ليس هناك كلمة اكثر شيوعا في وسائل الاعلام وعلى السنة الناس من كلمة "اصلاح". الجميع تقريبا ينشد الإصلاح، بل وازعم أنهم ينشدوه صادقين، لكن من الذي يطبقه في حياته العامة؟
موظفو القطاع العام مثلا لا ينفكون من الشكوى في معظمهم من الإحباط وعدم تكافؤ الفرص وقلة المردود المادي وانسداد الأفق أمام ترقيهم بانتظام لكن كم منهم يعمل جاهدا لتطبيق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا إن يتقنه" بل كم منهم يحرص على الحد الأدنى من متطلبات العمل وهو الحضور والانصراف في الوقت المحدد دع عنك السعي لاداء العمل بروح المبادرة ودع عنك الرغبة في محاولة تطوير الذات من مصادر خارجية ليكونوا أفضل وليردوا لوطنهم جزءاً مما يستحق.
لو طبق النظام على مجموعة كبيرة من موظفي القطاع العام لانتهوا للأسف في منازلهم بسبب المخالفات الكثيرة التي يرتكبونها.
وإذا تركت جانبا مسألة أخلاقيات العمل إلى السلوك الشخصي فكثيرا ما تسمع أو تقرأ من يقدم لك محاضرة طويلة عن السلوك القويم بما فيه من العناية بالممتلكات العامة وعدم مخالفة أنظمة السير و التعامل اللائق مع الآخرين وغير ذلك لكنه في اليوم الواحد يحطم دون اكتراث ودون حتى إدراك ما انفق وقته بالتبشير به.
عشرات الأمثلة بالإمكان سردها تثبت بان الإصلاح الذي ينشده الجميع ليس سوى نفاقاً محضاً ينكشف بمجرد الاصطدام بالنظام ، إذ ستجد الكثيرين يبحثون عن مخارج للالتفاف عليه إن لم يستطيعوا خرقه. كم منا سيرفض إسقاط مخالفة مرورية دون دفعها إذا تهيأ له ذلك و كم منا سيرى أن واجبه كمسلم وكمواطن صالح يحتم عليه عدم ارتكاب مخالفات مهما صغرت حتى ولو كانت مخالفة رمي منديل من نافذة السيارة.
الإصلاح منظومة متكاملة تبدأ من الفرد لتصل إلى المجموعة وليس العكس ولا يمكن أبدا الحلم بتحقيق الإصلاح بمعناه الشامل دون إن إصلاح النفس أولا بدافع ورغبة شخصية وليس خوفا من عقاب ، وعند تحقيق ذلك على مستوى الفرد فالمجتمع سيقوم بإكمال الحلقة بلفظ من لا يعمل بتفان.
المواضيع المتشابهه
الإصلاح و النفاق
العرض المتطور
