لا أدري حقيقة من الذي خرّب الآخر اولا...
العاملة المنزلية التي جاءتنا مدربة ونشطة واخذت من ربة البيت كل مسئولياتها البيتية والامومية كي تبرهن على كفاءتها فتنازلت الاخرى مرتاحة عن كثير من ادوارها واجباتها الفطرية والاسرية حتى وصل الامر إلى حالة اعتماد كلي على وجودها وساهم بأزمة حدوث حالة طوارئ مفهومة في البيوت ان غابت او غادرت في اجازتها السنوية ، ام انها المرأة ذاتها التي بدت متطلبة من اداء العاملة منذ البداية خاصة مع ظروف خروجها للعمل وتوقعت منها ان تنظف وتعد الطعام وترعى الصغار في غيابها او حضورها الامر سيان، اي ان تكون سوبر عاملة وتصنع كل شيء وتقوم بكل المهمات وحدها ؟ لا بد ان السؤال طاف كثيرا من قبل في افكار الناس واروقة الحوار الاجتماعي بصيغه المختلفة الناقدة والمتعاطفة في نفس الوقت غير ان الحاح التأمل يبقى على الاقل في تأمل الفروقات في تعاملنا الانساني مع قضية الادوار ومن سبب في خروج الحالة من مستوى وضع قابل للتعديل والوعي مع التجربة واكتساب المهارات إلى مستوى القضية الهاجس الحياتي الاول الذي تتوالد منها المشاكل لتؤثربدورها على المجموع بما فيهم الصغار.
ان هذه الاطلالة لا تعني بقصور او عتب إلى عطاء المرأة العاملة في مجتمعنا وكثيرات منهن قدمن النموذج المتكامل والارقى في الحياة العملية وفي البيت ونجحت في الموازنة بين ادوارها ووصلت بالفعل إلى مستوى سوبر انسان تنظم وقتها وتعتني بشئون عائلتها واطفالها مع مساعدة العاملة او لكن مع ذلك هناك دائما الجانب الآخر من الصورة بيوت اخرى قد لا تعمل فيه ربتها او تعمل ومع ذلك فهي لا تتابع بصورة مباشرة ادوارها ومسؤولياتها .
" لابد ان مفاهيم الزمن تغيرت " هكذا تبدأ قريبة ناضجة تأملها ....وتسترسل .." فقد كانت الام منذ سنوات قريبة تهتم برعاية اطفالها واعداد الطعام بشكل اساسي بينما يعهد للعاملة بالتنظيف ومهام البيت الاخرى ..وكانت العائلات متقاربة وتتعاون فيترك الصغار مع المربية في بيت الجدة او الخالة كي يكون هناك متابعة بدلا من تركهم مع غريبة مطلوب منها ان تقوم بكل مهام البيت مع رعايتهم وحدها ".
هنا تذكرت موقفا حدث لصديقة مع ابنتها ذات العامين والعاملة التي تركتها معها وذهبت لمراجعة الطبيبة وكانت حاملا في شهورها الاخيرة فما ان عادت وقبل ان تدخل المنزل سمعت صراخ الصغيرة الحاد متواصلا فهرعت إليها مذعورة وحكايات العنف مع الاطفال من قبل المربيات تطوف في ذهنها .
"ماذا حدث ؟! " صرخت بدورها
العاملة اكدت لها ما " ما فيه شي ماما "
الصغيرة الموهوبة الكلام ماشاء الله قالت شيئا آخر ! وحكت لأمها وسط الدموع كيف ان لاتى وضعت فلفلا حارا في فمها .
" فلفل ؟ والسبب ؟! "
يبدو ان الطفلة ارادت ان تبحث عن شريط كرتون فيديو معين فتناثرت الاشرطة بعد ان رتبتها العاملة رغم تحذيرها فوجدت ان الصغيرة تستحق ان تعاقب !
ترى لو كانت الام مع الصغيرة واوقعت كل الاشرطة هل كانت ستضع الفلفل الحار في فم ابنتها ؟ بل هل كانت ستفكر في عقاب بدني مؤلم ؟
بالطبع لا .
بمقدور الامثلة اذن ان تتمدد في كل الاتجاهات وكلنا ملم بها غير ان للقضية ابعادا لا يقتصر تأثيرها على الجانب التربوي والنفسي فقط وانما على التوازن الصحي ايضا وتنامي ظاهرة زيادة الوزن بين النساء والاطفال في المجتمع السعودي والخليجي بوجه عام
بقلم / شعاع الراشد