المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ][ مشــــهد مؤلم ][


الآتي الأخير
12-04-08, 01:21 AM
دخل يتوكأ على عصاه، وعلى سنينه الرامسة... صار يتفحص الوجوه، ويبحث له عن مقعد، وفي يده الراعشة ورقة ترتعش... لم يجد مقعداً فوقف متوكأً على عصاه ينتظر لفتة من السكرتير.. وطال وقوفه، وطال انتظاره.. ولما لم يلتفت إليه سعادة السكرتير، خطا خطوتين، أو ثلاثاً حتى اقترب منه. ثم قال يا بني أريد أن أقابل المدير... نظر إليه السكرتير، بازدراء واحتقار، وأخذ يذرع بعينه جسد الشيخ الراعش، من قدميه إلى رأسه، ثم رد بابتسامة ساخرة، تافهة، قائلاً: ومن أنت كي تقابل سعادة المدير..؟ قال الشيخ: أنا رجل من عباد الله، ولي حاجة أريد أن أحدثه فيها...
قال السكرتير: لا داعي لأن تقابل سعادة المدير، فسعادته مشغول.. ثم أردف بنذالة وهوج: اسمع يا (...) إذا أردت أن تدخل مكتباً محترماً، وأن تقابل رجلاً محترماً، فعليك أن تنظر إلى ثيابك قبل أن تدخل... أهذه ثياب يدخل المرء بها دوائر محترمة..؟! تلبّك الشيخ المسكين، وتلعثم ثم استجمع قواه وقال: يا بني لقد لبست والله أحسن ما أملك، وأنا ما جئت زائراً، ولولا الحاجة، مارأيتني واقفاً ببابك، ولا رأيت ثيابي التي ليست في مستوى المقام..!!

قال السكرتير في اشمئزاز وصفاقة: اذهب إلى الوارد. وسجل معاملتك، وخذ رقمها، وخذ موعداً للمراجعة.. أدخل الشيخ يده في جيبه، وأخرج رزمة من الأوراق، وقال: يابني هذه أوراق مراجعات، أرقام، وقيود، ومواعيد، ولكن لا شيء يابني يتحقق، لا شيء يتحقق..!!

يابني أنا شيخ كبير كما ترى، ورب أسرة بها عجائز، وأطفال قصر، وأنا المسؤول الوحيد عنهم والقائم على رعايتهم، ولو كان في الجسد بقية من قوة وشباب فلا والله ما رأيتني واقفاً مثل هذا الموقف، ولكن حسبي الله، وعتبي على الأيام..

يابني إن كنت تسأل عن ثيابي ونظافتها، فإن ثيابي التي لم تعجبك هي أشد نظافة، وبياضاً، ونصاعة من بعض القلوب، والنفوس التي ران عليها سواد النذالة واللوم والتلذذ بإهانة الآخرين والنيل من الشرفاء وذوي العفاف، واعلم يابني انه ما دخل جيبي حرام قط.. وما أطعمت أولادي حراماً قط... ولو كان هذا الزمان منصفاً لما رأيتني رث الثياب، رث الخطاب، أعامل وأمثالي معاملة الكلاب، عند بابك وباب مديرك، الذي أعلم انه لا يقابل إلا الوجهاء، وأصحاب المقامات، وكم تمنيت يابني لو أن شيئاً يكفل حقي قد حال بيني وبينك، فأراحني من القدوم إليك، وأراحك من منظري المزري، ومن ثيابي التي لا تليق بمكتب محترم كمكتبك، ومدير محترم كمديرك...

مزق الشيخ بيده الراعشة ورقته الراعشة، وخرج وعيناه تطفحان بالدموع والألم والظلام.بقلم / عبد الله الناصر

جارة الوادي
12-04-08, 06:03 PM
وما أكثر أشباه هذه المناذج المتغطرسه ذات النفوس القبيحة في هذا الزمن !


شكرا لنقل هذا المشهد المؤثر


تحياتي وتقديري

مسلمة
13-04-08, 05:55 PM
مشهد مؤلم - مشهد محزن - مشهذ مخجل أن يتصرف المسلم مع أخوه المسلم بطريقة الازدراء والاستحقار من هذا الشيخ الكبير الذي هو بمقام والده وإن لم يحترمه كرجل فيحترمه كشيخ كبير أثقلته الدنيا بالاحزان والهموم هل لانه فقير فقط ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!! لماذا الناس دااااااائما ينظرون الى المظاهر الكاذبة الخداعة ولاينظرون الى القلوب

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم وصوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (رواه مسلم).

وهذا السكرتير شريحة من شرائح كبيرة ومنتشرة بشكل كبير في مجتمعاتنا فلماذا التعالي والتكبر فكلنا من التراب والى التراب فكم من اناس تبهرك أشكالهم ومناصبهم واموالهم ولكن قلوبهم مليئة بالسواد وبالكره والتعالي والتكبر والبعد عن الله

اشكرك اخي الاتي الأخير واسعدك الله ونور قلبك لنقل القصة التي يتمزق منها القلب لما وصلنا اليه من ضعف في الايمان الذي يجعل في القلوب السواد والقسوة ويجد من استهزاء بنفوس البشر وعدم احترام الاخرين والاصغاء لهم لمجرد ان ملابسهم بالية وفقراء لايملكون قوت يومهم وعسى ان تكون عبرة للغير وتلين بها القلوب القاسية والبعيدة عن الله اللهم اصلح جميع المسلمين والمسلمات واهديهم الى صراك المستقيم ونقي قلوبهم ونور بصيرتهم ووجهم لما تحب وترضى انك سميع مجيب

عبدالله الموسي
13-04-08, 06:35 PM
ما أكثر هذه المشاهد عند أبواب البنوك.. وأن كانت هذه القصه من خيال وأبداع الكاتب المحترم. فأنها كثير ماتحصل في البنوك والدوائر الحكوميه.. أن الذي لايتعامل مع كبير السن بأحترام وتقدير لايستحق أن يكون رجل..نعم لايستحق أن يكون رجل..ويجب عليه الألتحاف بين أخواته حتى ان يصبح رجل ومن ثم يجلس على كراسي الأدارات.. حقاً أن كبار السن لهم علينا الكثير من الأشياء التي هي من واجباتنا.. ومن تعالم ديننا الحنيف.. لاأعلم أين تعلم هذا الموضف أمور دينه وأي مدرسه خرجته وأي بيت رباه. وأي مجتمع ضمه. وأي قلباً قلبه.. حقاً كان من الواجب عليه أن يقف على رجليه الرديئتان عند دخول هذا الأب أحتراماً وأتقديراً له وأن يهتم به قبل الجميع ويقوم بمتابعة طلبه لحين الأنتها.. فدعوه من هذا الأب الذي خذلتهُ الأيام ودهورهُ الزمن خير من عشرين الف راتب يستلمه هذا المتغطرس الحقير.هذا من ابسط الأمور وأسهلها عليه.. ولاكن لانقل الا حسبنا الله ونعم الوكيل على كل من تكبر على المسلمين.. نسيى هاؤلاء انهم غداً سوف يهرفون ويشيخون ويتعاملون بهذا الأسلوب بأذن الله تعالى..حتى يشعرو بماكانوا يعملون. ونسى هاؤلاء أن هذه الدنيا ديون وكما تدين تدان.. لن أخوض وأستدل بدلائل شرعيه على كيفية التعامل مع المسنين..بل أكتفي بهذا القدر من الكلام
والنظر الى الموضوع من منظور أنساني فقط..مع تحفظي على الكثير من الأمور..حسبنا الله ونعم الوكيل...

تحيتي لك اخي الغالي على هذا المقال المحزن..