المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المافيا و ام خويلد


الشريف
10-11-07, 04:28 PM
لنبدأ الأسبوع بكلام خفيف لا يثقل عقولنا ولا يدخلنا في متاهات. ولنسمع مع بعضنا حكاية أم خويلد مع سرب العاملات المنزليات. وأم خويلد سيدة منظمة فهي وحيدة بين عالم من الذكور الذي يشمل زوجها وأبناءها الخمسة الذين تبقوا معها في المنزل أما ابنتاها فلكل منهما بيتها وعائلتها. وحين تكون امرأة في سن أم خويلد ولديها جيش من الرجال حيث تكثر العزائم والمناسبات لا بد أولا أن ترتب وتنسق مهام العمالة المنزلية، لذلك فإنها وحين تقرر إحدى العاملات المنزليات أن تسافر في إجازة أو خروج بلا عودة لانتهاء عقدها فإن البديل يكون جاهزا وحاضرا حتى لا تقع في مشاكل ولا يختل توازن المنزل خاصة وأن والدة زوجها المتعبة تقيم معها وتحتاج لرعاية طبية كاملة حيث تقوم إحدى العاملات بمهمة الممرضة كما أن أم خويلد نفسها تعاني من الروماتيزم والسكر والربو وهشاشة العظام وتبدأ يومها بتناول تسع أدوية طبية وخلطتي أعشاب وكأس زنجبيل بارد لتخفيض الكوليسترول كما قيل لها. في الفترة الأخيرة أصبحت أم خويلد تعيش سيناريو غريباً متكرراً حيث أصبح هروب كل خادمة جديدة أمراً عادياً، فكل خادمة لا تبقى سوى شهر وتختفي بعده، لتبدأ طقوس التبليغ عن الهروب و استخراج تأشيرة بديلة. أم خويلد أصبحت معروفة بحكايات الهروب التي تتشابه في أحداثها وتداعياتها كما أنها ولصعوبة استخراج تأشيرات الاستقدام أصبحت زبونة دائمة لدى موردي العاملات المحليين والذين يقتاتون على العمالة الهاربة والذين يوفرون لها البديل الجاهز. لذلك وفي منتصف شعبان وحين وصلت السيدة "سوروكو" العاملة الجديدة استبشرت أم خويلد خيرا خاصة وأن علامات الطيبة بدت على وجه "سوروكو" لذلك قررت أن تضع النقاط على الحروف وأن تحدثها بصراحة قائلة:
- شوف سوروكو إنت فيه نفر كويس ما شاء الله أنا يبغى يعرف، انت فيه هروب بعد كم يوم؟

- كيف ماما؟ أنا ما في فهام أنا فيه يشتغل خمسة سنة في جدة ما في هروب. أنا يجي في مكتب ماما، ورق كله صح كشف طبي صح.

- طيب سوروكو، خلاص ما في مشكلة.

"سوروكو" قامت بعملها خلال شهر شعبان على أكمل وجه، مما جعل أم خويلد تبتسم مرتاحة مع قدوم رمضان ف "سوروكو" أثبتت أنها طباخة ماهرة وتجيد الطبخ والعجن والخبز. مع إعلان قدوم رمضان اختفت سوروكو التي لم تأخذ سوى حقيبة ملابسها. أم خويلد أسرعت بالاتصال على جوال السيد "محمد" أحد موردي العمالة الداخلية الذي كان مشغولا خاصة وأننا في موسم يكثر فيه الزبائن ليرد عليها بعد طول انتظار قائلا:

- سلام عليكم أم خالد رمضان كريم.. شغالة ولا سواق.

- الله يسلمك يا محمد، شغالتنا هربت نبغى وحده تكون عندنا اليوم وإلا بكره الصبح.

دار النقاش بين أم خويلد ومحمد حول جنسية العاملة المنزلية المطلوبة خاصة وأن بعض الجنسيات ارتفعت رواتبها إلى ثلاثة آلاف ريال مع قدوم شهر رمضان و ازدياد الطلب على العمالة المؤقتة من السوق المحلية. بعد أخذ ورد اتفقت أم خالد ومحمد على ألف ومائتي ريال راتب للعاملة المنزلية التي تجيد الطبخ ولبست أم خالد عباءتها وذهبت لاستلامها.

حين سلمت أم خالد السيد محمد نصيبه في ظرف مغلق، فتحت باب السيارة لتستلم العاملة المنزلية "ريحانة" التفتت إليها لترتفع شهقاتها وهي تردد:

- "سوروكو" وش جابك هنا؟ صحيح إنكم "مافيا"! حسبي الله ونعم الوكيل.

- شوف ماما انت فيه يدفع ألف وميتين ريال أنا فيه شغل إنت ما فيه يدفع أنا في روح ناس تاني.

أم خويلد ضربت كفا بكف ورضيت بنصيبها مع العاملة "سوروكو" الشهيرة بريحانة وقررت أن ترفع راتبها لألف ومائتي ريال على أمل أن تبقى ولا تهرب، فهي قد تعبت وملت.

بقلم ندى الطاسان