يهرب الموظفون السعوديون من أعمالهم وتفرغ المواقع وهذا يضع رجل الأعمال المسؤول في موضع الحرج والخسارة، والموظف الهارب دخله لا يتجاوز 1500ريال التي لا تفتح بيتا ولا تدفع إيجارا أو تصون بيتاً. هذا وتتجاوز نسبة الموظفين الهاربين أكثر من 20%. كذلك ذكر رجل الأعمال في حواره في جريدة "الرياض" السبت الماضي.
من ذا يلوم موظفاً دخله لا يشتري له تكاليف الحياة ورجل الأعمال يعلم ذلك ومستوى عقوده لا تسمح له بزيادة الرواتب.. سوء الخدمة وضعف الدخل يؤديان إلى شكل اقتصاد مشوه من سوء جودة وضعف في قوة شراء المجتمع (بسبب الدخل) يروي رجل الأعمال أنه تناقش مع وزارة العمل منذ ستة أشهر حول مشكلة قطاعه الاستثماري ولا رد حتى اليوم.
ألا يحق للشباب والشابات أن يحلموا بشيء بسيط مثل سيارة وبيت وحتى إيجار وأسرة، يقف بوجه طموح الشباب قناعات اقتصادية للأسف قديمة مثلاً استراتيجية تذويب البطالة القائمة على المعاهد المهنية يضخ أكبر عدد عمال وسعودة أي عمل مهما كان قليل الدخل، هذه الأفكار نفذت أثناء الحرب العالمية الثانية، وتغيرت تلك الأفكار منذ الخمسينات في الغرب على يد علماءالاقتصاد توفال وكاريه، مع العلم أيضاً أن المصانع السعودية تعاني ضعف الدخل لغلاء المواد الأساسية ومشكلة إغراق السوق بالسلع، وشركات الخدمات تعاني من الكثرة في السوق وكثرة ظهور التراخيص في نفس القطاع التي تؤدي إلى حرب أسعار.
لم لا تصنف بعض المهن التي يقل دخلها عن تكاليف الحياة مثلاً كشركات الأمن التي صرح بها الأستاذ ماجد السديري ويحاول تحسين دخل الموظفين لتحديد صندوق يدعم المؤسسات المتعاقدة مع هذه الشركات أو رفع مستوى العقود لتحسين مستوى الدخل لهذا الموظف، ومن القناعات الاقتصادية القديمة لدينا أن زيادة الرواتب تكون فقط لمواجهة التضخم مع أنها في الغرب سنوية بنسبة ثابتة مركبة.
وأيضاً يلتزم موظف الشركة بعقود بموجبها لا يستطيع ترك الشركة ولا يتجاوز العقد ستة أشهر براتب لا يقل عن 3500ريال ليسمح له بالحياة وعودة الطموح لمواصلة دراسته ليتحول إلى موظف ذي دخل أعلى في عمل آخر يستفيد منه الوطن علماً ومالاً، وهكذا دورة الاقتصاد، فإنه في الخارج يعملون في أسواق الخضار والأمن، ولكن براتب يسمح لهم بالحياة ودفع رسوم الجامعة ليكونوا مهندسين ومحاسبين. وكانت تلك المهن مؤقتة ومن شأنها أن تبقي أبواب الطموح دائماً مفتوحة.
ومن زاوية أخرى أرى انتقادات عنيفة ضد قرار وزارة التجارة الشجاع لمنعها تصدير الأسمنت بحجة نزول أسهم قطاع الأسمنت.. أرجو عدم تحويل السعودية إلى النموذج الأمريكي بحيث تكون الشركات أهم من المواطن، لأن المواطن هو أساس الاقتصاد، وبارتفاع الغلاء يتحول إلى كساد وأغلب الشركات في السوق سوف تهتز، والحل بسيط هو تشكيل مؤشر يتغير شهرياً يحدد نسبة الأسمنت المسموح للتصدير وللاستهلاك المحلي... هذا خير من حرمان المواطن حتى من الأسمنت.
بقلم / مازن السديري