشيخ علوان إلى زوجته فاطمة أم فتحي وطلب منها تجهيز الحمام وأخبرها بما فعله ولدها حيث سود وجوههم بين العرب وعشق فلاحة سيئة السمعة وسوف يتزوجها وستبيعه كما باعت زوجها من قبل .
ردت فاطمة حين سمعت حديث زوجها قائلة : أنا بريئة منه ومنها ولن يدخل منزلي ما دمت حية أرزق .
ثم سأل الشيخ علوان عن زوجة حامد السابقة وأخبارها ولماذا أختها هنا اليوم ردت فاطمة بأسى وحزن قائلة : حضرت لتخبرني أن زينب حامل في الشهر الأخير ..
الشيخ علوان : والله خسارة فيه هذه البنت الطيبة والطفل الذي سيرزقه الله به ولكن حكمة الله لا اعتراض عليها ، واتجه بعدها إلى الحمام .
خرجت عفاف إلى أمها بعد أن سمعت ما قاله أبوها عن أخيها حامد فقالت معاتبة أمها بلطف : هذا هو حامد الذي يقف حائلا ًفي وجه زواجي من ابن أبو سلامة سامحه الله .


الفصل الرابع
.....................
الجزء الأول :
.................
تزوج حامد من فيفي بعد انقضاء عدتها بيوم واحد و أقام معها في الشقة التي كانت تقيم فيها مع زوجها السابق مرزوق التي تقع في عمارة أخيها و لم تستبدل أو تغير شيئاً من فرشها رغم أن حامد أمهرها خمسة آلاف جنيه .
فيفي : أخاف أن يأخذك الحنين لزوجتك خاصة و أنها أنجبت لك .
حامد : سيكون عندنا بإذن الله عدد كبير من الأولاد و سوف أحضر لك بنتي التي أنجبتها زوجتي السابقة لتكون خادمة لك .
ردت فيفي و قد امتقع لونها : إن العيب من مرزوق هو الذي لا ينجب أما بالنسبة لابنتك فدعها لأمها و انسها ، و تابعت قولها الحمد لله ربنا رزقني بواحد جدع و ناولته الكأس قائلة : اشرب فأنا أريدك دائماً سكراناً بحبي .
أخذ حامد الكأس و هو يؤنبها قائلاً : لا أريد سيرة هذا الرجل في منزلي و تابع .. ما هذا ؟
فيفي : دواء للسعال يحتوي على مخدر قوي القارورة بخمسين قرش و قد أحضرت منه كرتوناً كاملاً .
حامد : وهل تشربين منه ؟
فيفي : نعم عندما أكون فرحة أو حزينة .
حامد بتعجب : يا بوي ده بيتشرب بالملعقة مش بالكاس.
فيفي : جربه يا حبيبي و سوف تطلبه على طول .
شرب حامد و بعد ساعة سألها عن قيمة الكرتون فأجابته بأنها بست جنيهات فقط .
فطلب منها حامد أن تشتري كرتوناً آخر لأن هذا المشروب يستحق أن يكون بعشر جنيهات لا ستة ، أجابت فيفي حامد إلى طلبه حتى أصبح مدمناً هذا الكحول مما جعله يبوح بأسرار عمله و محيط أسرته لزوجته فيفي تحت تأثير هذا المخدر ..
و في ذات يوم اتصل الشيخ مرجان بالبقالة المجاورة للسائق أحمد و طلب من صاحب المحل أن يبلغ السائق أحمد بالتوجه للمطار .. فبعث أبو أماني ابنه حمدي الذي ناداه و حين حضر سأله أحمد بقلق قائلاً خير يا أبو أماني .
البقال : لقد عاد الشيخ مرجان من السفر و هو الآن في المطار و يريد منك أن تذهب إليه لتوصله إلى المنزل .
أحمد السائق : شكراً يا أبو أماني و أنا ذاهب في الحال فإذا اتصل أخبره أني في الطريق إليه .
و في صالة الإنتظار سلم أحمد على الشيخ مرجان و حمل الحقائب إلى السيارة و حين استقر الأمر بهما في السيارة سأله الشيخ مرجان عن أخباره مع حامد .
رد أحمد قائلاً : أخباري جيدة أما حامد فقد تزوج من فيفي وترك أهله من أجلها و لا يرى أمامه سوى فيفي .
رد الشيخ مرجان بابتهاج : رائع أحضره معك غداً لأن معي خارطة لموقعين في دجلة و الفيوم و نود أن يمول لنا العمليتين فهما غير مضمونتين و أنت تعرفني لا أحب أن أصرف قرشاً و احداً في عملية غير مضمونة .
رد أحمد بحماس : غداً يكون بين يديك و يوافق على طلبك ثم أدخل أحمد الحقائب مع الشيخ مرجان إلى المنزل و استأذنه في المغادرة لكي يترك له فرصة للراحة ، و ذكره الشيخ مرجان بالموعد المتفق عليه غداً .
و لم يخلف أحمد موعده فقد حضر في ذات الوقت و هو يصطحب حامد حيث رحب به الشيخ مرجان أجمل ترحيب و هنأه على زواجه من فيفي ..
شكر حامد الشيخ مرجان على هذه المباركة و على فضله الكبير في إتمام هذا الزواج .
و بعد سيل من المجاملات أطلع الشيخ مرجان حامد على كتاب يحوي خارطة فتناوله حامد و هو يقول بدهشة : ما هذا كتاب قديم و يحوي خارطة أيضاً !!
الشيخ مرجان : إن هذا الذي تراه يا حامد مواقع لكنز موجود في دجلة و الفيوم . إلا أنه مرصود من الجن وهذه ليست مشكلة فأنت تعرف أني أحضر الجن و أشوف متطلباتهم .
إلا أن تكلفة هذا العمل هي ما يعيقني فالحفر و العمال و الأكل و الشرب و مصاريف الجن من بخور و خلافه كل هذا يحتاج إلى مال .
فهم حامد مقصد الشيخ مرجان فسأله على الفور : و ما الفائدة التي أجنيها من وراء ذلك ؟
الشيخ : نصيبك في العملية الثلث و نصيبي مثله . أما الثلث الأخير فسيعطى لأناس غيرنا .
حامد : و لكن الثلث قليل .
تدخل أحمد السائق موجهاً حديثه لحامد قائلاً : الثلث يجعلك ملكاً من عملية واحدة .
رد حامد بالموافقة .
بدأ الشيخ مرجان في تحضير الجن و أصيب حامد بالرعب من هذا الجو المليء بالأصوات المخيفة .
الشيخ مرجان : الفيوم فيها جدار قديم في أرض زراعية تحفر تحت الجدار أربعة أمتار تجد بوابة ولازم تأخذ معاك عجل أسود عشان تذبحه عند المدخل و عند سيلان الدم ينفتح الكنز و تدهن كامل الباب النحاس بالدم ثم ينفتح الباب فتجد سرداب لمغارة فيها الكنز ، ولكن يشترط أن يكون العمال معروفين ، يمكنك أن تتفق مع العمال و تتجه غداً للفيوم .
رد أحمد موضحاً : يوجد لدي أربعة عمال كلهم ثقة ثلاثة إخوة و الرابع ابن عم لهم ، نستطيع أن نحاسبهم في اليوم خمسة وعشرون جنيه أما الأكل و الشرب و المسكن فهو علينا .
الشيخ مرجان : مصاريف الجن ألفين جنيه .
رد حامد بالموافقة فحدد الشيخ الساعة الخامسة من يوم غد موعداً للسفر .
استقر المقام بالشيخ مرجان و حامد و السائق أحمد في الفيوم و اتجهوا إلى موضع الحفر عند الجدار القديم .
اقترح حامد عليهم أن يهدم الجدار لما فيه من خطر على العمال .
إلا أن الشيخ مرجان أجاب قائلاً : لا بل نحفر تحته و يكون لنا دروه من عيون الناس .
و بعد أن اطلعوا على الموقع انصرف أحمد لكي يوصل الشيخ مرجان إلى مكانه و صحبهم حامد لكي يوصي أبو سريع على عمله في المكتب ، ليتمكنوا من صرف المستخلص مبكراً .
أحمد : بس بشرط ننام هنا الليلة عدا الشيخ .
الشيخ مرجان : كم يأخذ معك الحفر يا معلم حامد ؟ .
حامد : نوزع العمل عاملان على الحفر والآخران على الرفع عمق أربعة متر و عرض إثنين في إثنين يعني ما يقارب الأسبوع يا شيخ مرجان .
الشيخ مرجان : نحن اليوم السبت أي معنى حديثك إنه يوم الجمعة سيظهر الباب و ننهي عملنا يوم السبت و لابد أن أكون حاضر وقتها ..
رد أحمد : لاشك حضورك ضروري فنحن لا نعرف شيئاً من دونك .
غادر حامد المكان و هو يقول الساعة الآن الحادية عشر لابد من الذهاب حتى نستطيع إحضار العمال قبل المغرب .
أحمد : توكلنا على الله .. بس إيه رأيك في الفيوم يا حامد مش بلد جميلة .
حامد : جمال رائع الخضرة في كل مكان بيقولوا كانت زمان كلها جزر .
الشيخ مرجان : نعم كانت كلها جزر و كان يسكنها الفراعنة و عزيز مصر و سيدنا يوسف و موسى عليهم و على نبينا السلام .
أحمد : حمداً لله على السلامة يا عم الشيخ .
الشيخ : مع السلامة ، تودي العمال اليوم عشان يكون الحفر مع الفجر .
أحمد : أكيد يا شيخ مرجان .
وعندما وصل حامد بيته أخرج مبلغ ثلاثة مائة جنيه و ناولهم لأحمد و قال هذا مصروف العمال .
رد أحمد متسائلاً : و أنت ؟
أجاب حامد : التاكسي يأخذ أربعة أنفار ، و بالنسبة لي سأحضر في الأتوبيس غداً و أشرف على الشغل و أرجو أن تهتم بالحفر لحين ما أحضر .
أحمد : بإذن الله نكون هناك قبل المغرب مع السلامة .


الجزء الثاني :
.................
في يوم الأحد تم عقد قران عفاف ابنة الشيخ علوان على زياد ابن أبو سلامة عصراً و كان حفل الزفاف مساء نفس اليوم ، و حينما علم حامد بذلك انتابه حزن و قهر شديد إذ أنه لم يكن يرغب أن تتزوج عفاف من زياد كما أنه حرم من حضور هذا الزفاف لأن والده طرده من المنزل . إلا أنه هرب من حزنه بالذهاب إلى الفيوم حيث وصلها قبل المغرب واتجه حيث موقع العمل .
حامد : السلام عليكم أوصيكم بالهمة يا رجال .
رد العمال و أحمد الترحيب بالمعلم حامد .
أحمد : لقد كنا هنا ليلة الأمس إلا أن الأرض صخرية .
حامد : اطلب من أحد العمال تنظيف إحدى الغرف بالداخل لمبيت العمال و نذهب أنا وأنت للمبيت في فندق و نحضر للعمال كل طلباتهم .
أحمد : يمكنكم أن ترتاحوا الآن و غداً نبدأ من الفجر.
العمال : حاضر يا معلم .
حامد : لابد من البحث عن فندق الآن .
أحمد : لا داعي للفندق فلنبت مع العمال .
حامد : دعنا بعيدين فهذا أفضل لنا ، اذهب الآن و أحضر طعام لنا و للعمال ، أخبرني هل دفعت لصاحبة البيت المهجور نقوداً ؟
أحمد : لقد دفعت لها خمسين جنيهاً و أخبرتها أننا سنستأجر المنزل لمدة شهرين و لم تكن مصدقة ما أقول.
حامد : و هل ارتاب في أمركم أحد أو سألكم عمـا تفعلون ؟
أحمد : أحدهم سألنا فأخبرناه أننا مستأجرين جدد للمنزل و نرغب في عمل خزان له .
حامد : هذا مكان غير آهل و لا أحد يستطيع المجيء هنا و لكن الحرص واجب .
و بدأ العمل يتواصل و في اليوم الرابع للعمل الذي كان يوافق يوم الخميس الصبح ذهب حامد للقاهرة لصرف المستخلص .
إلا أنه في نفس اليوم الساعة الثانية عشر ليلاً دق أحمد باب حامد على عجلة و حين سأله حامد : لماذا تركت العمال ؟
أجاب أحمد و هو فزع : لقد حلت علينا مصيبة .
حامد : ماذا حدث ؟ قل بسرعة .
أحمد : اكتشفنا الباب و نزل اثنان من الإخوة العمال و معهم ابن عمهم فماتوا جميعاً و لم يبق إلا الأخ الثالث و لقد علم أهلهم بالأمر و هم الآن يريدون قتلي .
حامد : عليك الآن أن تختفي تماماً .
ذهب أهل العمال إلى أخ أحمد و اصطحبوه معهم إلى حامد الذي سأله من هؤلاء الذين معك ؟
أجابوا : نحن أهل و أقارب العمال الذين ماتوا عندك و هم ينقبون لك عن الآثار .
حامد : هذا قضاء و قدر ثم من الذي أخبركم بأننا ننقب عن آثار و أنا لم أتفق مع أحد على شيء .. و هل اتفقت معك يا ابراهيم ؟
رد ابراهيم الوحيد الذي نجا من الحادث : لا إنه أحمد من اتفق معنا .
حامد : و أنتم تعرفون أنكم تعملون في شيء خطر ألم تسألوا أنفسكم لماذا أجرة الواحد منكم خمسة و عشرون جنيه و ليست ثلاث جنيهات أي أنها عشرة أضعاف الأجرة لكن فوق هذا أنا أستطيع أن أدفع خمسمائة جنيه لأسرة كل متوفى .
سأل ابراهيم و والده بصوت واحد : و أحمد أين ذهب ؟
حامد : ربما هرب لليبيا عن طريق الصحراء .
أبو ابراهيم : اعطنا النقود أما أحمد فلن نتركه أبداً .
حامد : و حتى تتخلصوا من المساءلة يمكنكم القول أن أبناءكم كانوا يعملون عمال تراحيل و بأنكم لا تعلمون أين يعملون ولا عند من .
ابراهيم : ليس هناك حل سوى أن نقول ذلك .


و بهذا يكون حامد قد خسر أكثر من خمسة آلاف جنيه و لم يجن إلا الخوف و القلق .. ولم يصبر حيث اتجه على الفور إلى الشيخ مرجان و أطلعه على ما حصل .
فأخبره الشيخ أن ما حدث كان بسبب طمع العمال في الكنز و أن الجن قاموا بهدم الجدار عليهم .. لذا كان لابد من حضوره و أن يذبح العجل على الباب و يدهن الباب بالدم مع البخور والتعاويذ .
حامد : و هل هذا كلام يعقل لقد كان الجدار آيلاً للسقوط و قد ذكرت ذلك لك من قبل .
الشيخ مرجان : لننس هذا الأمر الآن و دعنا نفكر في كنز وادي دجلة فهو كنز عظيم .
حامد : ليس الآن فأنا لم أفق بعد من صدمة الفيوم .

تابع حامد عمله في المقاولات لمدة ثلاثة أعوام مرت به خلالها أحداث مؤلمة حيث توفيت أخته الكبرى مريم ثم توفي بعدها بعامين أبو عبد الله و بعد مرور هذه السنوات و في خضم تلك الأحداث ظهر أحمد السائق من جديد و اتجه إلى مكتب حامد الذي رحب به كثيراً و سأله أين كان طوال تلك المدة و طلب منه أن يحكي له ما مر به في تلك الفترة .
و أخذ أحمد يسرد القصة لحامد ..
لقد ذهبت إلى الأردن و عملت هناك هرباً من الذين يبحثون عني و العربية منذ الآن تحت تصرفك فقد هدأت الأمور و الحمد لله .. و لكن ما أخبار الشيخ مرجان .
حامد : أراه من فترة لأخرى إلا أنني لم أكمل معه العمل بعد حادثة الفيوم .
أحمد : و ماذا فعل في كنز دجلة ؟
رد حامد و هو يحتسي شراب السعال .. لا جديد زي ما هو .
أحمد بدهشة : إيه اللي بتشربه ده .
حامد : دواء سعال به مخدر بدلاً من الويسكي .
أحمد : و ما أخبار فيفي معك هي أنجبت ؟ و هل رأيت ابنتك ؟
رد حامد : فيفي بخير ، و لكن يبدو أنني عقيم يا أحمد ..
أحمد و هل هذا معقول ، لقد رزقك الله بطفلة و لكن يبدو أن فيفي هي التي لا تنجب لقد بقيت مع مرزوق ستة عشر عاماً دون أن تنجب .
حامد : لقد ذهبت فيفي إلى الطبيب و أخبرها أن لا موانع لديها للحمل .
أحمد : ألا تعلم أن مرزوق تزوج من ابنة عمه الأرملة و أنجب منها .
حامد : قل ما تشاء فيفي ستنجب ..
أحمد : و ابنتك لماذا لم ترها حتى الآن أهذا كلام يا رجل؟
حامد : ليس لدي بنات فيفي هي أهلي و أبنائي و عشيرتي .
و عندما وجد أحمد أنه لا جدوى في إقناع حامد بعقم فيفي غير الحديث قائلاً : و ما أخبار أبو سريع و عملك ؟ ، و أخبار أبو سلامة و سلامة و الشيخ علوان؟
و هل اصطلحت الأمور بينكم ؟
حامد: أبو سريع كما هو يعمل معي أما سلامة و أبو سلامة فأنا أذهب لزيارتهم كل مدة ولكن ليس زيارات دائمة كالسابق ، أما والدي فلم أذهب لزيارته منذ زواجي من فيفي و شغلي تمام والحمد لله .
أحمد : اعمل حاجة تنفعك للزمن فالزمن غدار .
حامد : صحيح أن فيفي مطالبها و مصروفاتها كثيرة و لكن الواحد في عز شبابه والفلوس بالكوم .
أحمد اسمع نصيحة أخيك الأكبر احرص على مالك و اشتر لك عقار للزمن فالمقاولات لا أمان لها .
حامد : دعنا من حديث الهم والغم و سوف نسهر سوياً حتى الصباح .
أحمد : لا بأس يا عم حامد .
و استمر بهم السمر حتى الصباح يشاركهم هذه السهرة أبو سريع ...


الجزء الثالث :
.................
و في تلك الأثناء اشتد المرض على الشيخ علوان و اهتم أبناؤه به حيث أحضروا له أربعة أطباء في تخصصات مختلفة و حين جلس بين أبنائه رأى اللهفة و الخوف في أعينهم .
رجب : الحمد لله على السلامة يا أبي ما تشوف شر أبداً.
الشيخ علوان : و الله يا بني أحس أن أجلي اقترب .
خميس : أبعد الله عنك الشر يا أبي و أطال عمرك ، و لكن أخبرنا أيها الطبيب مالذي يشكو منه الوالد فهو لايستطيع الجلوس أبداً .
الطبيب : الحمد لله جهاز التنفس لديه جيد و سليم و لكن لابد من نقله للمستشفى لعمل التحاليل للدم والبول و عمل رسم للقلب في أسرع وقت .
رجب : رسم للقلب ؟ هل من الممكن أخذه في سيارة ثم العودة به للبيت ثانية ؟
الطبيب : إذاً لابد من حضور ممرض لأخذ عينات للتحاليل و يعطيه المغذي .
خميس : بجوارنا ممرضة يمكن الإستعانة بها .
الطبيب : عال يمكنكم أخذه غداً لعمل رسم للقلب و من ثم تتابع الممرضة الأمر في المنزل ، وسأكتب لكم وصفة ..
رجب : ورجله يا دكتور تعباه قوي .
الطبيب : احتمال ارتفاع في حمض البوليك فوق المعدل مما يسبب له الألم و عموماً سوف يتضح ذلك من التحاليل .
قام رجب بتوصيل الأطباء بعد كتابة الوصفة الطبية و التحاليل و المحاليل اللازمة .
رجب : حأبلغ حامد يا أبي .
الشيخ علوان : حامد لن يدخل البيت ، فقد كنت أحسبه زهرة يا أبنائي تفوح عطراً لكل من حولها و لكنه للأسف هو زهرة أنبتت حنظلاً تقتل من يمسك بها .
دخلت السيدة عائشة تصاحبها فاطمة إلى حيث يرقد الشيخ .
السيدة عائشة : ألف سلامة عليك يا أبا رجب ألف لا بأس عليك .
فاطمة : أعمل لك فرخة مسلوقة والله راح تبقى عال .
الشيخ علوان : ليس لي شهية للأكل و أوصيكم إذا مت أن لا يدخل حامد هذا البيت .
عائشة : العمر الطويل لك يا شيخ .
الشيخ : آه يا عائشة .. العمر مضى بلمح البصر أتذكرين حين خطبتك عام 1928 م و كان عمرك تسع سنوات ، و كان عمري يومها اثنين و ثلاثون عاماً ، و نحن الآن في عام 1982 م أصبح عمرك ستين سنة ، و عمري يفوق الخامسة و الثمانين عاماً الحمد لله هل سنأخذ زماننا وزمن غيرنا ؟
عائشة : الحمد لله على الصحة والعافية .
دخل حسن و معه الممرضة و كذلك حضر خميس و معه الدواء و المحاليل .
فاستأذنتهم الممرضة في أن يتركوا الشيخ يرتاح و بدأت تمد خراطيم المحاليل و تدخل إبر المحاليل في ساعد الشيخ .
ثم طلبت منهم أن يجهزوا لها غرفة تكون مقراً لها كما طلبت بوتوجاز صغير لكي تغلي فيه الإبر و تعقمها .
حسن : حاضر يا سستر بعد ساعة سوف يكون كل شيء جاهز .
الممرضة : لا بد أن يحضر أحدكم غداً صباحاً لكي يذهب بالعينات للتحليل في المختبر .
رجب : حسناً سيذهب بها غداً أخي سعد و كل شيء تحتاجينه اطلبيه منه فهو موجود بالمنزل .
الممرضة : الساعة التاسعة صباحاً موعد أخذ العينات ، و لابد أن يكون طعام الشيخ مسلوقاً .. مثل شوربة خضار .. شوربة دجاج .. و لا يأكل الخبز لأن معدته حالياً لا تحتمل .
و في اليوم التالي ذهب سعد بالعينات إلى المختبر ووعده الطبيب أن يحضر في المساء لأخذ النتيجة أما باقي النتائج فهي بعد أسبوع .

حضر الطبيب في مساء هذا اليوم و رأى رسم القلب و نتائج التحاليل .
رجب : خير يا دكتور .
الطبيب : لديه ارتخاء في عضلة القلب و الشريان التاجي ضعيف كما لديه ارتفاع في حمض البوليك .. لابد من نقله للمستشفى .
الشيخ علوان : لم و لن أذهب للمستشفى أريد أن أموت في بيتي .
رضخ الطبيب لرغبة الشيخ و أوصى الممرضة ببعض الأمور ، ثم وعدهم بالمرور على الشيخ بعد انتهاء دوام العيادة الخاصة .
بتوالي الأيام تدهورت صحة الشيخ علوان و لما أحس بدنو أجله جمع زوجاته و أبنائه و أخذ يوصيهم فما كان من حسن إلا أن سأل والده : هل أحضر حامد ؟
الشيخ علوان : قلت لكم إن قلبي غاضب عليه إلى يوم القيامة فهو المر الوحيد الذي تجرعته في حياتي ..

و انتهت حياة الشيخ علوان بهذه الكلمات و لم يحضر حامد الدفن و لا العزاء .
الجزء الرابع :
................
مر عام على وفاة الشيخ علوان و فجأة ذهبت فيفي لأم عبدالله عجبت أم عبدالله من هذه الزيارة وقالت مرحبة : أهلاً أليس غريب أن تأتي لزيارتنا و نحن لم نرك أبداً ؟
فيفي : لقد جن ولدكم حامد فهو يدعي أني أخذت منه خمسة و ثمانين ألف جنيه فلقد تدمر عقله من هذا الذي يشربه .
أم عبدالله : إنتي السبب في ذلك يا فيفي .
فيفي : و هل أنا التي تسقيه هذا المدعوق ؟
عبدالله يتساءل : أين خالي لم أره منذ زمن بعيد ؟ .
فيفي بكل استهتار : لقد تركته مرمياً عند محطة الأتوبيس .
فلما سمع عبدالله هذا الحديث هرع مسرعاً مع صديقه ياسر إلى حيث خاله فوجده في حالة يرثى لها من الإعياء و السكر فحمله معه إلى البيت .
فلما رأى حامد فيفي في منزل أخته قال لها
بغضب : أين الفلوس يا فيفي إنها أجرة عمال لو لم يتسلموها فإن الشركة لن تعطيني أي عمل بعد ذلك و سوف توقف كل المستخلصات الأخرى .
فيفي : فلوس إيه يا رجل .. ألم أقل إنه جن ؟
حامد : لقد صرفت المستخلص أول إمبارح و هو خمسة وثمانون ألف جنيه و تناولت الشاي ثم خلدت إلى النوم و بقيت نائماً حتى عصر اليوم التالي و قمت فلم أجد الفلوس .
فيفي : يمكنكم أن تأتوا لتفتيش منزلي .. لقد شت عقله .
عبدالله : يظهر يا أماه أن خالي مريض فعلاً .
أم عبدالله : منذ أن عرف هذه المرأة و أحواله قد تغيرت.
فيفي : لابد أن يطلقني فهو قد يقتلني في أي وقت .
أم عبدالله محاولة تهدئة الوضع : الأمور لم تصل إلى هذه الدرجة .
خلد حامد للنوم من شدة التعب على كرسي في الصالة فخرجت فيفي بحجة أنها ستحضر دواء من الصيدلية .
و لكنها أحضرت معها عند عودتها قارورتين من دواء السعال .
فسألتها أم عبدالله : ما هذا الدواء يا فيفي ؟ .
ردت فيفي : لابد أن أسقيه هذا السم حتى يسكت عني فأيقظته و أعطته الدواء قارورة تلو الأخرى فهدأ حامد
و اصطحبته فيفي إلى المنزل و مضى معها كحمل وديع بعد أن كان كالوحش الكاسر .
أم عبدالله و هي تنظر إليهما بأسى : ماذا فعلت هذه المرأة بأخي ؟
عبدالله : غداً كل شيء يظهر و نعرف كل شيء .



الفصل الخامس و الأخير
……

الجزء الأول :
................
عام 1985 م أخذت حالة حامد تتأزم و تشتد يوماً إثر يوم فأهمل عمله و لم يعد يذهب إلى الشركة فكثرت عليه الديون وباع جميع معداته بعد أن ظل يركض وراء وهم صنعه له الشيخ مرجان ، لكن بعد أن ألقي القبض على مرجان ، وبحوزته مجموعة من الآثار القيمة اقتنع حامد بالوهم فكرر في وادي دجلة نفس الأمر الذي كان في الفيوم حيث تم العثور على السرداب الذي يؤدي إلى باب صخري فاضطر العمال لتفجيره بالديناميت و كانوا بالداخل و مات منهم خمسة عمال وختمت قصة اللهاث وراء الوهم .

أما فيفي فقد بدأت مظاهر الثراء و النعيم تبدو عليها حيث قامت بشراء عشرة أفدنه من أجود الأراضي الزراعية في المنصورة وحين سألتها أم عبد الله من أين لها ثمن الأرض أجابت بأنها الوريثة الوحيدة لعم لها ثري لم ينجب , في الوقت الذي كان فيه حامد يهيم في الشوارع و الأزقة لا يدري عن شيء .

و في ذات يوم اصطحبت فيفي حامد و ذهبت به إلى منزل السيدة فاطمة التي بادرته قائلة حين رأته : حامد ألم يوص والدك بأن لا تدخل هذا المنزل أبداً أنت وهذه المرأة التي معك ؟ .
حامد : أريد نصيبي من ميراث أبي و هذه المرأة زوجتي لها مثل ما لي من الحقوق و من حقها أن تعيش في هذا المنزل بل و تصبح سيدته .
السيدة فاطمة : هذه امرأة تزوجتها من الشارع لن تدخل هذا البيت و لن يكون لها أي اعتبار في أي منزل من منازل إخوتك .
حامد : إنها أشرف من عرفت و رغماً عنكم ستصبح سيدة المنزل .
فيفي : ليس هكذا يا حامد هذه أمك و لها حق عليك أما حقك فتأخذه عن طريق المحكمة .
السيدة فاطمة : أهذه آخرة الأمور أبناء الشيخ علوان يتقابلون في المحاكم .
حامد : حقي سوف آخذه حتى لو اضطررت لإلقائك في الشارع .


السيدة فاطمة وقد أصابها كلام ابنها بالصدمة والغضب : اخرس يا كلب .. هل بلغت بك الوقاحة والجرأة أن تهين أمك من أجل امرأة كهذه .
فما كان من حامد إلا أن قام بجر أمه من شعرها خارج المنزل و هددها بمسدس يحمله مذكراً إياها أن فيفي سيدتها و أنها هي الخادمة .
حدث هذا كله أمام جمع من الناس و الجيران الذين لم يروا طوال حياتهم السيدة فاطمة إلا من وراء نقاب .
تدخل أحد الجيران و سحب حامد من يده موبخاً و قال : عيب عليك هذه أمك .
أما السيدة فاطمة فقد دخلت المنزل ، و أغلقت الباب وراءها و هي تكاد تقتل نفسها من شدة النحيب غير مصدقة ما حصل من ابنها حامد .

حضر حسن من العمل و قد علم بما حدث في أثناء عودته فدخل على أمه و هو يقول : ماذا حصل من حامد لابد أن أؤدبه و ألقنه درساً لن ينساه .
السيدة فاطمة : لا يا بني بلاش تفرج الناس على أولاد الشيخ علوان كفاية فضايح .
ولكن حسن لم يتحمل منظر والدته فذهب إلى حامد فأخبره الجيران بأنه سافر إلى بلد زوجته .

أما فاطمة فقد أصابتها إغماءة و نقلت على إثرها للمستشفى حيث تعرضت لنزيف في الدماخ إثر غضبها وحزنها الشديد ففارقت الحياة و لم يحضر حامد دفن والدته ولا حتى عزاءها .
تشرد حامد في الشوراع وزاد عن ذي قبل و مع هذا فقد كانت فيفي تزور أم عبدالله بين آونة و أخرى .. إلا أنها في زيارتها الأخيرة طلبت من أم عبدالله أن تكون واسطة خير بين حامد و إخوته في مسألة الميراث .

قبلت أم عبدالله و كلمت إخوتها الذين لم يمانعوا.
و ثُمن المنزل و أعطي لحامد نصيبه من الميراث مالاً وليس عقاراً .
أما المنزل فقد قسمه الإخوة بينهم .
عاد حسن ورجب إلى بلدة أبيهم ( العريش ) بعد أن باع كل واحد منهم نصيبه في البيت ثم تبعهما سعد وخميس و سالم و تركوا المكان لحامد وفضائحه ..
و في إحدى زيارات سعد لأخته أم عبدالله ذهب هو و عبدالله إلى السوق و فوجئ عبدالله بسعد يسأله : يا عبدالله أليست هذه زوجة خالك حامد و من هذا الذي يمسك بيدها ؟
عبدالله : نعم هي ولكن من هذا الذي معها ؟ .
و حين أحست بهم فيفي حاولت أن تواري وجهها و مضت مسرعة هي و الشخص الذي يصحبها.
طلب سعد من عبدالله أن يركضا وراءهما و يعرفان سرهما .
عبدالله : دعك منهم .
سعد : لابد أن أخبر حامد بهذا .
عبدالله : خالي لا يدري شيئاً من أمره لا أراه إلا و هو يمسك بزجاجة دواء السعال .

في أحد الأيام ذهب حامد إلى أبو سلامة فحاول أبو سلامة أن يقنع حامد بتطليق هذه المرأة فهي عار عليه أيد سلامة رأي والده في أمر طلاق فيفي إلا أن حامد رد ببلاهة لا يحسد عليها : أنام فين و مين يعمل لي الأكل يا أبو سلامة ؟
أبو سلامة : ليست مشكلة يمكنك أن تجيء عندي في المجلس .
جلس حامد عند أبو سلامة لمدة عشرة أيام إلا أنه لم يحتمل فراق فيفي فعاد إليها ثانية .
أصبحت حال حامد مزرية حتى أن الناس أصبحوا يشفقون عليه و يتصدقون عليه بالمال و ازداد ولعاً بالشرب فأصبحت الخرائب هي مأواه و الأماكن المهجورة من عمارات تحت الإنشاء .
و في هذه الأثناء بدأت الشبهات تحوم حول فيفي و بدأت سمعتها السيئة تظهر ، و أجبر أبو سلامة و سلامة و أبو سريع و أحمد السائق أن يطلقها ، حتى استجاب لهم و فرحوا جميعاً بذلك .
و لكن حامد تشرد أكثر من ذي قبل حتى عطف عليه أحد المقاولين ، و اشترى له بابور و إبريق لكي يعد عليه الشاي للعمال و يأخذ أجرة إلا أنه أنفق هذه الأجرة في الشرب ليلاً .
أصبح حامد عبرة لمن يعتبر و كلما مر عليه أحد أصابه الحزن عليه .. كيف لا و هو ابن عز ونعمة ولكن هذا جزاء من يعق والديه ولا يعرف حقهما .


الجزء الثاني :
................
توالت الأعوام ونحن الآن في عام 1994 م و هاهي هند ابنة حامد تبلغ السادسة عشر من عمرها و قد تزوجت من ابن خالها ، و تقرر الذهاب لزيارة أعمامها في العريش لتعرف زوجها بأهلها .
و قد بدأت بزيارة أكبرهم و هو رجب الذي فوجئ بهما ذات يوم يطرقان الباب عليه و فتح رجب الباب قائلاً : من أنتما ؟
هند : أنا يا عماه هند ابنة أخيك حامد وهذا زوجي سليمان ابن خالي .
رجب : لقد عرفت ذلك من شدة شبهك بوالدك حين كان في نفس عمرك .
ثم أدخلهما مرحباً بهما ترحيباً حاراً ، و سلمت هند على زوجة عمها سمراء و على أبنائه بعد تعريف رجب لها بأبنائه و زوجته .
و أمر رجب ابن أخيه بالذهاب لإحضار والده و أعمامه لكي يسلموا على هند و زوجها و التعرف عليهما .
و جاء الإخوة على الفور ورحبوا بها و بزوجها ترحيباً حاراً أشعرها بحبهم لها .
خميس : كيف حالك يا هند و ما هي أخبار جدك وأمك ؟
هند : بخير والحمد لله يا عم خميس .
حسن : لقد قمت بزيارتكم يوماً و لم أجدك حينها في البيت .
هند : كنت في المدرسة حينها وكم حزنت في تلك الليلة لعدم مقابلتي لك .
سعد : و في أي صف تدرسين ؟
هند : حالياً في المرحلة الثانوية و أدرس دراسة منزلية.
رجب : عظيم لكن هل زرت والدك يا ابنتي ؟
هند : لا .. أنا لم أره في حياتي كلها .. ولا أريد أن أراه .
رجب : المسامح كريم وهو الآن في حالة سيئة ، وبحاجة لمن يسأل عنه ، و أرجو من الأستاذ سليمان أن يقنعك بهذا .
هند : أنا أتيت لزيارتكم فقط و ليس لزيارة والدي ، و لكني عاتبة عليكم لعدم سؤالكم عني و أنا صغيرة و تركتم أمر تربيتي لأخوالي .
خميس : إنها مشاغل الحياة يا ابنتي كما أن علاقة والدك بجدك وقفت حاجزاً بيننا ، وكذلك خوف أمك عليك من أبيك .
وجلست هند وزوجها معهم حتى اليوم التالي ، واستأذنتهم في الذهاب لمنزلها على أمل أن تذهب لزيارة أبيها يوماً ما وودعت أعمامها و زوجاتهم و أولادهم .
وقام علوان ابن عمها رجب بتوصيلهما إلى محطة الأتوبيس .
علوان : بإذن الله سوف أزوركم عن قريب في القاهرة .
سليمان : تشرف في أي وقت .
هند : مرحباً بك يا ابن عمي ، و عندها وصل الأتوبيس وركبت مع زوجها و أشارت لعلوان بأن يأتي لزيارتهم كما وعد .


الجزء الثالث :
..................
عام 1995 م حضر سعد كعادته لزيارة أخته و ابنها عبدالله .
ورحبت به ليلى ترحيباً حاراً وكذلك عبدالله و سألت قائلة : هل جاءتكم ابنة حامد في العريش ؟ .
سعد : نعم أتت إلينا هي و زوجها سليمان .
أم عبدالله : وكيف حالها ، و هل سألت عن حامد ؟
سعد : إنها بخير .. و لقد وعدت بزيارته و أخذت عنوان أبو سلامة وعنوانكم .. لكن هل رأيت خالك حامد عن قريب يا عبدالله ؟
عبدالله : لا منذ عدة شهور لم أر خالي لكن رأيت فيفي مع الرجل الذي رأيناه من قبل في السوق و قد تزوجت منه .
سعد : اللعوب تأخذ أخي لحم و ترمي به عظم .
عبدالله : هذا أفضل لنا و لخالي ، وغداً سوف ترمي بمن أخذت وهكذا ستبقى طوال حياتها ..
ذهب عبدالله وخاله سعد إلى السوق فقابلا عمر صديق عبدالله و أخبرهما أن حامد قد مات بجوار محطة الأتوبيس و هرعا سوياً إلى المحطة ، فوجدا حامد جثة هامدة و الشرطة بجواره .
ثم حضرت سيارة الإسعاف و نقلت جثة حامد إلى المستشفى لإنهاء الإجراءات اللازمة .
استلم سعد الجثة و ذهبا بها لمنزل أبو سلامة لحين حضور إخوته ، وحضر الجميع و أقاموا العزاء و قبل خروج الجثة لمثواها الأخير فوجئ الجميع بحضور هند ابنة حامد يصحبها زوجها سليمان .
رجب : من أخبركما بموت حامد ؟ .
هند : و هل أبي قد مات ، لقد جئت للسلام عليه.
وقد حزنت هندً شديداً .
عبدالله : البقاء لله .. ادعي له بالرحمة وتحلي بالصبر .
أبو سريع : سبحان الله عندما أتت ابنته لكي تراه تجده جثة هامدة .. له في ذلك حكم .

و انتهت حياة حامد و لم ير ابنته الوحيدة و لكن أمر الله قد كان .

تمت بحمد الله ،

المؤلف : منصور علي سليمان أبو مريفة .
ت/ 0123002198
E-mail : [email protected]
المراجعة اللغوية : د / شريفة سلامه عوده .

غنامي
25-03-12, 09:34 PM
http://sabagate.com/up/uploads/75cdd2b71c.bmp (http://sabagate.com/up)

غنامي
25-03-12, 09:37 PM
http://sabagate.com/up/uploads/1e58f1d830.bmp (http://sabagate.com/up)